أسامة شرشر يكتب: صرخة الأقصى يا عرب!
سُئل أحد الحكماء: لماذا لم ينتفض العرب للدفاع عن المسجد الأقصى ثالث الحرمين وأولى القبلتين؟ فأجاب: كيف يا صديقى تستعين بالأموات لينتفضوا؟!
أعتقد أن ما يجرى فى المسجد الأقصى وحالة النفير وعودة الدماء إلى روح المقاومة للدفاع عن أحد المقدسات الإسلامية- وليس الفلسطينية- يعطينا دلالة خطيرة أن المسجد الأقصى، وإن طال الزمن، سيتم تحريره، طالما ضخت المقاومة دماءها فى الجسد الفلسطينى، وبقى سكان هذا المكان الطاهر.
وأنا كنائب منتخب من الشعب المصرى، أطالب رئيس البرلمان الدكتور على عبدالعال بعقد جلسة مشتركة مع البرلمانين العربى والإسلامى بعد أن فشلت الحكومات العربية والإسلامية فى التجاوب مع الغضب الشعبى لنكشف للمجتمع الدولى، الإرهاب الإسرائيلى الذى فاق الحدود والتصورات، ووصل إلى منع المسلمين من أداء صلاتهم داخل المسجد الأقصى، لأن تركيب البوابات اعتداء أصيل على سيادة الدولة الفلسطينية على هذا المكان المقدس وهى السيادة التى اعترف العالم بها وآخرها تصويت اليونسكو، واستخدام الرصاص الحى ضد المتظاهرين سبة فى جبين البشرية والدول التى تدعى الديمقراطية وتتشدق بحقوق التعبير والرأى والتظاهر وحقوق الإنسان.
فلماذا صمت العالم أمام هذه المجازر التى تؤكد أن إسرائيل هى الدولة الأولى راعية الإرهاب؟
ولا ننسى صرخات وآهات طفل الأقصى عندما قال للضابط الإسرائيلى: مهما فعلتم سنصلى فى الأقصى وسنحرره وسترحلون.
كل هذا وهناك صمت عربى، والجامعة العربية لم تتحرك، وأعتقد أنها ستتحرك بعد انتهاء الحدث.. أين المنظمات الحقوقية مما يجرى من محاولة هدم وتهويد القدس ومنع الصلاة فى الأقصى، حتى وصل الأمر إلى أن قال مفتى القدس إن الصمت العربى يدعو إلى الأسى.
كما يكشف ما يجرى فى القدس الوجه الآخر للميليشيات الإرهابية، وأن إسرائيل جزء من الدواعش الذين يهددون البشر مستخدمين كل الأسلحة ويخترقون كل المواثيق والأعراف الدولية ولم ينتفض أحد فى العالم الغربى للدفاع عن الإنسان الذى يسفك دمه بدم بارد ويلقى به تحت الدبابات بل وصلت البشاعة لقتل المصابين داخل المستشفيات أثناء العلاج.
لماذا صمت المجتمع الدولى والأمم المتحدة على ما يجرى فى الأقصى، فما يجرى فى القدس فضيحة عالمية بكل المقاييس لإسرائيل التى تدمر وتقتل وتبيد دون حساب دولى، واستغلت حالة التمزق العربى، وانكفاء كل دولة على مشاكلها، واستثمرت الخلافات العربية العربية لتفعل ما تريد، فى المسجد الأقصى.
فلذلك، على الجامعة العربية أن تبحث مشاكل الدول فى أمريكا اللاتينية لأنها لا تمت للعرب بصلة، بدليل حالة الشلل التى أصابت أمينها العام أحمد أبوالغيط، وأجهزتها المتنوعة التى لم تتحرك وتعقد قمة عربية طارئة لمواجهة هذا التوغل الإسرائيلى فى المسجد الأقصى الذى أسرى بالنبى صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إليه، فمتى تتحرك الجامعة العربية وتتحد الدول العربية إن لم تتحرك دفاعاً عن مقدساتها؟!
ولماذا لم تتحرك لجنة الشئون العربية فى البرلمان، واللجان البرلمانية للاجتماع فورا، لتوجيه إنذار إلى الكيان الصهيونى وإلى النتنياهو ليوقف مذابحه بحق الأبرياء والأطفال والنساء ويسمح بصلاة أبناء الأقصى فى مسجدهم؟!.
فلذلك كانت مطالبتنا دوما بأن تكون هناك قوة عسكرية عربية، لأن احتياجنا لها فى هذا الموقف بالذات كان سيدعمه العالم، ولماذا لم يتحرك البرلمان المصرى، ويقم بدعوة البرلمانين العربى والإسلامى لعقد جلسة طارئة لمواجهة التجاوزات للمجزرة الإسرائيلية فى المسجد الأقصى.
وهناك تساؤل يدور فى الشارع الفلسطينى: هل هناك فعلاً صفقة بين حماس وإسرائيل؟ إن كان هذا حقيقياً فهى جريمة بحق الأمة بأسرها.. ومن حقنا أن نعرف ماذا يدور فى الكواليس والغرف المغلقة.. حتى المسجد الأقصى تمارس من خلاله الصفقات السياسية!.. والحقيقة أن الأمر يبدو كما لو كان حقيقياً، لأن الصمت العربى يوحى بأن هناك ترتيبات فى الغرف المغلقة للرئيس الأمريكى ترامب وشركائه فى المنطقة.
فمتى يجتمع الحكام العرب للدفاع عن مقدساتهم وأرضهم؟.. فما قيل ويقال من بيانات حكومية هو إدانة للحكام العرب وليس تبرئة لذمتهم، والجديد هذه المرة هو أن حالة التبلد الحكومية انعكست على الشعوب العربية نفسها، فهذا هو الجديد، فدائماً كانت رسائل الشعوب وصرخاتها ومواقفها هى الأبقى لنصرة الأقصى لكن حتى رسائل الشعوب أصابها داء الصمت الذى أحل بالحكومات العربية إزاء العدوان على ثالث الحرمين وأولى القبلتين
وأخيرًا.. أقولها من أعلى مئذنة فى قاهرة المعز: الأقصى يا عرب.. إذا كان هناك عرب.!