أسامة شرشر يكتب: رسالة مصر للأمم المتحدة.. أنقذوا نهر النيل من إثيوبيا
احذروا شعب مصر إذا غضب؛ لأن نهر النيل هو حياة المصريين، ورسالة مصر الأخيرة إلى الأمم المتحدة التى تحذر من الملء الثالث لسد النهضة دون اكتراث أو اهتمام أو اتفاق مع مصر والسودان ليست مجرد رسالة عادية، لكنها رسالة تحمل ألف رسالة لإثيوبيا ثم لكل دول العالم.. فمصر صبرت كثيرًا وفاض صبرها، وهو صبر نقى متواصل مثل ماء النيل؛ لكنه حين ينفد فإنها ستكون الطامة الكبرى التى تمس بالأمن والسلم الدوليين أكثر مما تمس به الحرب الروسية الأوكرانية، فأى مساس بنقطة ماء هو مساس بكرامة 120 مليون مواطن مصرى و40 مليون مواطن سودانى..
واستهتار آبى أحمد بكل المناشدات الإفريقية والعربية وآخرها اللقاء الذى تم مع بايدن فى قمة جدة العربية الأمريكية دليل على أننا أمام رجل لا يقدر الأمور على نحو سليم ولا يفهم الرسائل الدولية ولا مدلولاتها، فهذا الآبى أحمد يهدد السلم والأمن فى المنطقة الإفريقية والعربية بأسرها، فحدود مصر ليست مزادًا وليست للملء أو الاستفزاز أو الاستهتار بمقدرات الشعوب.. ولكم فى نموذج أوكرانيا عبرة، فمصر قد نفد صبرها؛ لأن ما يجرى من إثيوبيا من بداية الملء فى 26 يوليو الماضى هو ضرب للأمن القومى المصرى والسوادنى والإفريقى فى مقتل لا يمكن السكوت عنه دون رد قوى يناسب الجريمة.
فاحذروا غضبة 120 مليون مصرى، وأفيقوا واستفيقوا واحذروا ردة الفعل؛ لأن الشعب لن يصبر كثيرًا، ولن يسمح الرئيس السيسى باللعب بمقدرات الشعب المصرى وإفقار مصر مائيًا؛ فهو استنفد كل الطرق التفاوضية والقانونية، ولجأت مصر إلى الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقى وكل دول العالم المحبة للسلام والاستقرار؛ حتى لا يحدث لوم على مصر فى أى لحظة ما عندما تهب وتدافع عن وجودها وبقائها وحياتها وكرامة شعبها ونيل أجدادها.
فلقد تعب الكلام من الكلام، والتفاوض من التفاوض، فالحل هو استخدام القوة، سواء قوة القانون أو قوة السلاح أو قوة الردع بأى شكل وبأى صورة، ولن تعدم مصر الوسيلة.
فإثيوبيا لا تستجيب لا من قريب أو من بعيد، لا للاتحاد الإفريقى ولا للاتحاد الأوروبى ولا لأمريكا، وكأنها مغيبة لا تفهم خطورة اللعب بمقدرات الشعوب؛ فهو خطر يؤدى إلى الصدام وإلى الحروب وإلى القتل، وهى فيها ما يكفيها من حروب أهلية وانقسامات قبلية.. ولكن مصر لا تريد أن تستغل الأحداث الداخلية؛ لأن هذا ليس من أخلاقها ولا من شيمها، فهى مصر العلا، مصر الحضارة والتاريخ، ومصر هبة النيل.. ولا تريد أن تعبث بالأمن الإثيوبى، وهناك الكثير من الوسائل والطرق، ولأنها فوق الجميع؛ فهى تحافظ على الجميع ولا تريد الحرب ولكنها لن تفرط فى ماء النيل.. وهذه هى المعادلة الصعبة، وهذا هو الاحتمال الذى فاق كل شىء منذ اتفاقية إعلان المبادئ فى 2015، الذى كان شؤمًا ووبالًا مع دولة لا تحترم القوانين ولا المواثيق ولا الاتفاقيات مع دول الجوار.
فالملء الثالث هو بداية النهاية لسد النهضة.. ولا تلوموا مصر أو شعبها أو قيادتها عندما يحدث ما لا يتوقعه أحد.. فالحفاظ على أمن شعبها هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى والأمن القومى الشعبى.
وأخيرًا
إذا لم تعد إثيوبيا إلى رشدها وعقلها ودائرة التفاوض والمفاوضات فعلى نفسها جنت أديس أبابا.. وأعتقد أن الخارجية المصرية والدبلوماسية الواقعية التى تقودها كتائب السفراء فى كل أنحاء العالم برئاسة سامح شكرى، وزير الخارجية، وصلت إلى طريق مسدود من استخدام كل الطرق والأدوات الدبلوماسية لفك هذا الاشتباك وهذا اللغز الإثيوبى الذى يحاول أن يقفز على الواقع ويدمر مصر والسودان بفيضانات لا يعلم أحد عقباها.
والرسالة الأخيرة التى حملها وزير الخارجية إلى الأمم المتحدة قائلًا لهم ما معناه أنقذوا ماء النيل من إثيوبيا بعد الملء الثالث وإلا ....
وسكت الكلام.