النهار
الخميس 13 مارس 2025 03:22 مـ 14 رمضان 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
مسام يتلف 2427 قطعة من مخلفات الحرب غير المنفجرة في أبين طلاب «تكنولوجيا الملابس» بجامعة حلوان التكنولوجية يبدعون في مشروعات التخرج معهد التخطيط القومي والمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط يوقعان مذكرة تفاهم لتعزيز الشراكة في مجالات البحث العلمي النيابة العامة تحيل متهمين إلى محكمة الجنايات لاتهامهما بحيازة وصناعة مواد من المفرقعات محافظ البحيرة تفتتح مشروعات جديدة بإحدى الشركات الزراعية بمركز ابوالمطامير Alienware تطلق ستة شاشات ألعاب بمواصفات متطورة المشدد 7 سنوات لشقيقان وعاطل لسرقتهم شخص بالإكراه بعد استدراجه والتعدى عليه بالقليوبية لماذا تراجع الرئيس الأمريكي ترامب عن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة؟ جيدا منصور تنهار بعد مواجهة ساخنة مع زملائها.. وتدخل في أزمة نفسية بمسلسل أثينا المستشارة أمل عمار تشارك فى فعاليات جلسة ” إنجازات وتحديات ما بعد بيجين واقتصاد الرعاية” رئيس الوزراء الباكستاني يشيد بالجيش وقوات الأمن المستشارة أمل عمار تشارك في الحدث الجانبي حول الحماية الاجتماعية

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: ماذا يحدث فى سوريا؟

أسامة شرشر - رئيس تحرير جريدة النهار
أسامة شرشر - رئيس تحرير جريدة النهار

حالة من الفوضى ومؤشرات حرب أهلية تحدث فى الساحل السورى باللاذقية وطرطوس وحماة وحمص، نتج عنها وفاة ألف قتيل نتيجة هذه الأحداث الدموية، حتى قيل إن دم العلويين أصبح مستباحًا كالكفار.

وهناك أخبار عن حالات إعدام تتم بشكل عشوائى، تحركها النعرات الطائفية، حتى وصل الأمر إلى دعوة مجلس الأمن من خلال روسيا وأمريكا لجلسة طارئة لمناقشة ما يجرى ويحدث فى سوريا، واتهام فلول النظام السابق- بدعم من دول إقليمية- بمحاولة إحداث فوضى فى البلاد وقيام حكومة الشرع باستخدام كل الطرق المشروعة وغير المشروعة لوأد الفتنة الداخلية، بينما أصابع الاتهام تشير إلى إسرائيل وإيران.

وهذا يجعلنا نحذر من أن أورقة الأقليات والطوائف السورية أصبحت فى مرمى الحكومة رغم تشكيل لجنة تقصى حقائق، وعدم تفعيل قانون العدالة الانتقالية والمواطنة بين المواطنين، خاصة أن الشعب السورى متنوع ومتعدد الأيديولوجيات، وهذا ما كنا نحذر منه بأن سوريا بمكوناتها من علويين ودروز ومسيحيين تحتاج إلى الشفافية والوضوح من الحكومة السورية ووضع خارطة طريق جديدة للحفاظ على الهوية والتراب السورى، خاصة مع تحرك تنظيم داعش المريب على حدود سوريا والعراق.

لقد حذرت مصر وتحفظت منذ البداية، ودعت لضرورة التعامل مع كل المكونات السورية بلا تمييز؛ حتى لا تكون سوريا ساحة لتصفية الحسابات بين تركيا وإيران على حساب تركيبة الشعب السورى، ولكن أحداث الساحل السورى هى صافرة إنذار خطيرة بأن الوضع فى سوريا غير مستقر وهش، خاصة مع موقع سوريا الجغرافى، وفى ظل وجود عناصر من حزب الله والأكراد وكل الميليشيات الإرهابية، مما يجعل الموقف داخليًّا على حافة بركان من استخدام ورقة الطائفية والأقليات لإحداث حرب أهلية.

