وفاة الكاتبة الألمانية أورسولا.. عجوز بعمر 95 عاماً مسجونة بسبب ”جريمة رأي”!
توفيت أمس الكاتبة الألمانية أورسولا هافربيك عن عمر يناهز 96 عاما في السجن، نتيجة لحُكم قضائي بسجنها في عام 2015 لأنها لم تؤمن بالهولوكوست. لقد أعطوها خيارًا، إما أن تتخلى عن معتقداتها ويطلق سراحها أو تواجه أحكامًا مستمرة بالسجن، فاختارت الخيار الأخير. نتيجة لذلك، ماتت أورسولا هافربيك في السجن وهي متمسكة بمعتقداتها حتى النهاية.
أورسولا: "العبد الذي لا يدرك أنه مقيد لن يسعى أبدًا إلى تحرير نفسه"
من هي اروسولا؟
ولدت أورسولا في 8 نوفمبر 1928 بدأت عملها كناشطة المانية منذ عام 2004، الأمر الذي تسبب لها في العديد من الدعاوى القضائية والإدانات الكثيرة بتهمة إنكار الهولوكوست، حيث انها جريمة جنائية في ألمانيا.
تزوجت من فيرنر جورج هافربيك والذي كان قيادي في الحزب النازي في تلك الفترة. فقد كان مؤسس ومدير عام للاتحاد الإمبراطوري الألماني للأمة والوطن، بالإضافة إلى كونه كاتبًا وناشرًا ومؤرخًا وقسًا.
حياتها
ولدت أورسولا في مقاطعة هيسن ناساو (جزء من جيلسربيرج اليوم)، وعاشت في السويد لمدة أربع سنوات كشخص نازح من وطنه. درست علم التربية والفلسفة واللغويات لمدة عامين في أسكتلندا.أشتغلت في السياسية من خلال زوجها لمدة خمسون عاماً، وبعد وفاة زوجها في عام 1999، تولت العديد من وظائفه بما في ذلك رئيسة مؤسسة التعليم الدولي للبالغين في المؤسسة التي أنشأتها مع زوجها قبل رحيله. كانت نشطة في البداية في الحركة البيئية الألمانية، ومنذ أوائل الثمانينيات تحولت علنًا إلى حركة التطرف اليميني؛ حتى حظرها من قبل السلطات الألمانية
من عام 1983 حتى عام 1989، كانت أيضًا رئيسة الاتحاد العالمي لحماية الحياة في المانيا، وكشفت في هذا المنصب غير الحكومي عن معارضتها للنظام الغربي والاحتلال لجمهورية ألمانيا الاتحادية. في عام 1989 بناءً على تحريض من الجمعيات الإقليمية للحزب الديمقراطي البيئي تم استبعادها من الحزب، وكانت الأسباب أنها حاولت تنظيم ائتلاف يميني من الحزب الديمقراطي البيئي والحزب الوطني الديمقراطي ومجموعات أخرى.
في عام 1992 أصبحت أورسولا أول رئيسة لجمعية المواقع التذكارية التي تأسست حديثًا وظلت في هذا المنصب حتى عام 2003. تأسست الجمعية بموجب القانون لبناء ذكرى لضحايا الحرب العالمية الثانية للمدنيين الألمان الذين قتلوا من خلال القصف والاختطاف والمهجرين وضحايا الأعتقالات.
محاكماتها
في يونيو 2004، حكمت محكمة مقاطعة باد أوينهاوزن على أورسولا بغرامة قدرها 5400 يورو بتهمة التحريض على الكراهية وإنكار الهولوكوست. كتبت في المجلة المحلية "صوت الضمير" مقال أنكرت فيه حدوث المحرقة اليهودية بالاشتراك مع إرنست أوتو كوهرس. وفي عدد لاحق من "صوت الضمير" أكدت على ان الدمار الشامل لليهود مجرد "أسطورة". موضحة أن عدد الضحايا اليهود للنازية لم يبلغ ستة ملايين بل فقط نحو 500 ألف. في مارس 2005 أصدرت المحكمة حكماً بإقامة دعوى ثانية ضد أورسولا وكوهرس. ولكن بناء على طلب مكتب المدعي العام في بيليفيلد، تم إغلاق القضية لأنها "لم تكن ذات أهمية مقارنة بقضية أخرى".
وقد طرحت أورسولا في مقال آخر نشرته في مجلة "صوت الضمير" ديسمبر بتاريه 2005 فرضية مفادها أن أدولف هتلر "لا ينبغي أن يُفهَم من خلال المحرقة المزعومة أو هوسه المزعوم بالحرب، بل من خلال مهمة إلهية في سياق تاريخي عالمي". وقد أدى هذا إلى تجدد عملية إنكار المحرقة، وفي يونيو 2007 فرضت محكمة دورتموند الإقليمية غرامة أخرى إجمالية قدرها 6000 يورو.
