أسامة شرشر يكتب: حبس «صاحبة الجلالة»
شهدت السنوات الأخيرة انفراجة هائلة فى حرية الرأى والتعبير فى مصر، وهو ما انعكس بالضرورة على حرية الصحافة، التى أصبحت تعمل دون قيود تقريباً، خاصة بعد تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى رئاسة مصر.
إلا أن البعض يريد أن يكون ملكياً أكثر من الملك، ويتوسع فى قيود القوانين على حرية الصحافة، بما يفقد هذه القوانين مهمتها الأساسية وهى تنظيم عمل المهنة والعاملين بها، ويحولها إلى قوانين صدامية مع أعضاء نقابة الصحفيين والعاملين بمجال الإعلام عموماً.. ولا ننسى أن نقابة الصحفيين بمجالسها المتعاقبة، حاربت لسنوات طويلة من أجل وقف حبس الصحفيين احتياطياً على ذمة قضايا النشر، أشهرها الصدامان سنتى 1996 و2006.
فهناك شواهد تؤكد أن هناك اتجاهاً قوياً للتقييد وحبس الصحفيين فى قضايا النشر، رغم أن عدم الحبس هو أحد مكتسبات القانون 96 لسنة 96 بإلغاء الحبس الاحتياطى، ومن العيب أن يعاد التفكير فيه بعد ثورتين، لتضييق الخناق على عمل الصحفى.
وبدلاً من أن نسعى معاً لتوفير ضمانة قانونية وحماية دستورية لعمل الصحفيين، كرقابة شعبية على السلطتين التنفيذية والتشريعية، نجد أن البعض يحاول العودة بنا للوراء وإلغاء مكتسبات الصحفيين، بأن يصبحوا مهددين دائماً وبالقانون، إذا تجاوزوا الحد الذى يريد هؤلاء وضعه أمام الصحفيين، والمفارقة أن هذه المحاولات تأتى فى الوقت الذى نجحت فيه نقابة الأطباء فى إلغاء الحبس الاحتياطى للأطباء بسبب الأخطاء الطبية من خلال قانون «المسئولية الطبية».
فأثناء مناقشتنا قانون «تنظيم الصحافة والإعلام» وجدنا محاولات من البعض لتعديل بعض المواد التى تضمن هذه الحماية القانونية للصحفيين والإعلاميين من الحبس فى قضايا النشر، وتشديد الخناق على ما هو متاح فى القانون بحكم الدستور، ومن هنا أنا أحذر من تعديل المادة 28 من قانون تنظيم الصحافة والإعلام، والتى تنص على: «لا يجوز الحبس الاحتياطى أو الإفراج بكفالة فى الجرائم التى ترتكب بطريق النشر أو العلانية، فيما عدا الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو التمييز بين المواطنين أو بالطعن فى أعراض الأفراد».
كما أقترح إضافة فقرة «فى وجود ممثل لأعضاء مجلس النقابة» للمادة 30 من قانون تنظيم الصحافة التى تنص على أنه «لا يجوز تفتيش مكتب أو مسكن الصحفى أو الإعلامى بسبب جريمة من الجرائم التى تقع بواسطة الصحف أو وسائل الإعلام إلا بحضور أحد أعضاء النيابة العامة»، لتكون النقابة التابع لها الصحفى أو الإعلامى ضمن إطار الحماية القانونية للصحفى والإعلامى، وإلا فما جدوى النقابات إذاً؟!.
وأخيراً أقترح إنشاء مركز تحكيم للمنازعات الصحفية والإعلامية، أسوة بلجنة المنازعات فى الأعمال الرياضية، بحيث تضم اللجنة قضاة ونقابيى وشيوخ المهنة، لضمان الحيادية حال اتخاذ موقف تجاه الهيئات الإعلامية الـ3 إذا حاولت التضييق على عمل الصحفى والإعلامى.
إن حرية الصحافة والإعلام هى الضمانة الوحيدة للرقابة الشعبية على أداء الحكومة والبرلمان، وأى محاولة لتقييد هذه الحرية لا تفيد إلا أصحاب الأغراض المريضة والفاسدين الذين لا يريدون أن يعرف بفسادهم أحد.. اللهم بلغت اللهم فاشهد.