النهار
الأحد 29 ديسمبر 2024 08:42 صـ 28 جمادى آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: رؤية محمد بن سلمان

النائب أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار
النائب أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار

منحنى الله فرصة أداء العمرة، هذه الأيام، بعد غياب طال 3 سنوات بسبب جائحة كورونا، وفوجئت أثناء وجودى فى مطار جدة بأن شكل الأداء والخدمة مختلف تمامًا، وهناك تسهيلات وفتح آفاق جديدة للسياحة والجذب السياحى من خلال قرارات رائعة اتخذتها المملكة العربية السعودية فى تقديم كل الخدمات إلى المعتمرين والزوار.

ووجدت فى مطار جدة مجموعة من الفتيات على أجهزة الكمبيوتر يتعاملن بمنتهى الاحترام والسرعة وتقديم أفضل خدمة كأننى فى أفضل المطارات الأوروبية.

وعندما وصلت إلى مكة المكرمة وأديت العمرة، جلست مع مجموعة من الأصدقاء السعوديين، وشاهدت بنفسى مجموعة من الشباب والفتيات السعوديين يعملون فى قطاع الفنادق بشكل يدعو إلى الفخر والإعجاب رغم زيادة عدد المعتمرين والزوار وهم يستمعون إلى كل صغير وكبير من الزوار بمنتهى الإنصات والاهتمام وتنفيذ كل طلباتهم.

وعندما جلست مع أصدقائى السعوديين فى مجالات مختلفة، تساءلت: ماذا جرى فى السعودية؟ لقد شاهدت تغييرًا جذريًّا منذ أن وطأت قدمى مطار جدة.. ماذا حدث؟ فكانت الإجابة: إنها رؤية 2030 لولى العهد محمد بن سلمان الذى وضع استراتيجية جديدة وأحدث تغييرًا جذريًّا فى البنية السياحية والبنية الثقافية والبنية الاجتماعية وبنية تشغيل الشباب.

فمشروع رؤية 2030 من أهم وأخطر المشروعات المستقبلية الفريدة التى تؤهل السعودية لأن تكون أول دولة اقتصاديًّا على مستوى العالم، وليس فى مجموعة العشرين فقط، وستؤدى هذه المشاريع إلى فتح مجالات جديدة للنشاط الاقتصادى وخلق فرص عمل وإحداث تنمية اقتصادية حقيقية تعود على المواطن السعودى ورجل الشارع البسيط العادى؛ لأن رؤية ولى العهد محمد بن سلمان أن يزور السعودية فى العام 100 مليون سائح سنويًّا من خلال تجديد مدينة العلا وتحويلها إلى متحف حى، وهى تحتوى على آثار تعود لأكثر من 200 ألف عام، وإزالة كل المعوقات التى تعوق هذا الاستثمار المهم؛ لأن الاعتماد على النفط والغاز فقط لم يعد غاية، ولكنه وسيلة للتنمية المستدامة بالمشروعات العملاقة فى السعودية التى بدأت منذ 2018.

وأعجبنى جدًّا أن هناك اتجاهًا من خلال هذه الرؤية لمشروعات تحلية المياه المالحة باستخدام الطاقة الشمسية من خلال استخدام تقنيات التناضح العكسى ومحطة فرعية للطاقة الشمسية باستخدام الألواح الكهروضوئية الشمسية لتخفيف الضغط على المصادر النفطية الطبيعية وتخفيض تكلفة تحلية المياه، كما يتمثل التأثير البيئى بإزالة نسبة عالية من الانبعاثات الكربونية؛ وهذا يتماشى مع رؤية العالم فى الانخفاضات فى الانبعاثات الحرارية بسبب تأثيرها على كل بلدان العالم.

وسمعت من زملائى عن مشروع (روشن للإسكان) وهى إحدى شركات التطوير العقارى الوطنية التابعة لصندوق الاستثمارات العامة فى السعودية، وتهدف روشن إلى تطوير أحياء سكنية كاملة بمعايير عالية الجودة تتناسب مع تطلعات المواطن والمجتمع السعودى.

وما لفت نظرى أن هناك خطة لزيادة نسبة تملك المواطن السعودى الوحدات السكنية بنسبة تصل إلى 70% خلال السنوات العشر القادمة؛ تماشيًا مع رؤية السعودية 2030.

وازدادت دهشتى وتساؤلاتى عن وضع الشركات الصغيرة والمتوسطة فأجابوا بأن هناك أكثر من 890 ألف شركة تم إنشاؤها منذ انطلاق حملة رؤية، ومن خلال مبادرة التمويل غير المباشر، وتوفير أكثر من مليار ريال سعودى لأكثر من 2300 شركة.

والعجيب أن الإيرادات الحكومية (غير النفطية) ازدادت ما بين 2015 و2020 بنسبة 122% أى من 44 مليار دولار إلى 107 مليارات دولار.

وقالوا إن من أخطر مشاريع رؤية لعام 2030 مشروع (نيوم)، وهو مشروع يجسد مستقبل الابتكار والأعمال والمعيشة والاستدامة، كما يُعَدّ أيضًا أحد مشروعات صناديق الاستثمارات العامة الخاصة بالدولة السعودية وسيوفر 380 ألف فرصة عمل، والأهم أن هذا المشروع سيعتمد اعتمادًا كليًّا بنسبة 100% على الطاقة المتجددة.

