النهار
الأحد 29 ديسمبر 2024 08:38 صـ 28 جمادى آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: رسالة السيسى إلى قطر

أسامة شرشر
أسامة شرشر

لا شك أن زيارة الرئيس السيسى معظم دول التعاون الخليجى هى إعادة ترتيب للبيت الخليجى والعلاقة بمصر، لأنها علاقة مرتبطة بمفهوم الأمن القومى العربى، الذى تعاد صياغته على أسس جديدة، خاصة بعد وصول الرئيس ترامب للبيت الأبيض.
وقد كان ملف مواجهة الإرهاب والتنظيم الدولى للإخوان، والميليشيات الإرهابية مثل داعش والنصرة على جدول أعمال الرئيس فى زياراته للخليج والرحلات المكوكية للسعودية والإمارات والكويت والبحرين لخلق حلف سنى يضم الأردن أيضا، لمواجهة الأطماع الفارسية فى الخليج العربى ودوله، وهذا ما يؤكده التنسيق المصرى الخليجى الأردنى الفلسطينى فى مواجهة المتغيرات الضخمة فى منطقة الشرق الأوسط بعد أن أصبحت إيران لاعبا رئيسيا فى إثارة المشاكل والانقسامات فى دول الخليج واليمن وسوريا. 
وهذا ما يجعلنا نفكر بموضوعية وواقعية لماذا استبعد الرئيس السيسى زيارة قطر من زياراته لمعظم دول التعاون الخليجى؟ أظن أن هذه رسالة واضحة لحكام قطر أن كل تحركاتهم وتمويلاتهم وأدواتهم سواء فى السودان أو إثيوبيا أو ليبيا أو تركيا مرصودة ومعروفة لدينا، وأن محاولات قطر إيواء التنظيم الدولى للإخوان وبث قنوات فضائية من أراضيها ومن لندن لمحاولة نشر الفتن والشائعات والتشكيك فى الدولة- مرصودة أيضاً. 
والقشة التى قصمت ظهر البعير فى العلاقات المصرية القطرية هى الأفلام التسجيلية الزائفة التى أساءت وتسىء للمؤسسة العسكرية المصرية ومحاولة حكام قطر خلق فتنة بين الشعب والقوات المسلحة، والإساءة للرئيس عبدالفتاح السيسى، خاصة قبل الانتخابات الرئاسية فى 2018 القادم، فى المسلسل المستمر بمحاولتهم الفاشلة لتأليب الشعوب على حكامهم مثلما حاولوا إحداث انقلابات داخل بعض دول الخليج بدعم مالى وتخطيط مخابراتى لإرباك المشهد الخليجى، أو مثلما دعموا العناصر المتطرفة فى ليبيا والسودان، بالإضافة إلى التنسيق غير المبرر أو المفهوم مع إيران ضد بعض دول الخليج، وكذلك التنسيق المعلوماتى والتمويل المشترك مع أردوغان الذى يمثل جزءاً من اللعبة القذرة للتنظيم الدولى للإخوان لإثارة الاضطرابات والمشاكل فى الدولة المصرية. 
كل هذا يجرى بتنسيق بين حكام إمارة قطر التى تريد أن تلعب دوراً أكبر من حجمها عربياً وإقليمياً ودولياً، تنفيذاً لتوصية الإدارة الأمريكية السابقة لهم بالتصارع مع كبار المنطقة، خاصة مصر والسعودية للظهور فى المشهد، فاستخدموا أذرعهم الإعلامية وأموالهم لإحداث قلاقل داخل البلدين الأكبر تأثيراً فى القضايا العربية واللذين يمثلان العمود الفقرى للأمن القومى العربى بمفهومه الشامل. 
