أسامة شرشر يكتب: متى يحاكم البرلمان وزير النقل؟!
لا شك أن حادث قطارى الإسكندرية أسقط القناع عن مرفق السكة الحديد ووزير النقل المطلوب محاكمته سياسياً وجنائياً هو والمسئولين عن هيئة السكك الحديدية، لأن الفساد استشرى فى هذه المنظومة الحيوية التى تمس حياة البشر.. فالدماء التى سالت على أرض خورشيد والقتلى الذين ذهبوا ضحية للإهمال والتقصير واللامبالاة تشهد- ومن خلال إحصائيات السنوات العشر السابقة- على أن ضحايا الطرق فى مصر أكثر من عدد ضحايا الحروب فى مواجهة العدو الإسرائيلى.
وهذا يعطى دلالة خطيرة على أن هذا المرفق الاستراتيجى أصبح مباحاً ومستباحاً للعبث بأرواح الناس بلا حساب حقيقى، وهو ما نرفض استمراره، فلذلك طالبت بأن يتولى جهاز الخدمة المدنية فى القوات المسلحة إدارة هذا المرفق رغم أعبائه، لأن الفساد هو الوجه الآخر للإرهاب، فالخوف والذعر الذى أصاب الناس جراء الكارثة والقتلى من الأبرياء الذين ذهبوا واستشهدوا نتيجة هذا العمل الكارثى- لا يقل خطورة عن الذين استشهدوا فى مقاومة ومكافحة الإرهاب الأسود، وهناك شبهة جنائية ولن أستبق التحقيقات والنيابة العامة، ولكن أستشعر بشكل سياسى أن هناك أيادى إخوانية وراء هذا العمل الإجرامى البشع تستخدم الإهمال المتعمد لنشر الغضب فى أوساط الرأى العام.
والتساؤل: لماذا لم يتم تشكيل لجنة تقصى حقائق برلمانية لمعرفة أسباب هذا العمل المأساوى الإجرامى المرشح للتكرار مرة أخرى؟ حيث لم نعالج أصل الداء وهو الفساد والإهمال وغياب الكفاءات وعدم استخدام خطط قصيرة الأجل لتحديث منظومة النقل فى مصر، فلا يمكن بأى حال من الأحوال أن نفتخر بأن السكك الحديدية المصرية هى ثانى أقدم سكة حديد فى العالم بعد إنجلترا، ويصل حالها إلى هذه الحالة المزرية التى تدعو إلى الأسى والحزن، فلن تكفينا التصريحات والتعويضات، فهذا شىء ثانوى، ولكن يجب أن تكون هناك خطة ورؤية لمنع تكرار هذه الحوادث وسقوط عشرات من الضحايا. هناك حوادث لا يمكن الحديث عنها لأنها تكون قضاءً وقدراً، ولكن أن يكون المبرر هو خطأ إنسانياً أو تكنولوجياً فلا يمكن قبوله إلا بالمحاسبة والعقاب لأن غياب الرقابة والمحاسبة يدفع لمزيد من هذه الجرائم وفق القاعدة من أمن العقاب أساء الأدب.
ويجب على البرلمان ونوابه المحترمين أن يمارسوا دورهم الرقابى، وأن تكون هناك لجان لتقصى الحقائق واستدعاء الخبراء وأساتذة كلية الهندسة، فبالله عليكم كيف يكون هناك الدكتور هانى عازر الذى يضع التصميمات والخطط والتطوير لسكك حديد ألمانيا وأوروبا ونحن فى مصر ما زلنا نعمل من خلال أهل الثقة وليس أهل الكفاءة؟!.
فتثبيت الدولة المصرية يكون بالحفاظ على حقوق وكرامة المواطنين، بدلاً من أن نجمع أشلاء الضحايا لتكون فاجعة بكل المعايير والمقاييس.
فنحن نحتاج إلى ثورة حقيقية وخطة قابلة للتنفيذ لإعادة منظومة النقل والطرق فى مصر بشكل عام، واستخدام أدوات جديدة مثل النقل البحرى، حتى لا نفاجأ بكوارث أخرى.
نقولها بكل صدق: هناك أياد خطيرة تحاول أن تجر البلد إلى الوراء، والحكومة «ودن من طين وودن من عجين» وتستغل نسيان المواطنين، ولكن ما دام هناك برلمان ونواب حقيقيون فيجب محاسبة وزير النقل والعاملين فى السكك الحديدية قبل أن يحاسبهم الشعب.
ولا عزاء لشهداء وضحايا القطار إلا بعد عودة حقهم الطبيعى ومعرفة الجناة الذين استخفوا بحياة المواطن وشوهوا الوطن.