وكانت المفاجأة أن داخل مشروع نيوم مشروعًا آخر من قلب نيوم هو مشروع تورجينا، وهى واجهة سياحية مدهشة ستكون منطقة للجليد طوال العام، وتنخفض درجة الحرارة فى الشتاء ما دون الصفر، وستُمارَس فيها رياضات التزحلق والأنشطة لمحبى المغامرات، وسيتنهى هذا المشروع القنبلة عام 2026، وسيكون أحدث مشروع على مستوى العالم وليس له نظير، بالإضافة إلى إنشاء بحيرة ضخمة بمياه عذبة وإنشاء قرية تُسمَّى (دافولت) وستُبنى بشكل عمودى داخل الجبال ومصممة وفق أحدث التقنيات ووسائل الترفيه والضيافة.

ناهيك عما شاهدته من نهضة إنشائية غير مسبوقة فى مكة المكرمة والمدينة المنورة وأن هناك اهتمامًا بتوجيهات ولى العهد محمد بن سلمان، ومتابعة مستمرة لأجهزة الشفافية والنزاهة والتى تضمن أنه لا أحد فوق القانون سواء كان أميرًا أو وزيرًا أو رجلًا عاديًّا، ويترجم هذا المفهوم بشكل عملى، ليكون المواطن السعودى هو محور اهتمام الدولة السعودية، والجميع يعمل لخدمته وراحته، وتأكدت حينها أن مجموعة المستشارين والخبراء الذين يحيطون بمحمد بن سلمان، ولى العهد، على أعلى مستوى علمى وتقنى فى كل المجالات، وهم يمثلون ذخيرة السعودية للمستقبل.

ناهيك عن الشباب الذين تم تسفيرهم على حساب الدولة إلى أمريكا وأوروبا وعادوا ليصبحوا يمثلون القوة الناعمة للسعودية فى كل أرجاء الدولة ومؤسساتها وشركاتها، وأصبحت المنظومة داخل المملكة تشعر بتغيير حقيقى لا شكلى، وأن ولى العهد أحدث تغييرًا تنمويًّا جذريًّا برؤية علمية باستغلال كل الطاقات الإيجابية للشباب والمستشارين وهو أصغر ولى عهد تولى المسئولية على مستوى المملكة منذ نشأتها بعمر 31 عامًا.

وكنائب فى البرلمان كنت مستقلًّا ومواقفى معروفة والمضابط خير شاهد على ذلك وقرارى من عقلى ولا أنتمى لأى حزب، وصحفى أتحدث بمنتهى الحيادية للبحث عن الحقيقة؛ حتى لا يزايد علينا أحد، وجدت خلال هذه الزيارة أن هناك رضًا عامًّا من خلال مواطنين قابلتهم من الشعب السعودى عما تقوم به الحكومة وولى العهد، وكانت الصيغة الجمعية للمجتمع السعودى هى أن ولى العهد يهتم بالمواطن ثم المواطن ثم المواطن، وهذا ما نشعر به كمواطنين، والله هذا ما سمعته بحق وصدق، من أناس كثيرين قابلتهم.

فلذلك رأيت أن أنقل ما عايشته وما شاهدته وما سمعته بالأرقام والإحصائيات؛ حتى تكون الرسالة إلى المواطن العربى والسعودى صادقة وليس فيها مبالغة.

ناهيك عن الدور السياسى الذى قام به ولى العهد، وأعجبنى على المستوى الشخصى مقابلته الرئيس بايدن أثناء القمة السعودية العربية، فكانت فيها كبرياء عربية حقيقية، وكما يُقال (الكبر على أهل الكبر صدقة)؛ لأن قراءتى لهذا المشهد جعلتنى فى هذه اللحظة أشعر أننا ما زلنا نستطيع أن نواجه الهيمنة الأمريكية ليس بالشعارات وليس بالأقوال ولكن بالأفعال.

وما حدث فى القمة الصينية والتقارب العربى الصينى والدور السعودى فى هذا الموضوع يجعلك تشعر أن هناك مخططًا تسير عليه السعودية، وهى إحدى أدوات الأمن القومى العربى مع مصر الشقيقة الكبرى، خصوصًا أن هناك قمة إفريقية عربية ستنعقد خلال شهر يناير على أرض السعودية دعا إليها ولى العهد لتكون إفريقيا هى البوابة الحقيقية للاقتصاد السعودى والمصرى والعربى فى الفترة القادمة، دون الاعتماد على أمريكا وأوروبا، وهذه التكتلات والقمم هى نواة حقيقية لعمل تكتل اقتصادى عربى إفريقى يواجه التكتلات الاقتصادية التى تريد أن تستنزف ثروات السعودية والعالم العربى بلا مقابل.

كل هذا جعلنى أكتب لأول مرة، وبشكل مهنى محايد جدًّا، عما شاهدته فى زيارتى الأخيرة أثناء تأدية العمرة فى المملكة العربية السعودية، والأهم ثم الأهم هو التطوير اليومى فى المسجد الحرام والمسجد النبوى من خلال إنشاءات تتم على مدار الساعة.

حفظ الله السعودية وشعبها؛ لتكون درعًا مع الشقيقة الكبرى مصر وجيشها لمواجهة الفتن القادمة وللدفاع عن الأمن القومى العربى ضد التتار الجدد الذين يحاولون أن يصدّروا الأزمات إلى بلادنا تحت مسمى حقوق الإنسان والحيوان.