هذه المعطيات جعلت الرئيس السيسى يوجه رسالة واضحة إلى حكام قطر بأن الصبر عليهم قد نفد وأننا لن نصمت على اللعب فى السودان وسد النهضة وتمويل ميليشيات داعش فى ليبيا واحتضان حماس ومدير مكتبها السياسى السابق خالد مشعل فى الدوحة طويلاً، خاصة أن مهندس هذه العلاقات المشبوهة والتوجهات الإجرامية، هو عزمى بشارة الذى يريد أن يشوه الدولة المصرية والرئيس السيسى والقوات المسلحة المصرية التى تعتبر حجر الزاوية للأمن القومى العربى. 
كما كان لإمارة قطر دور مفضوح فى عدم إعلان القوة العربية العسكرية المشتركة، وبدأوا فى لعب هذا الدور القذر بعد رحيل الملك عبدالله، خادم الحرمين الشريفين السابق، وأرادوا إنشاء محور جديد أضلعه السعودية وقطر وتركيا لتفتيت المحور المصرى السعودى الإماراتى الذى كان له دور كبير- ستكشف عنه الأيام القادمة- فى دعم ثورة الشعب المصرى فى 30 يونيو أمام محاولات قطر فرض عقوبات سياسية واقتصادية على الشعب المصرى بعد نجاح ثورته وإسقاط حكم المرشد والإخوان فى مصر. 
كل هذه التداعيات جعلت مصر تتحرك خليجياً وعربياً لتفضح هذه المزاعم القطرية وتكشف كل المؤامرات التى تدبرها الإمارة الصغيرة لإسقاط ورقة التوت الأخيرة عن حاكم قطر الذى أصبح جزءاً لا يتجزأ من دعم الإرهاب والتنظيم الدولى للإخوان، معتقداً أو متوهماً أنه بذلك يلعب دوراً لإرضاء الغرب وإسرائيل خاصة، بالتنسيق مع الكيان الصهيونى والأمريكان ليضمن حاكم قطر بقاءه فى السلطة رغم النزاعات العائلية داخل بيت الحكم القطرى الذى بدا واضحاً للجميع وجود انقسامات داخله، إلا أن العلاقات القطرية الإسرائيلية التركية أصبحت مفضوحة لدى الرأى العام المصرى والشارع العربى الذى اكتشف محاولاتهم للقفز على المشهد العربى. 
ولولا إسرائيل والأمريكان الذين يريدون بقاء حاكم قطر، كإحدى الأدوات التى تنفذ ما يطلب وحتى ما لا يطلب منها لزعزعة الاستقرار فى المنطقة، وإفشال المساعى العربية، خاصة فى قضية الصراع العربى الإسرائيلى- لما كان له وجود. 
دعونا نقل إن التحركات التى يقوم بها السيسى لدول الخليج والأردن لم تأت من فراغ بل كل تحرك محسوب بالوقت، لتحقيق المصالح المصرية والعربية المشتركة، ولتوجيه ضربة سياسية لحاكم قطر من خلال الحصار المصرى الخليجى لهذه الإمارة المارقة التى تعمل ضد المصالح المصرية والخليجية والعربية، وأصبحت تهدد الأمن القومى العربى كله بدعمها للجماعات الإرهابية وإيوائها عناصر وقيادات التنظيم الدولى للإخوان.
والتساؤل الذى يسود الشارع العربى هو: لماذا لا يتم فضح المؤامرات القطرية على الأمن القومى العربى لدى الرأى العام العربى؟ ولماذا لا يتم كشف الدور البشع الذى تلعبه قطر فى دعم وتمويل الاضطرابات ونشر الشائعات لدى الناس؟ فلقد نفد صبر الجميع ويجب أن يتم كشف المستور عن حاكم قطر ورفاقه فيما يتعلق باستهداف الأمن القومى العربى، ووحدة الصف العربى، خاصة العلاقات المصرية السعودية، بالإضافة إلى أنه آن الأوان أن يكون هناك قرار عربى لتحجيم دور قطر داخل جامعة الدول العربية لأنها أصبحت عبئاً على الدول العربية بل حتى على دول مجلس التعاون التخليجى، خاصة بعد استهدافها مصر التى نفد صبرها من هذه الحيل التى يقوم بها حاكم قطر.