أسامة شرشر يكتب: دستور يا أسيادنا
الدساتير من صنع البشر وليست منزلة من السماء، و أى دستور هو في النهاية منتج بشري بعقول وجهود سياسية وقانونية لشخصيات علمية وعامة يتم اخنيارها وفق معايير موضوعية ، و ما ينتهى إليه هؤلاء هو وثيقة تم استفتاء الشعب عليها لتكون تعاقدا بين الشعب والحاكم طوال فترة حكمه والدستور الذى يتم اقراره يتضمن مواد تحميه وتنظم طرق تعديله بضوابط لا يمكن تجاوزها إلا فى حالة ثورة أو ضرورة قصوى تتعلق بالأمن القومى ومقتضياته .
وأتعجب من البعض الذين ينادون بتعديل الدستور الآن بحجة زيادة مدة الرئاسة من 4 سنوات إلى 6 سنوات رغم أن الرئيس السيسي قال في مؤتمر الشباب الأخير بمدينة الإسكندرية، إنه يحترم الدستور والقانون، ولن يزيد يوما واحدا عن فترة ولايته لأنه زاهد في السلطة وعاشق للوطن والمواطن، وليس له حزب سياسي، ولكن ظهيره الحقيقي هو الشعب المصري بكل فئاته.
فالذين يعزفون على وتر تمديد فترة الرئاسة يعبثون بمقدرات هذا الوطن حيث إن الانتخابات الرئاسية باتت على الابواب وهى ما يجب الاستعداد له دون سواه. أنا لست ضد التعديل في المطلق فالدساتير ليست قوانين أبدية سرمدية حتى وان وصفت بأنها دائمة ، ولكن متى يكون التعديل؟ .. يكون التعديل في وقته بعد أن نكون قد انتهينا من تفعيل وتطبيق مواد الدستور فعلا، وترجمناها إلى مشروعات قوانين يتم دراستها ومناقشتها، ومن خلال نظرية التجربة والممارسة التشريعية والقانونية نعرف إذا كانت هذه المواد تحتاج إلى تعديل أو إضافة أو حذف بما يتماشى مع مصلحة الشعب.
ولا أدري.. هل يعلم الذين يطالبون بتعديل الدستور أم لا يعلمون أن المواد المتعلقة بالمدة الرئاسية محصنة بنص المادة 226 من الدستور المصري؟ فوفقا لنص هذه المادة «لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أوبمبادئ الحرية، أوالمساواة، ما لم يكن التعديل متعلقًا بالمزيد من الضمانات»، وبالتالى فإن طرح فكرة مد فترة الرئاسة من 4 سنوات إلى 6 سنوات اقتراح غير دستوري و فق الدستور نفسه الذى تم استفتاء الشعب عليه واقسم الجميع على احترامه ، وهو طرح فى هذا التوقيت من شأنه أن يثير البلبلة و يمثل ردة للخلف، فكيف نناقش فكرة تعديل الدستور أصلا دون عرض الفكرة أولا على الشعب المصري ليقررها أو يرفضها؟ ناهيك عن أن أعضاء البرلمان الذين ينادي بعضهم بتعديل مدة الرئاسة تم انتخابهم على أساس هذا الدستور، ولكي يتم تعديل الدستور يجب أولا حل مجلس النواب وفق اراء المختصين .
وأخيرا.. فإن طرح هذه الفكرة في هذا التوقيت، هدفها إثارة للبلبلة وقلب للحقائق وإثارة للشارع المصري، وهو ضد تثبيت الدولة المصرية الذى ينادى به الرئيس عبدالفتاح السيسي شخصيا، بهدف الحفاظ على مؤسسات الدولة ومقدراتها، وأول وآخر مقدرات الدولة هو دستورها فمما لا شك فيه أن عملية تعديل الدستور من اخطر الأعمال التي قد تحدث في أي دولة من دول العالم من حيث التغييرات التي تأتي بها على خصائص الدساتير التي اقرها الشعب واستقر عليها رأى الأغلبية من المواطنيين والدستور هو عصب الحياة القانونية للدولة وتغييره لابد أن يأتى وفق رغبة الأمة وموافقاً مع ما تريده ... فسمو الدستور يستوجب أن ندرس ماهى الآثار السلبية أو الايجابية للتعديل ..
لهذا قبل أى تعديل أنبه إلى أنه دستور يا أسيادنا.. فانتبهوا يرحمكم الله.