أسامة شرشر يكتب: هنا القاهرة.. يا ترامب

الشعب العربى والمصرى لأول مرة فى حالة ترقب وانتظار لما ستتخذه القمة العربية بالقاهرة من قرارات وآليات لتنفيذها وأهمها إعادة إعمار غزة ومنع تهجير الفلسطينيين بقرارات فاعلة على أرض الواقع، ومن خلال خطة مدروسة يتم التوافق عليها من كل الدول العربية لتكون رسالة للعالم أن الوحدة العربية أصبحت حقيقة على أرض الواقع، خاصة بعد المشهد المثير والعجيب الذى تناقلته كل وسائل الإعلام على الهواء بين ترامب وزيلينسكى، فهى ليست فضيحة بالمعنى الدارج ولكنها إهانة لرئيس دولة بشكل فيه نوع من الاحتقار والمهانة لشخصه، من خلال حوار مرتب بين ترامب ونائبه فانس.
أمريكا أصبحت فى حالة سعار اقتصادى وسياسى لتحقيق حلمها الوهمى (أمريكا العظمى).
لذلك كانت القاهرة هى نقطة التحرك الواعى والديناميكى والعملى فى رفض تصريحات ترامب، وجاءت أخطر رسالة منها بعدم ذهاب الرئيس السيسى إلى واشنطن رغم أن ترامب يعلم تمامًا مكانة مصر ولا يجرؤ على محاولة تكرار ما يفعله مع الرؤساء الزائرين للبيت الأبيض مع رئيس مصر.
كان التحرك المصرى والعربى فى توجيه البوصلة السياسية نحو الرفض المطلق لمقترحات ترامب وتقديم الرؤية والخطط البديلة لعملية الإنقاذ والتعافى لأهل غزة مع بقائهم فى وطنهم، على أن يتم تمويل إعمار غزة، حسب التقارير الأممية، بحدود 53 مليار دولار على مدة 3: 5 سنوات، ولم تُطلع مصر أى طرف من الأطراف الأجنبية على تفاصيل خطة إعادة إعمار غزة حيث سيتم عرضها على وزراء الخارجية ثم رؤساء الدول العربية.
ولكن يجب أن تكون القمة الطارئة فى القاهرة هى بداية للم الشمل العربى ووحدة القرار العربى أمام التغيرات والمتغيرات الجيوسياسية التى تحدث فى العالم وأمام الاتفاقيات التى لا تحترم المواثيق والقوانين الدولية، ولا بد من نظرة واقعية لتحجيم المشروع الصهيونى اليمينى الإسرائيلى الجديد، من خلال استخدام كل الأدوات العربية للتأثير فى القرار الأمريكى وحتى نضمن انصياع إسرائيل للرؤية الأمريكية، وأعتقد أنه بعد القمة العربية ستكون هناك قمة إسلامية طارئة فى الرياض لإقرار خطة إعمار غزة.
محاولات نتنياهو واليمين المتطرف عدم البدء فى المرحلة الثانية من الهدنة ومنع دخول المساعدات الغذائية إلى غزة هى محاولات لاستعراض القوة، ونوع من الضغط المباشر على حماس والجهاد لتقديم تنازلات لاستمرار الهدنة دون البدء فى المرحلة الثانية، وعدم خروج إسرائيل من محور صلاح الدين (فيلادلفيا) حتى تضمن وصول الأسرى الإسرائيليين وتبدأ فى اليوم التالى ضرب البقية الباقية من حماس والمقاومة الفلسطينية.
ما يجرى فى طولكرم وفى جنين من تهجير وإبادة لأهلنا فى الضفة الغربية هو نوع من أنواع الاستمرار الإسرائيلى فى نسف أى اتفاقيات ومفاوضات وحوارات دبلوماسية، بل إن إسرائيل تمادت ومنعت دخول المساعدات الإنسانية، وأغلقت المعابر، فى محاولة للاحتكاك المباشر وجر رجل حماس، لإعادة إشعال الحرب ومنع إعادة إعمار غزة، ولا تتورع عن تجويع المدنيين وفرض الحصار فى سبيل التأثير على حماس وعلى المقاومة الفلسطينية.
وأنا أؤكد أن بقاء حماس والجهاد والشعب الفلسطينى الذى يمثل المقاومة الحقيقية كشوكة فى ظهر الكيان اليمينى المتطرف الإسرائيلى يمثل لهم حالة رعب وذعر من بقاء حماس فى المشهد السياسى، وأعتقد أن هذه ورقة ضغط يجب أن يعول العرب عليها وليس كما ينادى البعض أن يتم إبعاد الحركة عن المشهد، فهل هناك تحرر وطنى واستقلال حدث فى أى دولة فى العالم إلا نتاج مقاومة حقيقية؟ أم أن هناك بعض الدول التى طبّعت تريد تسليم المقاومة الفلسطينية على طبق من فضة لنتنياهو وإسرائيل؟!
إن طوفان الأقصى بما له أو عليه حرك المشهد الفلسطينى ليس عربيًّا فحسب، ولكن دوليًّا، فاستقرار الشرق الأوسط لن يحدث أو يتم إلا من خلال إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وبتنفيذ القرارات الدولية.
نحن أمام صراع تفاوضى ودبلوماسى وتكتيكى مع اليمين المتطرف الإسرائيلى، ويجب استخدام كل أدوات الضغط العربية سواء كانت سياسية أو اقتصادية ولو وصل الأمر إلى المواجهة العسكرية.
فكما قلنا، وأكدنا، إن مصر عادت إلى المشهد العربى بقوة ويجب أن يكون هناك دعم لوجستى عربى وخاصة من دول الخليج لعبور مصر من أزمتها الاقتصادية حتى تتفرغ للمواجهة السياسية أو العسكرية إذا حدثت.
محور صلاح الدين أحد محاور اتفاقيات السلام، وعدم خروج الكيان من هذا المحور الإستراتيجى هو تهديد للأمن القومى المصرى وشبه جزيرة سيناء ونسف كل اتفاقيات السلام بين الجانب المصرى والإسرائيلى، رغم أن وزير الخارجية بدر عبد العاطى ووزراء الخارجية العرب وخاصة القطرى محمد بن عبدالرحمن آل ثانى يعملون ليل نهار لمحاولة عدم انفجار اتفاق الهدنة، وبدء المرحلة الثانية منها، ويبذل الجانب المصرى والقطرى كل ما لا يتخيله أحد من جهد للبدء فى المرحلة الثانية والانسحاب الإسرائيلى من قطاع غزة ومحور صلاح الدين.
ولكن السؤال المطروح: ماذا لو ضربت إسرائيل عرض الحائط بمخرجات القمة العربية وخطة إعمار غزة؟ ورفضت المرحلة الثانية فى الهدنة؟ فما الرد العربى وليس المصرى فقط؟ وما السيناريو البديل؟ المواجهة ثم المواجهة.
فهل ستدعمون مصر اقتصاديًّا إذا بدأت المواجهة.. سؤال يحتاج إلى إجابة.
القمة العربية فى قاهرة المعز هى قمة البقاء والوجود، أن نكون أو لا نكون.. فنريد قرارات ترضى عنها الشعوب العربية وتكون رسالة قوية لأمريكا قبل إسرائيل.
ليست هناك رفاهية من الوقت أو المماطلة، فالمنطقة على حافة البركان والاشتعال.
فانتبهوا يا عرب..
هنا القاهرة.. يا ترامب.