أسامة شرشر يكتب: رحيل القرضاوى .. مفتى الدم
لا شماتة فى الموت ولا تصفية حسابات مع من مات، لكنه تاريخ موثق فيه العبرة والعظة والدرس الذى يجب أن يتعلمه من كان حيًا أو شغل موقعًا كالذى شغله الشيخ يوسف القرضاوى الذى أسس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، وترأسه وحوله لرأس حربة ضد استقرار الأوطان العربية، وخاصة أهله وشعبه ووطنه مصر، التى حاول الانتقام منها بالأفكار والفتاوى واستخدام لغة القتل والدم مستغلًا كونه «داعية» للأسف الشديد؛ ليعلن ولاءه للذى يدفع أكثر، فأصبح يتحالف مع الشيطان والإخوان والمخابرات الأجنبية للانتقام من الشعب المصرى، وخاصة جنود ورجال القوات المسلحة والشرطة.
ولا ننسى ولا ينسى الشعب المصرى موقفه عندما وقف فى ميدان التحرير ليعلن أن مصر لا تعنيه، ولكن وصول الإخوان للحكم هو الغاية والهدف بأى شكل وبأى وسيلة.. وكان «عرّاب الإخوان» فى كل مكان داخل مصر وخارجها.
فهذا ليس انتقامًا من هذا الرجل الذى بلغ من العمر أرذله ولكنه رسالة إلى كل من يهمه الأمر من أشقياء مصر الهاربين فى الخارج الذين استباحوا الأعراض والأرحام وصلة الدم، وحتى الدين نفسه جعلوه مسخرًا لخدمة أهدافهم للوصول للسلطة بأى شكل كان.. والشعب المصرى يفرز من هو الداعية الحقيقى ومن يأكل على كل موائد السلطة.. فكان لا بد أن نلقى الضوء على أفكار هذا الرجل التى هزت وزعزعت فى يوم من الأيام فكر ورؤية الشباب المصرى بصفة خاصة والشباب العربى بصفة عامة؛ حتى وصل به الأمر إلى أفغانستان وكل البؤر التى تجد الأفكار الهدامة فيها وسيلة للقتل والدمار.
فلا أحد يمكن أن ينسى أن القرضاوى هو الذى أفتى بقتل القذافى رغم أنه تجمعه به علاقة قديمة والتقاه أكثر من مرة ومدحه، لكن على وقع ما أُطلق عليه الربيع العربى وتحول القرضاوى لشخص شديد الدموية؛ فليس فقط ساهم بفتواه الدموية فى قتل القذافى بل أفتى بقتل بشار، واعتبر من يقتله مجاهدًا فى سبيل الله، بل زاد على ذلك بقوله «وأتحمل أنا سفك دم بشار عن القاتل».
كما أنه كان من المحرضين والمحركين للعنف فى مصر بشرعنته لجماعة الإخوان الإرهابية التى ينتمى إليها وشرعنة جرائمها وعدوانها على رجال الجيش والشرطة بفتاوى دموية اشتهر بها طوال تاريخه.
وفتاوى القتل وخاصة للرؤساء والحكام ليست جديدة على سجل الإخوان الدموى؛ فقد أفتى من قبل محمد فرغلى وعبدالقادر عودة اللذان كان وراء حادث المنشية 1954 بقتل الرئيس عبدالناصر، كما أسس سيد قطب تنظيم 1965 لتكرار محاولة اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر، باعتباره كافرًا؛ بحسب آرائهم المضللة والإرهابية.
ولم تكن فتوى عمر عبدالرحمن، مفتى الجهاد، بقتل السادات سوى امتداد للنهج الإخوانى الذى صار القرضاوى فى وهج وتوهج ثورات الربيع العربى زعيمه؛ فصار يفتى بقتل هذا وذاك بل يزعم أن ذلك قربة إلى الله، وهو ما حوله لمفتى الدم، ذلك اللقب الذى اشتهر به فى السنوات الأخيرة عالميًا وإقليميًا ومحليًا.
إننا لا نحاكم رجلًا مات؛ فالشماتة فى الموت ليست من طباعى أو أسلوبى بل نحاكم أفكار رجل ما زال أثرها وخطرها قائمين على كل الأمة العربية.
أفكار دموية لم تجد من يقوّمها وهو لم يتراجع عنها حتى موته وهى مسجلة له بالصوت والصورة.
إن سجل القرضاوى الدموى بالغ الخطورة؛ فهو لم يكتف بفتاوى قتل الحكام، وإن كانت هذه الفتاوى وحدها كافية لوصفه بمفتى الدم، لكنه وهذا من أغرب الغرائب وأعجب العجائب أفتى بقتل علماء دين بعضهم أكثر منه علمًا وشهرة، فعندما أفتى العلامة السورى الأشهر الشيخ محمد سعيد البوطى الذى رفض العنف ضد الدولة ورفض التخريب، ما كان من القرضاوى إلا أن أفتى بقتله وكل من يساند النظام السورى من علماء الدين، وعندما تم اغتيال الرجل فى المسجد خرج القرضاوى وبراءة الذئب فى فمه وهو يقول «كنت أتمنى أن يهديه الله؛ حتى لا يتم قتله».
ورغم أن عندى الكثير لأكتبه عن شخص القرضاوى إلا أننى احترامًا لجلال الموت لن أتعرض لما هو شخصى، لكن أفكار الرجل وتضليله لأجيال من الشباب دفعهم للقتل والإرهاب بينما لم يقدم أيًا من أبنائه للقيام بهذه العمليات، هى ما تدفعنى للتذكير والتحذير من أفكار سفك الدماء واغتيال الأبرياء التى نشرها يوسف القرضاوى على نطاق واسع، وجنى العالم العربى ثمارها المُرة قهرًا وحزنًا وتخريبًا ودمًا.
من يستطيع أن ينسى أن يوسف القرضاوى، وهو أحد زعماء جماعة الإخوان الإرهابية، قد أجاز فى فتوى دعمه للعمليات الانتحارية وبارك أن يقوم أى فرد بتفجير نفسه بغرض استهداف تجمع تابع للنظام أو مؤسسات الدولة التى يعيش فيها، حتى لو نتج عنه ضحايا فى صفوف المدنيين، شريطة أن يكون هذا العمل قد نال موافقة الجماعة الإرهابية.
وفى كلمات مسجلة له حرّض الإخوان فى مصر على ممارسة العنف والإرهاب.
وقدم القرضاوى الأموال سواء كوسيط أو بصورة مباشرة لجماعات العنف والإرهاب تحت ستار جمعية خيرية كان يترأسها اسمها «اتحاد الخير»، وجرى استخدام هذه الأموال فى أعمال إرهابية زاد تحريضه عليها بعد خلع الإخوان بعد ثورة 30 يونيو 2013، وظل حتى رحيله محرضًا على ارتكاب المزيد من الأعمال الإرهابية، مسخرًا الدين لتبرير هذه الجرائم البشعة فى حق الوطن والمواطن.
لقد انتقل القرضاوى إلى دار الحق والعدل..
أما أفكاره فيجب التصدى لها والقضاء عليها حماية للدين وللأوطان من الإرهاب ومفتيه (مفتى الدم).