أسامة شرشر يكتب: اكسروا الحصار
45 يومًا وأكثر، مرت على بدء الإبادة الجماعية لأهالى غزة على الهواء مباشرة على شاشات التلفزيون وشبكات التواصل الاجتماعى التى لعب فيها المواطن الفلسطينى دورًا فاق الإعلام المرئى والمكتوب، واستطاع أن يغير الصورة الذهنية التى هى خير من أى كلام عن المقاومة الفلسطينية، عند شعوب العالم، وسط تراجع مهنية الإعلام العالمى إلى مستوى لم يصل له من قبل نتيجة الانحياز الأعمى للروايات الإسرائيلية والأمريكية.
والسؤال: لماذا حتى الآن لم تقم الدول العربية والإسلامية بتفعيل قراراتها فى القمة العربية الإسلامية فى الرياض، والتى كان أول بند فيها هو كسر الحصار عن أهالى غزة، من خلال المساعدات الإنسانية والطبية وإدخال الوقود؟! فللأسف الشديد لم يتم شىء حتى الآن منذ يوم 11/11 بل ازداد القتل والضرب والإبادة لتصل إلى جنوب غزة التى كان الاحتلال يروج أنها مكان آمن لأهالى الشمال، ولكن أى أمان فى غزة؟! فما حدث ويحدث فى خان يونس ومستشفى الشفاء وكل المستشفيات الفلسطينية لم يحدث فى تاريخ الحروب منذ خلق البشرية.
فالذى جرى ويجرى وسيجرى من ضرب للمستشفيات والمدارس والأماكن التى هى بحكم القانون الدولى والإنسانى أو مقررات بروكسل أو جنيف أو أى مسمى من هذه المسميات، هو ضرب بهذه القوانين عرض الحائط حتى لم يعد لها وجود، وإسرائيل– أو بمعنى أدق أمريكا- تمارس هوايتها فى مزيد من الدمار وحرق الأرض بما عليها ومن عليها، وما فوقها وما تحتها، حتى وصل الأمر إلى صورة هزت ضمير العالم، وهى قتل الأطفال الرُّضع، بل وصل الأمر أمام حكام العالم أن بقية هؤلاء الأطفال- 35 طفلًا- يتم ترحيلهم من غزة إلى مستشفيات مصر، بينما العالم يتحدث عن وقف لإطلاق النار، أو هدن إنسانية، ولكن النتنياهو وبن غفير، مجرمى الحرب، لا يعبآن بأى كلام أو أى اتفاقيات أو أى دولة فى العالم.
ووصل بنا الحال إلى أن المحللين والخبراء يتحدثون عن الإفراج عن رهائن خلال ساعات، ولكن الواقع أن إسرائيل لا تهتم أصلًا بهذه الورقة، لأن هناك مخططًا وضعه مجلس الحرب الإسرائيلى وهو إبادة غزة من الوجود بأى ثمن، والأمر لا يقتصر على حماس فقط، ولكن غزة بأكملها، بدليل أنه لم تحدث أى مواجهات عسكرية مباشرة بين إسرائيل وحماس منذ بدء الحرب يوم 7 أكتوبر الماضى، عندما تم إذلال الإسرائيليين وأسرهم وقتلهم، وهو الأمر القانونى الوحيد فى هذا الموضوع كله، فمن حق الفلسطينيين الدفاع عن أنفسهم وعن أرضهم أمام قوة احتلال تمارس إبادة بحقهم منذ أكثر من 75 عامًا، والعالم صامت تمامًا، وعندما يتكلم يكذب، ويصدّق نفسه، من خلال آلته الإعلامية أن إسرائيل تطبق مبدأ الدفاع عن نفسها، وأن أهالى غزة والضفة والقدس هم المعتدون وهم المحتلون.
دعونا نعترف بأن الفلسطينيين خارج اهتمام العالم، حتى لا نضحك على أنفسنا، أمام حالة الرعب العربى والإسلامى والتبعية ولعبة المصالح المشتركة بين الدول وأمريكا، فالكل صامت، بل عاجز حتى عن إخراج المظاهرات فى بلده.
ولكن ما يثير الأمل فى النفوس هو تأثير صحافة المواطن الفلسطينى لدى الشعوب الأوروبية والأمريكية والذى أصبح يمثل ورقة ضغط على صانعى القرار، وليس اللجان الوزارية التى تم إرسالها إلى الصين وأمريكا، وهى فى الواقع تحصيل حاصل، لأنه كما قلنا قبل ذلك، ونقولها مرة أخرى من أعلى مئذنة فى قاهرة المعز، إن العالم لا يحترم إلا لغة القوة.
وما يجرى كشف وما زال يكشف عورات قرارات الغرف المغلقة، فما يحدث ليس للتخلص من حماس كما يزعمون، فحماس تمثل فكرة المقاومة، والأفكار لا تموت، بل ما زالت المقاومة بكل فصائلها وأيديولوجياتها أيًّا كانت قادرة على التصدى لهجمات إسرائيل، ونحن كشعوب عربية وإسلامية ندعم أى مقاومة تدافع عن وطنها وعن وقف مخطط إزالة فلسطين من الخريطة العالمية.
إن الكلمات تعجز عن وصف ما يجرى، فما زالت صور أطفال غزة تمثل عارًا لأحرار العالم وللضمير العالمى وللحكام العرب والمسلمين، فكيف يتم ترحيل طفل لم يتجاوز عمره الساعات المعدودة عن وطنه؟ وأى حديث عن صفقات للرهائن أمام هذه المشاهد؟! وأين الأمم المتحدة بقوانينها؟ وأين آليات تنفيذ القرارات الدولية؟ وأين آليات المحاسبة على عدم احترام هذه القرارات؟!.
إن ما ينادى به العالم فى وادٍ وإسرائيل تمارس جرائمها فى وادٍ آخر، وفى النهاية ستحقق أو أمريكا كل ما تريد وزيادة، من خلال تجنيب الجانب الإيرانى عن المعركة، ومحاولة الضغط لتنفيذ المخطط الاستيطانى التهجيرى، وعدم احترام أو الاهتمام بحلفائها من الدول العربية أو الإسلامية، إلا بقدر ما يحقق المصالح الإسرائيلية الكبرى، والأحلام الإسرائيلية الموهومة (من النهر إلى البحر.. ومن النيل إلى الفرات)، وذلك من خلال التهجير أو تنفيذ نكبة تلو النكبة، المهم أن يسير المخطط كما يريدون.. وهذا السيناريو يسير فى الاتجاه المخطط له من جانب الصهاينة.
فماذا نحن فاعلون؟!
أعتقد أنه لا إجابة ولا تعليق
وشكر الله سعيكم.