النهار
الأحد 29 ديسمبر 2024 08:59 صـ 28 جمادى آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: حكاية الدولار والناس

النائب أسامة شرشر-رئيس تحرير جريدة النهار
النائب أسامة شرشر-رئيس تحرير جريدة النهار

أصبح الدولار حديث الشارع المصرى على كل المستويات، وليس على مستوى النخب والخبراء المصرفيين فحسب، فلقد صار حديث رجل الشارع الآن هو العلاقة العشوائية بين الدولار والمواطن المصرى.. المواطن الذى أصبح يدفع ثمن أى شائعة عن زيادة سعر الدولار فى كل سلعة يشتريها.

فأسعار الدولار الآن لا تنعكس على أسعار مستلزمات الإنتاج أو الاعتمادات المستندية بلغة الخبراء المصرفيين أو التكلفة المالية أو الموازنة العامة أو فوائد أقساط الديون، بل تنعكس وبشكل مباشر وخطير وجديد وغريب على المواطن المصرى واحتياجاته من قرص الطعمية والفول والكشرى، حتى تحولت أبسط المأكولات إلى عبء على كاهل الأسر المصرية، خاصة أن 70% من المواطنين يعانون معاناة شديدة من دخول رمزية، وأصبح الفول والطعمية من الرفاهيات التى تمس بطن وعقل وجيب المصريين بشكل يدعو إلى التأمل والتحليل: هل يصل الأمر بأن لعنة الدولار ونقاطه تصيب مسمار المواطن المصرى والطبق الرئيسى لملايين من المصريين فى مقتل؟!.

هل هذه دعوة للفوضى الدولارية وجشع الجميع بلا استثناء لأحد؟ لقد أصبحت السلع المصرية يتم التلاعب فى أسعارها بحجة ارتفاع الدولار والسوق الموازية من السوق السوداء التى أصبحت ترتفع أسعارها بشكل جنونى غير مبرر على الإطلاق رغم الانخفاض فى كثير من السلع الغذائية على مستوى العالم وعودة الإمدادات الغذائية بعد الاتفاق بين روسيا وأوكرانيا على تشغيل سلاسل غذاء من خلال تركيا؟!.

السؤال الذى يدور فى الشارع المصرى هو: هل سنظل تحت رحمة الدولار أم أن الحكومة والبنك المركزى سيتخذان قرارًا لمحاولة إيضاح الحقائق لدى الرأى العام؟ فمن المهم أن تكون هناك شفافية ووضوح لأن الجميع يعلم سواء داخل الغرف المغلقة أو خارجها وفى الإعلام الداخلى والخارجى أن إعلام الشائعات يرصد كل كلمة وكل حرف يدور حول مصر بصفة خاصة؛ لأن الدولة المصرية، والشعب المصرى بصفة خاصة، مستهدفة من هذه المواقع الإلكترونية الإخوانية، لا سيما رصد، ومن فضائيات الخارج والمجلات والصحف الأجنبية التى تنشر اتهامات وأكاذيب عن الوضع الاقتصادى لمصر فى محاولة لكسر الروح المعنوية للمصريين، والادعاء بأن الوصول للحد الأدنى من الحياة الكريمة غير متوافر، وأن البلد على حافة الإفلاس الاقتصادى والانهيار، وأن هناك فئات خارج سيطرة الدولة لتكون الشائعات هى اللاعب الرئيسى فى استهداف المواطن المصرى البسيط؛ حتى تجعله يكفر بكل الأشياء.

ولا أنسى مقولة مظفر النواب:

(لا تلم الكافر فى هذا الزمن الكافر؛ فالجوع أبو الكفار)

فهم يحاولون بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة استهداف المواطن من خلال إعلام مدفوع الأجر، وفى المقابل لا يوجد إعلام يواجِه هذا الإعلام؛ لسبب بسيط أن بعض الإعلاميين يقابَلون برفض حقيقى من الشارع المصرى لكل ما يقولونه؛ لأنه إعلام التطبيل والتهليل والمبالغة وليس إعلامًا مبنيًّا على أسس وحقائق وقواعد مهنية تحترم عقل وذكاء المصريين.

