أسامة شرشر يكتب: مصر فى كأس العالم
عدالة السماء وكلمة يا رب كانتا السر فى صعود منتخب مصر إلى كأس العالم، فى اللحظة الأخيرة من مباراتنا مع منتخب الكونغو.
تأتى هذه الفرحة فى وقت يحتاج فيه الشعب المصرى العظيم لفرحة من القلب، بعد أحداث طالت فى السنوات الأخيرة، وثورتين أجهدتا المجتمع فى كل النواحى.
اللقطة الأهم فى صعود مصر أن هذا الحدث جعل اسم مصر يصدح عالياً فى كل وسائل الإعلام العالمية، وينتشر كالبرق فى السوشيال ميديا، وهو ما يعتبر إعلاناً مدفوع الأجر من دعوات الشعب المصرى ووقوفه خلف منتخبه حتى اللحظة الأخيرة، مما أجبر الجميع على الاهتمام بهذا الحدث الجلل.
هذه الدعاية التى حصلنا عليها لا بد أن نبنى عليها كثيراً، ونرتب أوراقنا لاستغلال الحدث اقتصادياً وسياسياً ودبلوماسياً وثقافياً وإنسانياً، من خلال عدة رسائل هامة أبرزها أن الجندى الحقيقى فى هذا الإنجاز هو الشعب المصرى الذى عبر بمنتخب مصر رياضياً فى ذكرى عبور القوات المسلحة المصرية خط بارليف الإسرائيلى الذى أذهل العالم عسكرياً، لتنضم مصر بعلمها ونشيدها القومى إلى 31 دولة أخرى تلعب فى البطولة الرياضية الأبرز عالمياً.
النقطة الثانية أن هذا المشهد وخروج الملايين من شباب وسيدات مصر ورجالها للاحتفال فى كل الميادين بالمحافظات، هو رد عملى على محاولات تشويه الشباب وتسميم أفكارهم على مواقع التواصل الاجتماعى، بأن شباب مصر يعرفون معنى الانتماء ليس ككلمة وإنما كواقع عملى نقلته كاميرات تليفزيونات العالم، أن شعب مصر يعشق تراب هذا الوطن.
ثالثاً: أثبتت المباراة حالة الأمن والأمان الحقيقى فى كل شوارع وميادين مصر، أثناء المباراة وبعدها، فالمباراة حضرها 90 ألف مشجع بلا حالة تحرش واحدة أو الصدام مع جهاز الشرطة بأى صورة، والشوارع ملأها ملايين المحتفلين دون أى شىء يعكر صفو الصورة المثالية، مما يرسل رسالة للرئيس الروسى فلاديمير بوتين الذى ستقام بطولة كأس العالم على أرض بلاده أن مصر آمنة فعلاً سواء فى مطاراتها أو فى شوارعها، وسواء فى العاصمة أو فى أى محافظة من محافظاتها، ويشجعه بشدة على اتخاذ قرار عودة السياحة الروسية مرة أخرى إلى مصر، ويجعلنا نقول بأعلى صوت «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين».
رابعاً: أدعو الرئيس عبدالفتاح السيسى لتكريم عناصر المنتخب الوطنى فى المؤتمر العالمى للشباب الذى يعقد فى مصر خلال الشهور القادمة، ليكون مثالاً ونموذجاً لشباب وبنات مصر بأن التصميم والإرادة والتحدى توصل المجتهد إلى هدفه رغم كل المعوقات والسلبيات، وعندما يتحقق الهدف ينسى الجميع التفاصيل ويحتفلون بالوصول إلى الهدف.. فأعتقد أن هذا التكريم سيكون نموذجاً عملياً للشباب يقتدون بهم فى التحدى والإرادة لتحقيق الحلم الصعب.
النقطة الأهم فى صعود مصر إلى نهائيات كأس العالم فى روسيا فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى بعد غياب 27 عاما، أنه بداية يمكن أن نبنى عليها سياسياً ودبلوماسياً لأن كرة القدم أصبحت خير سفير للشعوب، وتحقق أهدافاً قد تفشل فى تحقيق الأدوات الأخرى، فلذلك يجب استغلال هذا الحدث لكشف الحقائق أمام العالم أن شباب مصر يمارس كل أنواع التعبير عن الرأى بكل حرية، حتى نفضح الادعاءات الظلامية سواء من جماعة الإخوان الإرهابية أو بعض المنظمات الدولية المدعومة من قطر وأردوغان.
كما لا ننسى أن صعود مصر إلى كأس العالم أحدث دوياً فى الشارع العربى من المحيط إلى الخليج، وهذا ما عبر عنه الشيخ محمد بن زايد، ولى عهد أبوظبى، والشيخ محمد بن راشد، حاكم دبى، بأن وصول مصر لنهائيات كأس العالم أسعد العالم العربى من المحيط إلى الخليج.
وأخيراً فإن وصول مصر والسعودية وتصدر تونس والمغرب لمجموعتيهما وسوريا على أبواب التأهل لكأس العالم- لهو إشارة خطيرة بنهاية عهد الفساد الذى كان يقوده عيسى حياتو فى إفريقيا وبعض المأجورين فى آسيا، ليكون حائلاً أمام وصول الدول العربية لكأس العالم، بل وصل الأمر إلى التدخل من الفيفا لدعم إمارة قطر الإرهابية لتنظيم كأس العالم 2022.
فوصول مصر والسعودية بصفة خاصة رسالة إلى إمارة قطر بأن الشعوب تقف خلف أوطانها وحكامها، بعيداً عن التمويل والإرهاب.
الحدث ضخم ويحق للأجيال الجديدة التى سمعت عن وصول منتخب مصر لكأس العالم 90 ولم تر ذلك بأعينها أن تفخر أن مصر وصلت إلى كأس العالم وتلعب وسط الكبار، لأنها كبيرة ولا تتوقف أمام ترهات الصغار.