أسامة شرشر يكتب: المنتخب الأوليمبي يستعيد أمجاد المصريين في فرنسا
بعيدًا عن السياسة واحتمال الضربة الإيرانية على إسرائيل والصدام القادم مع حزب الله، وعن الموقف الشرق أوسطى في ظل التصعيد الإقليمي المستمر، والحكومات العربية الساكنة التى لا تفعل شيئًا رغم أن (الناس تعبت)، أردت أن أستريح مع القارئ بعيدًا عن حالات الإبادة والاغتيالات السياسية، وأنا أتهم الجميع حكامًا ومحكومين وأنا منهم بأننا تركنا أهل فلسطين في العراء اللاإنساني واللا أخلاقي.
فأردت أن أسعد الناس من شعب مصر العظيم والشعوب العربية، الذين يعانون وسط ضغوطات الأزمات السياسية في المنطقة، وأزمات أسعار الكهرباء والمازوت، إلا أنهم وجدوا في كرة القدم متنفسا يعبر عما يجيش داخل عقولهم وقلوبهم التواقة لفرحة حتى لو كانت من وراء القلب.
فوجدوا في المنتخب الأوليمبي المصري، في أوليمبياد باريس، حالة جديدة ومنظومة خطيرة، ومدربًا يعمل في صمت، بعيدًا عن الأبواق الإعلامية المزيفة والاستديوهات التحليلة التى تحتاج إلى تحليل أصلا لأشخاصها وعناصرها.
وتوقفت أمام كلمات روجيرو ميكالي المدرب البرازيلي الرائع الذى قال إننا وضعنا خطة منذ سنتين لكي نحلم بهذه اللحظة بناءً على إعداد جيد، وفكر رياضي حقيقي ومنظومة مكتملة الأركان فكان المنتج النهائي ما شاهدناه في مباراتي أسبانيا وبارجواي، كي يتحقق إنجاز عملي أن نصل عام 2024 للمربع الذهبي، وهذا لم يأت من فراغ.
فهذا الرجل صنع الحلم والفرحة والبهجة للمصريين بعد غياب طويل، والله لو خسروا المباراة القادمة مع فرنسا أو كسبوها فهذا لن يغير أو يضيف جديدا في أن هذا المدرب وجهازه المعاون والجهاز الإداري قاموا بإعداد مكثف ومنظم وعلمي وواقعي مع اللاعبين ليستحقوا دهشة المصريين والعالم في ظل أن منتخبنا كان خارج الحسابات الأوليمبية أمام فرق من العيار الثقيل، فالعالم يقف مندهشًا أمام الفراعنة الجدد، الذين يسطرون قواعد النصر والمجد بالأرقام والنتائج وليس بالشعارات والاستديوهات.
فعندنا زيزو بكل مقاييس الاحتراف أصبح ظاهرة، وأداؤه في مباراتي إسبانيا وباراجواي ينبئ بمشروع لاعب دولي محترف في الدوري الإنجليزي أو الإسباني أو الفرنسي وكذلك محمد شحاته هذا اللاعب الذى أبهر الجميع، وحارس المرمى حمزة علاء، بالإضافة إلى إبراهيم عادل الذى أحدث فرحة هستيرية لدى شعب مصر بأداء متميز، وبالطبع محمد النني عندما تم توظيفه توظيفا صحيحا بخبرته ورؤيته كان عاملًا إيجابيا مع المنتخب الأوليمبي، وكل اللاعبين لا أستثني منهم أحدًا.
لو كنت صاحب القرار، لمثل هؤلاء اللاعبون منتخب مصر في تصفيات كأس الأمم الأفريقية ليكونوا نواة لمنتخب مصري كبير، فلأول مرة في تاريخ الكرة المصرية نجد منتخبا لمصر -بغض النظر عن المكسب والخسارة- لديه أداء وجمل تكتيكية في الملعب ومنافسة مع أي خصم بلا أعداد كبيرة من المحترفين، وعظمة اللاعب المصري أنه إذا تم إعداده إعدادًا جيدا فإنه لا يقل عن اللاعبين المحترفين في الدوريات الكبرى وهذه شفرات اللاعب المصري والموهبة المصرية ولكن المشكلة الحقيقية التى تواجه المنظومة الرياضية هي الفساد ثم الفساد في الإدارة واتحاد الكرة وفي اللجنة الأوليمية التى كانت فضيحتها على الهواء في الدورة الأوليمبية
وعلى الجانب الآخر نجد منتخب اليد المصري يحقق المعجزات بأقل التكاليف والإمكانيات، ويحقق أرقاما قياسية، كأفضل فرقة على مستوى أفريقيا، بل فاق فرق أوروبا المحترفة.