فلذلك فإن القرارات الأخيرة التى تم اتخاذها خلال الساعات الماضية بفتح الاستيراد والاعتمادات المستندية وإدخال كل البضائع المكدسة بأكثر من 5 مليارات دولار، هى أكبر رد عملى من رئيس الجمهورية لمواجهة هذه الشائعات والاتهامات بالأفعال والحقائق وليس الأقوال، فهذه هى الأخبار المبشرة ونحن فى نهاية عام 2022، والتى تعطى نوعًا من الأمل الجديد للمواطن المصرى الذى تحمّل عبء الشائعات وعبء الفساد وعبء التلاعب بقوت يومه والارتفاع غير المبرر فى أسعار الغذاء والفول والطعمية والكهرباء والماء والخدمات، ورغم ذلك تحمّل ويتحمّل، إيمانًا منه بأن هذه الدولة لن تسقط أبدًا أمام قاذفات وآلات الإعلام الداخلى والخارجى التى تحاول أن تسيطر على الرأى العام وسط مساحات ضبابية وكرتونات إعلامية وعدم القدرة على إقناع المصريين أمام تحكم الفاسدين والمحتكرين الذين أكلوا على كل الموائد السياسية والأنظمة السابقة، وأصبحوا يمثلون وبالًا وعبئًا ورِدَّة على الشعب المصرى العظيم الذى يعرفهم بأسمائهم وبكياناتهم الاقتصادية التى بُنيت على أرزاق المصريين.. فهل يُعقل أن يحتكر سوق الحديد رجل واحد أسقطه الشعب المصرى فى كل ميادين التحرير؟! وأصبح يتحكم ويحتكر هذه السلعة الأساسية فى التشييد حتى وصل سعر الطن إلى 32 ألف جنيه وسط موت بالسكتة القلبية لقوانين منع الاحتكار وحماية المستهلك، التى أصبحت عبئًا فى حد ذاتها على المستهلك فى مواجهة كيانات وأشكال تنهب هذا الوطن ليل نهار؛ حتى أصبحنا نرى يوميًّا المواد الغذائية والبضائع التى يتم ضبطها فى مخازن الفاسدين والسماسرة الجدد الذين يحاولون أن يصيدوا فى الأزمات ويغتنوا غنى فاحشًا ويتربحوا على حساب الفقراء!.

لا بد من تفعيل القانون وأن يكون هناك رد حاسم وسريع، لأنه فى ظل الأزمات والحروب ليس هناك عرض وطلب، ولكن يجب توفير السلع والخدمات بهامش ربح معقول، وبسعر مناسب بدلًا من تخزين البضائع وتكديسها، خصوصًا فى المواد الغذائية.

ولماذا لا تقوم الحكومة بإعلان أسماء محتكرى المواد الغذائية والحديد والأسمنت والسلع الاستراتيجية للرأى العام؟ ليكونوا عبرة أمام الشعب؛ حتى يطمئن المصريون بأن للدولة درعًا وسيفًا يذودان عنهم.. أم ستكتفى الحكومة بمصادرة البضائع التى يقومون بتخزينها لتحقيق أعلى الأرباح واللعب بورقة الدولار؟!.

لقد أصبح البيت المصرى يلعن الدولار كل صباح وكل مساء.. ويا ليت الجنيه المصرى يعود إلى وضعه الطبيعى عندما كان يعادل جنيهًا من الذهب.. فالذهب لم يعد ذهبًا فى ظل سماسرة الزمن الجديد الذين أصبحوا وبالًا على الشعب المصرى وعلى الإنسانية ولا يخشون الله فى الغش والتدليس والسوق السوداء التى أصبحت هى القاعدة، وأصبح الاستثناء هو الحلال وبيع المنتجات بسعرها الحقيقى.

ارحموا هذا الشعب العظيم من الدولار وإخوته يرحمكم الله.. وكفى المصريين وهم الدولار فى زمن تجار وسماسرة ومحتكرى العار فى هذا الوطن الحبيب.

ارحموا من فى الأرض..

يرحمكم من فى السماء.

ويحيا الشعب المصرى.