أسامة شرشر يكتب: رسالة إلى أمير الكويت
لا شك أن سمو الأمير نواف الأحمد، أمير دولة الكويت، يعتبر امتدادًا حقيقيًا بمعنى الكلمة لسمو الأمير صباح الأحمد، رحمة الله عليه، وكلاهما عشقا مصر وشعبها؛ فعشقهما المصريون شعبًا ودولة ورئيسًا.
فالتوافق الكويتى الشعبى والسياسى الذى حدث على الأمير نواف الأحمد، أمير دولة الكويت، يعطى دلالة قوية بأن هذا الرجل يحظى بحب وتقدير واحترام الشعب العربى من المحيط إلى الخليج عبر مواقفه من مختلف القضايا العربية.
وما جعلنى أتحدث فى هذا الموضوع القرار الذى صدر من وزيرة البلديات الكويتية رنا الفارس والخاص بالاستغناء عن الوافدين إلى الكويت وتوطين الوظائف داخل الوزارات الكويتية (تكويت الوظائف) والاستغناء عن العمالة الوافدة بأسرها.
وهنا أرفع لسمو أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد نداء بأن يتم استثناء 771 ألف شخص من العمالة المصرية فى دولة الكويت الشقيقة من هذا القرار، وأن يُستثنى أيضًا الفلسطينيون من هذا القرار.
فهذا القرار فى هذا التوقيت سيكون له أبعاد اقتصادية صعبة على آلاف الأسر، فضلًا عن الدولة، خاصة بعد أزمة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، لأن دخل المصريين يتم تحويله كمصدر مهم ورئيسى من مصادر العملة الصعبة للبنك المركزى المصرى والاقتصاد المصرى، ولأننا لا ننسى أبدًا مواقف دولة الكويت مع مصر، ولا ينسى الشعب الكويتى والأسرة الحاكمة (آل الصباح) موقف الشعب المصرى فى حرب تحرير الكويت، عندما امتزج الدم المصرى بالدم الكويتى، من رجال القوات المسلحة المصرية، خير أجناد الأرض، مع أشقائهم الكويتيين.
وفى أوقات الأزمات والمحن تظهر أصالة الدول والشعوب وروابط الأخوة والدم.
ودولة الكويت تمتاز بأقوى البرلمانات العربية، وهو برلمان به حراك سياسى خطير، وهى أول دولة خليجية تصدر مجلة مخصصة للعالم العربى (مجلة العربى)، كما أن أول امرأة قادت سيارة فى دول الخليج كانت سيدة كويتية.. هذا التقدم الحضارى لدولة الكويت وهذا التاريخ كان ولا يزال علامة بارزة فى دول مجلس التعاون الخليجى من خلال الانفتاح الثقافى والبرلمانى.. وقد كان أهم ما شاهدته بنفسى داخل البرلمان الكويتى أخطر استجواب لوزير الإعلام الكويتى الذى كان من آل الصباح، واستمر الاستجواب لمدة 12 ساعة كاملة، وكان رئيس مجلس الأمة الكويتى فى هذا التوقيت هو جاسم الخرافى، رحمة الله عليه، وتم سحب الثقة من الوزير وإسقاط الحكومة، وجاء مرزوق الغانم، ابن شقيقته من بعده رئيسًا لمجلس الأمة الكويتى، والذى كان موقفه فى البرلمان الدولى مشرفًا، عندما تصدى لأكاذيب رئيس البرلمان الإسرائيلى.
فالكويت دائمًا لها موقف عروبى داعم وحاضن لمختلف القضايا، وخاصة القضية الفلسطينية، ليس بالأقوال ولكن بالأفعال، وهذه ليست مجاملة، ولكنها حقيقة تتماشى مع الواقعية السياسية.
ومن المواقف التى لن أنساها عندما قابلت الأمير صباح الأحمد، رحمة الله عليه، فى القمة العربية فى بغداد فى قصر صدام حسين وفى مكتبه، أيام مؤتمر المانحين لإعادة إعمار العراق، وهو المؤتمر الذى تبناه أمير الإنسانية صباح الأحمد، حتى إننى طالبت فى التلفزيون الكويتى وفى برنامج «صباح الخير يا كويت»، بأن يحصل الأمير صباح الأحمد على جائزة نوبل للإنسانية.
هذه المواقف والذكريات جعلتنى أوجه هذه الرسالة لسمو الأمير نواف الأحمد، أمير دولة الكويت، بأن يتم مراجعة قرار قد يتسبب فى الاستغناء عن قرابة ثلاثة أرباع مليون مصرى فى الكويت فى هذا التوقيت المهم والحساس، وفى ظل الأزمات الاقتصادية العالمية وحالة التضخم وارتفاع الأسعار.. فأعتقد أن هذا حق الدم والأخوة للمصريين والفلسطينيين من قبل الكويتيين.. وحينما نطلب ذلك نطلبه بعزة وكرامة وكبرياء ومحبة؛ لأننا نطلبه من أشقائنا.
وهذا لا يمثل تراجعًا عن القرار، ولكنه تصحيح للموقف فى ظل الأحداث التى يمر بها العالم، ولا أظن أنه يمكن الاستغناء عن المصريين فى أى دولة عربية، فما بالك بدولة الكويت الشقيقة التى ما زالت أصداء الشهداء المصريين تدغدغ مشاعر شعبينا معًا عندما يحل موعد الاحتفال بتحرير دولة الكويت وإعادة الحق لأهله؟!.
فهذه دعوات حر يبغى الصالح العام وليس له مصلحة خاصة فى هذا المطلب، ولأننى كنت نائبًا عن الشعب المصرى، وحمّلنى المصريون فى الكويت إيصال هذه المهمة الثقيلة من خلال بوابة النهار المصرية، ووعدتهم بأن يكون هذا موضوع مقالتى هذه.. أكتب هذه الرسالة لعلها تصل وتلبى مطلبهم وتجد استجابة من الأشقاء فى الكويت.. خاصة ونحن فى زمن الوباء والأزمات والحروب والمناخ..
وربنا يستر.