ورغم اجتماع دول الجوار الخمس فى الأردن على المستوى الدبلوماسى والمخابراتى بين الأردن وسوريا والعراق وتركيا ولبنان للحفاظ على الوضع فى سوريا ما زال الموقف غامضًا ومربكًا ومرشحًا للاشتعال والتجاوزات، خاصة أن ما تم فى المدن الساحلية السورية تم بشكل احترافى ومنظم.
ورغم بيانات الرئيس الانتقالى أحمد الشرع للحفاظ على السلم الاجتماعى والتحقيق الشامل فى أسباب ما جرى، وكشفه أن هناك دولًا خارجية ومجموعات محلية لا تريد الاستقرار فى سوريا فإن المثير للجدل والدهشة أنه ما زالت الاضطرابات الأمنية مستمرة فى الساحل وفى درعا والسويداء، وهناك صدام بين فلول الرئيس السابق وقوات الجيش والشرطة الجديدة، لدرجة أن المعركة أصبحت معركة حوارى وشوارع، فالموقف ما زال مشتعلًا ويسقط القتلى من المدنيين والأبرياء فى هذه المعركة التى لم نعرف تفاصيلها بدقة وأمانة، خاصة أن فلول النظام السابق، حسبما نُشر، يستخدمون الأكمنة بطريقة استخباراتية مكنتهم من عمل أكثر من 45 كمينًا لقوات الشرطة والجيش والتعزيزات الداعمة لهما.
فالمسألة الآن أصبحت تستدعى التعامل بحذر وذكاء سياسى فى هذا الملف الطائفى الذى أصبح على حافة الانفجار فى كل الاتجاهات، ونحن نتساءل: كيف تمكن تنظيم (هيئة تحرير الشام) الذى قاده أحمد الشرع من الاستيلاء على سوريا بلا مقاومة بين ليلة وضحاها بعد 14 عامًا من المعارك كان النظام السورى السابق خلالها مسيطرًا على الأماكن الإستراتيجية؟!
فالتخوف الآن فى الشارع السورى أن تتحول سوريا إلى مطمع للدول الإقليمية والدول الخارجية، للاستفادة من موقعها الجغرافى ووجود ثروات البترول والغاز بها.
والسؤال: هل سينجح النظام الحالى فى العبور من هذه العاصفة التى كشفت عورات ما يجرى فى داخل المدن السورية خاصة فى اللاذقية؟ وهل سيتمكن من رد فلول النظام السابق التى تعمل بدعم إقليمى ودولى وكأنها أصبحت دولة داخل الدولة؟ وكيف تتمكن هذه الفلول من مفاجأة الجميع من خلال معلومات وتحركات تستهدف الأماكن الإستراتيجية ومحطات الوقود والكهرباء؟ الغريب أن هذه الفلول تستخدم نفس طريقة تنظيم القاعدة وتذيق الشرع من نفس الكأس التى كان يذيقها للنظام السابق، ولكن أيًّا كانت الخلافات والاختلافات فإن من يدفع الثمن هو الشعب السورى صاحب التنوع والتسامح والثقافة العابرة للحدود.
ولا بد أن تتكاتف الدول العربية بعد أن عادت سوريا إلى حضن الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامى، من خلال دعم حقيقى على أرض الواقع لكى تعبر سوريا هذه الأزمة التى قد تؤدى إلى تفككها وتحولها إلى دويلات نتيجة شرارة الحرب الأهلية بين الأقليات والتنظيمات فى كل أفرع الدولة.
أقول: ارفعوا أيديكم عن سوريا، فدمشق لا تستحق ذلك، واتركوا هذا الشعب العظيم يعيش فى أمان واستقرار، بعدما ذاق ويلات الحرب والتشريد والتهجير على مدار 14 عامًا.
ما يجرى من أحداث فى سوريا يجب أن يتوقف فورًا لأن الأنظمة زائلة وشعب بلاد الشام الخالد هو الباقى، ولقد كانت دمشق إحدى الأذرع الرئيسية للأمن القومى العربى، وكانت تمثل البوابة الشرقية له، ولديها جيش عظيم هو جيش سوريا الوطنى الذى خاض مع مصر حرب 1973، وكانت سوريا ومعها العراق- بجانب مصر بالطبع- أصحاب الجيوش العربية القوية فى منطقة الشرق الأوسط.
ويبدو أن تصفية الجيشين فى سوريا والعراق كانت هدفًا للكيان الصهيونى لأنها كانت وستظل جيوشًا ممانعة ومقاومة لتمدد الاحتلال، ولكن ما لا يعلمه هؤلاء الصهاينة أن جيش مصر خير أجناد الأرض لهم بالمرصاد، وأن شعب سوريا سيظل مقاومًا حتى بالكلمة، فهو شعب صاحب حضارة وتاريخ وثقافة، ويضم بين جنباته علماء ومفكرين وشعراء كبارًا، وهذا كنز لا نظير له ولا يقدر بالأموال، وهذا ما يجعله مستهدفًا، ولكنه سيظل آخر قنديل زيت على أرض العروبة والقومية العربية.

لذلك أطالب الرئيس أحمد الشرع بأن يتم فتح باب حوار حقيقى، وليس حوارًا وطنيًا لعدة أيام ينتهى بلا حوار، وأن يستمع إلى أطياف الشارع والأقليات حتى يتم بناء سياسى جديد يستوعب الجميع، ويتم إصدار دستور يحقق تطلعات الشعب السورى، ويشارك فيه كل الطوائف والمرأة أيضًا، ويتم رفع كافة القيود عن الإعلام والصحافة من خلال ضوابط قانونية، وتطبيق قانون العدالة الانتقالية حتى لا تكون هناك فزاعة اسمها الانتماء للفلول، فمن خلال محاكمات عادلة يتم تبرئة من لم تتلوث يده بدماء السوريين، ويتم حصار الفاسدين والمفسدين والقتلة، الذين دمروا الدولة وشردوا الشعب، فهؤلاء يستحقون محاكمة شعبية أمام الرأى العام السورى والعربى والدولى، وإلا دخلت سوريا الدائرة الجهنمية السابقة، وتحول الجميع إلى تروس تعمل على إبادة الأفكار والآراء والبشر.