وعودة إلى المنتخب الأوليمبي، فنحن فخورين بهؤلاء اللاعبين الذين أبهروا الجميع، فلم يصدق أحد من المصريين أن هذا هو منتخب مصر الأوليمبي وهو يرفع اسم مصر في سماء باريس وأمام فرق العالم، وكما قال موقع الفيفا الرسمي (لا تأمنوا المصريين ومنتخبهم) فإذا كان هناك عملًا إيجابيا نفخر به ونفتخر، فلابد أن نوجه التقدير والاعتراف بأي عمل إيجابي يحدث في مصر بعد حالة من الفوضى والفساد والارتباك في المنظومة الرياضية المصرية.
المصريون ينتظرون مباراة فرنسا فهل يتحقق الحلم بالوصول إلى النهائي؟ وآه لو تحقق الحلم العربي رياضيا ووصلت مصر والمغرب لنهائي الدورة الأوليمبيةـ، ليتوحد العرب رياضيا رغم فشلهم أن يتوحدوا سياسيا.. وما يجرى لنا خير شاهد أكثر من أي كلام.
هذا ما تعبر عنه النتائج قبل نشر هذا المقال وأمام هذه المعاناة التى يعانيها شعب مصر العظيم نجد بارقة أمل تلوح في الأفق، ليس في كرة القدم فحسب، ولكن في أن هناك أمل في أن يكون هناك تغيير في الأوضاع وتكون فاتحة الأوليمبياد بداية لاختيار الكفاءات والمواهب، وإعداد المخطط التنظيمي للبطولات العربية والأفريقية والدولية من خلال استبعاد كل العناصر الفاسدة التى أفسدت حياتنا في الاتحادات وفي الإعلام وفي الصحافة للأسف الشديد من البعض وليس الجميع، وأن يقف الخلق مبهورين بالمصريين الذين يخشاهم الجميع لو تم إعدادهم إعدادا جيدا فهؤلاء يعبرون عن جموع الشعب المصري.
فهل ما حققه منتخب مصر الأوليمبي في فرنسا يبني عليه أم (ترجع ريما لعادتها القديمة) ونفسد أي تخطيط ناجح من خلال أدوات وسماسرة الفساد الرياضي في مصر؟!
تحيةً مخلصة من قاهرة المعز، إلى اللاعبين الذين ساهموا في رفع اسم مصر وعلمها في المحافل الدولية، والدورات الأوليمبية وهذه رسالة إلى الجميع: اتقوا الله في المصريين واسعدوهم في المتنفس الوحيد الذى يعشقونه وهو كرة القدم بنسف الاتحادت والروابط الرياضية والمسابقات الوهمية والدوري الذي ليس له مثيل في العالم دوري الحاج عامر وهو ليس بعامر ولكنه مهدد لكل نجاح واستقرار رياضي في مصر.
ورغم ما قالته وكالات الأنباء والصحف الفرنسية، (حان الوقت لإيقاف منتخب مصر، في مباراة الفراعنة مع الديوك في الملاعب الفرنسية)، فتمنياتي أن يسعد هؤلاء اللاعبون الذين نرفع لهم القبعة اعترافا بأدائهم ورجولتهم وظهورهم بمظهر رائع أمام العالم، الشعب المصري، فالأمجاد والبطولات يصنعها المخلصون، والأرقام والنتائج لا تكذب ولا تتجمل.
ارحموا الشعب المصري من الاستديوهات التخريبية رياضيا وأخلاقيا وإنسانيا، والذين قفزوا على المشهد الرياضي وأصبحنا للأسف الشديد خارج اللعبة وهذا ما أكدته نتائج منتخب مصر الأول ولكن منتخبنا الأوليمبي أسعد وأدخل الفرحة في قلوب المصريين.
ورسالتي للدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة المتواجد مع البعثة في باريس، بضرورة حصر الموهوبين المصريين، الموجودين في الخارج، والذين تجنس بعضهم بجنسيات دول أجنبية، مثل آدم أصيل المصري الذى يلعب حاليا تحت علم تركيا وينافس على الميدالية الذهبية، فيجب الاهتمام بهذا الملف من خلال لجنة تضم كفاءات لحصر هؤلاء الرياضيين الأبطال وتوفير كافة احتياجاتهم للعب تحت علم مصر.
وختاما.. سواء كسبنا أو خسرنا فقد دخلنا التاريخ الرياضي من أوسع أبوابه في الأوليمبياد، منذ أن بدأت كرة القدم في مصر، لأن عام 2024 هو عام التكنولوجيا الرياضية والحسابات والقياسات والأرقام الحقيقة.
ورغم أن الدورة الأوليمبية شابها نوع من العنصرية ولكن ما أسعدنى على المستوى الشخصي بجانب منتخبنا هو مشاركة ولو رمزية لبعثة فلسطين، فرغم أن الفصائل الفلسطينية الـ14 لم تتفق في الصين، ولكن الشباب الفسطيني في كل اتجاه اتفق في باريس.