في يونيو 2009 أدانت محكمة مقاطعة باد أوينهاوزن أورسولا بتهمة الإساءة إلى "شارلوت نوبلوخ"، رئيسة المجلس المركزي لليهود في ألمانيا، والتي كانت قد دعت في وقت سابق علنًا إلى فرض الرقابة على منكري الهولوكوست. وفقًا لمقال صحفي نُشر في الأول من يوليو 2009 في صحيفةMindener Tageblatt ، كتبت أورسولا في ردها على نوبلوخ: لا ينبغي لكنوبلوخ "التدخل في الشؤون الداخلية الألمانية"، وإذا لم تعجبها الحياة في ألمانيا فيمكنها "العودة إلى مسقط رأسها في وسط آسيا"، وأيضاً: "ليس عليكِ أن تعيشِ في ألمانيا في هذه الأرض الشريرة، حيث كما تقولين: تم إعدام ستة ملايين منكم بالغاز". احتوت رسالتها أيضًا على بعض العبارات التي فهمت كتهديد مثل؛ "جهز نفسك ليوم الحقيقة فأنه قريب ولا يمكن إيقافه"، بالإضافة إلى "أحذرك بأنه إذا واصلت كما في السابق، فقد ينتج عن ذلك مذبحة جديدة، والتي ستكون مروعة". لهذا قدمت نوبلوخ لاحقًا شكوى جنائية، وحُكم على أورسولا بغرامة قدرها 2700 يورو.
في نوفمبر 2014 تقدمت أورسولا بشكوى للشرطة ضد المجلس المركزي لليهود في ألمانيا. واتهمت المجلس "باضطهاد الأبرياء". تم حفظ التحقيق في ديسمبر 2014، وقد قام مكتب المدعي العام في بيليفيلد في نهاية المطاف بأتخاذ إجراء ضد أورسولا بتهمة الاتهام الكاذب.
في مارس 2015 قامت بلقاء تلفزيوني على الرغم من القيود عليها، أنكرت أورسولا مرة أخرى محرقة اليهود وناقشت آرائها بكل حرية. حيث وصفت "هذه المحرقة" بأنها "أكبر وأشد كذبة مستمرة في التاريخ". نشرت أورسولا مقطع فيديو على يوتيوب احتجاجًا على محاكمة أوسكار جرونينج، من يسمى "محاسب أوشفيتز"، ووزعت منشورات خارج المحكمة قيل إنها تضمنت إنكار الهولوكوست.
أصبحت أورسولا موضوع تحقيق جديد بدأ في يونيو 2015 من قبل مكتب المدعي العام في بيليفيلد، فيما يتعلق بنشر مقال في مجلة صوت الإمبراطورية، مما دفع مكتب شرطة الجرائم الجنائية في ولاية سكسونيا إلى تفتيش منزلها بالإضافة إلى منزل ثلاثة متهمين آخرين بحثًا عن أدلة. في نوفمبر، بعد إدانتها، حُكم عليها بالسجن لمدة عشرة أشهر. وفي محاكنتها بهامبورغ، أصرت على أن وضع أوشفيتز (معسكرات اليهود) كمكان للموت "لم تثبت تاريخيًا" وأنه "مجرد اعتقاد".
في سبتمبر 2016 حُكم على أورسولا بالسجن لمدة عشرة أشهر بتهمة إنكار الهولوكوست، دون خيار الإفراج المشروط، لكنها ظلت حرة حتى تم الاستماع إلى استئناف بشأن القضية السابقة. كانت قد كتبت إلى عمدة ديتمولد، مصرة على أن أوشفيتز لم يكن أكثر من معسكر عمل، وأن الناجين كانوا مجرد "شهود مزعومين"؛ كان ذلك بعد محاكمة حارس أوشفيتز السابق راينهولد هانينج.
في أكتوبر 2016 حُكم عليها بالسجن لمدة 11 شهرًا بتهمة التحريض على الكراهية. وفي المحكمة مرة أخرى في الشهر التالي، حُكم عليها بالسجن لمدة 22 سنة أخرى بتهمة إنكار الهولوكوست.
في يونيو 2024 مثلت أورسولا أمام المحكمة في ألمانيا بتهمة التحريض على الكراهية، وأدينت في 26 يونيو 2024 وحُكم عليها بالسجن لمدة 16 شهرًا إضافيًا.
توفيت أورسولا في 20 نوفمبر 2024، عن عمر يناهز 96 عامًا