أســـامة شرشر يكتب: سيناريو غزة يتكرر فى الضفة الغربية!

بعد تراجع ترامب عن اقتراحه أو توصيته بتهجير أهل غزة والموقف المصرى التاريخى والتحرك الدبلوماسى الموضوعى، وتلاحم الدول العربية خلف مصر فى لحظة فارقة فى تاريخ المنطقة أصبحت القضية واضحة بعد القمة التشاورية فى الرياض والقمة العربية التى ستُعقد يوم 4 مارس المقبل.
دعونا نقول إن أهم جزئية حدثت فى هذه القضية لإفشال المشروع الترامبى الإسرائيلى الصهيونى هى اصطفاف الشعب المصرى خلف الرئيس السيسى ودعم الجيش المصرى فى الموقف الثابت (لا للتهجير.. ولا لتصفية القضية الفلسطينية)، ولا ننسى أو نتناسى الموقف القطرى الناضج الذى لعب دورًا خطيرًا بالتنسيق مع مصر فى إفشال كل المخططات، وكذلك إعلان ولى العهد السعودى الرفض الكامل لتهجير أهل غزة ودعمه موقف مصر بإعلانه (لا تطبيع مع الكيان الصهيونى إلا بعد حل الدولتين).
هذا التوحد العربى الاستثنائى الذى لم يحدث منذ فترة طويلة أعطى رسالة قوية للأمريكان والصهاينة والعالم كله أنه لا تراجع عن الحقوق الفلسطينية.
ولكن على الجانب الآخر يجب أن يحتاط الرؤساء العرب فى قمة القاهرة القادمة، مما يتم تنفيذه الآن- وهذه هى الكارثة الثانية- فالسيناريو الذى تم فى غزة يتكرر بنفس الشكل وبنفس الطريقة وبنفس الإبادة لأهلنا فى الضفة الغربية، ومدنها وقراها، باستخدام كل أنواع الأسلحة والقنابل الأمريكية المحرمة، لأن هذه المدن على خط التلامس مع تل أبيب والمدن الإسرائيلية، من خلال المستوطنات التى تسللت إلى الأراضى الفلسطينية، وهم يحاولون بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة خلق أزمة جديدة مع الأردن الذى لا يستطيع أن يتحمل أن يكون هناك تهجير آخر من أهل الضفة الغربية والقدس الشريف، وهذا هو المشروع الإسرائيلى الجديد، فعندما فشل مخطط غزة جاء البديل بمخطط الضفة الغربية، ويجب أن تكون قرارات القمة العربية (لا للتهجير فى غزة والضفة الغربية والقدس الشريف)، كما يجب احترام قرارات الشرعية الدولية فى حق الفلسطينيين فى إقامة دولتهم، ولكن أخشى ما أخشاه، وأنا هنا أنبه وأحذر، من محاولات إشعال الفتنة بين الفصائل الفلسطينية وخاصة حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية المعترف بها دوليًا وأمميًا، خاصة أن حماس تطالب بالمشاركة فى إدارة قطاع غزة، وهو ما يخلق أزمة جديدة، سيستغلها اليمين المتطرف لضم الضفة الغربية وجعلها امتدادًا للمدن الإسرائيلية.
كل هذه المخططات يجب الانتباه لها فلسطينيًا وعربيًا، خاصة أننا نجحنا فى إفشال مشروع غزة مصريًا وعربيًا، ويجب أن تكون الاستمرارية هى عنوان الموقف العربى الموحد باستخدام كل أدوات الضغط العربية، لإفشال مشروع الضفة الغربية، بل القدس الشريف نفسها، لأنهم ما زالوا مقتنعين بأن المسجد الأقصى مقام على هيكل سليمان، وهو يهودى، وليس للمسلمين أى حقوق فيه، وليس لهم أو للمسيحيين أى حق فى الأراضى المقدسة بفلسطين كلها.
فلذلك فإن القضية لم تنته ولكنها ستأخذ منحنى آخر وشكلًا آخر فى الضفة الغربية، وما شاهدناه من إبادة جماعية ومحاولة التهجير القسرى والتطهير العرقى سيتم فعله فى مدن وقرى الضفة الغربية.
ولذا أقترح على القادة العرب فى القاهرة التمسك بالقضية الفلسطينية بما يشمل غزة والقدس الشريف والضفة الغربية وحدة واحدة لا تتجزأ، وأعتقد أن الموقف المصرى والعربى الاستثنائى الذى تم اتخاذه سيبنى عليه فى المرحلة القادمة، بوضع الحل النهائى لقضية الصراع العربى الإسرائيلى إذا كانت مصر والدول العربية لاعبًا رئيسيًا فى هذا الصراع.
انتبهوا؛ فالخطر ما زال قائمًا علينا، والشعوب العربية جاهزة من المحيط إلى الخليج قولًا وفعلًا الآن بحوالى 500 مليون عربى و2 مليار مسلم سيدعمون الموقف العربى فى عدم الاقتراب من المسجد الأقصى والضفة الغربية.
إن مصر تقود أكبر مواجهة ومعها الدول العربية للتصدى لكل المخططات الشيطانية الإسرائيلية والأمريكية حتى تكشف للعالم بأسره أن العرب عندما يتحركون ويتوحدون ويدعمون مصر تكون البوصلة تتجه إلى الحفاظ على الثوابت العربية والأرض الفلسطينية بداية من غزة مرورًا بالضفة الغربية ونهاية بالقدس الشريف والمسجد الأقصى.
ونحن على أبواب شهر رمضان ندعو للقادة العرب فى هذا اللقاء التاريخى أن يظل هذا الترابط والتوحد قائمًا أمام الأمريكان ومخططات اليمين المتطرف الإسرائيلى، حتى لا يتحول الصراع كما يريدون إلى صراع عقائدى ودينى، وتدفع الشعوب العربية ثمن هذه الفوضى المدمرة للجميع.