أسامة شرشر: كشف الحقائق فى إذاعة مونت كارلو
خلال رحلة عملى الحالية فى باريس، تلقيت دعوة كريمة من إذاعة مونت كارلو الدولية فى باريس، للمشاركة فى لقاء إذاعى استمر حوالى 30 دقيقة حول ملف «حقوق الإنسان فى مصر، ومؤتمر المناخ القادم فى شرم الشيخ».. استقبلنى أندريه مهاوج، رئيس تحرير المحطة، استقبالًا حافلًا، مع مجموعة من الزملاء الجزائريين والتونسيين والسوريين والمغاربة، وتجلت حلاوة الاستقبال فى مفهوم الوحدة العربية الشامل على أرض إذاعة مونت كارلو.
ما بين السوريين واللبنانيين والمغاربة والتونسيين، كانت الحميمية والرأى والرأى الآخر، وكانت هموم الوطن العربى هى القاسم المشترك بيننا، وكان اللقاء فى أخطر إذاعة فى أوروبا والعالم إذاعة مونت كارلو يحمل فى طياته سؤالًا بريئًا، فى ظاهره الرحمة وفى باطنه العذاب والشكوك والاتهامات لمصر، وفوجئ رضا جودى، المذيع الجزائرى، بى قائلًا له «إن ملف حقوق الإنسان فى مصر لن يكون فزاعة؛ لأنه أصبح حديثًا مستهلكًا».
وأنا أقولها بكل صدق؛ لأن الغربيين لا يفرقون بين حقوق الإنسان والحيوان فى عالمهم، فيدّعون الرحمة بالحيوان وهم يعذبون الإنسان على طريقتهم، ولكن مصر مستهدفة بأبسط التجاوزات الفردية، والمنظمات الحقوقية الأوروبية والأمريكية تصطاد أى خطأ فى مصر وتصوره للرأى العام العالمى على أنه أمر ممنهج، وأن ما يجرى فى قاهرة المعز هو جريمة مكتملة الأركان، وهم لا يدركون ولا يعرفون إلى الآن، أن مصر أصبحت تعرف شفرات منظمات حقوق الإنسان، وأصبحت تفكها بسهولة ويسر وليس لها أى تاثير لا من قريب ولا بعيد لسبب بسيط أن هذه الهجمة البربرية على مصر وعلى الرئيس السيسى مدفوعة الأجر ومدبرة وممولة من خلال أجهزة بعينها لا تريد بكل الطرق الاستقرار لمصر، وتدفع الجماعات الظلامية والمتطرفين والإخوان غير المسلمين لمحاولة استغلال ملف حقوق الإنسان فى تشويه صورة مصر قبل أى مؤتمر عالمى.
وتأمل عزيزى القارئ وأيها الشعب العظيم، كيف أن استقبال مصر لمؤتمر المناخ فى نوفمبر القادم سبقته دعوات عنكبوتية وإلكترونية على كل مواقع الإخوان بدعوات للتظاهر يوم 11-11 وهم يعلمون تمامًا لخامس مرة أن هذه الدعوات لا تجد صدى إلا فى مواقعهم وجرائدهم ووسائلهم الإعلامية وأن صرخاتهم الإلكترونية تبوء بالفشل الذريع فى كل مرة نتيجة وعى هذا الشعب العظيم لمؤامرات التنظيم الدولى للإخوان وليس الجماعة فى مصر وحدها.
فلذلك كان الحوار فى مونت كارلو يحتاج إلى معلومات وإحصائيات وقراءة متأنية، لتكون الإجابة بالأرقام والإحصائيات، ويكون الرد مبنيًا على أرض الواقع بالأفعال وليس بالأقوال.. وهناك فرق كبير جدًا بين حق الحياة وهو الهدف الأسمى والأكبر، وحقوق الإنسان الأخرى، فكل هذه الأشياء تُختزل فى تكريم الإنسان الذى كرمه الله عن سائر المخلوقات، ولكنهم يريدون أن يشعلوا فتيل الأزمات ليحرقوا مصر، وهم لا يدركون ولا يعلمون أن مصر فى رباط إلى يوم الدين فادخلوها بسلام آمنين، وهذه هى الشفرة التى لن يقدروا على الاقتراب منها.. لأن مصر تترجم حقوق الإنسان، من خلال حق الإنسان المصرى فى الحياة سواء فى السكن أو فى التعليم أو فى الصحة أو غيرها من الحقوق التى يغفل عنها الكثيرون.
(فما قيمة كون الإنسان .. لو أبقيت على الأرض جبان.. لا يعرف معنى الإنسان).. على الطريقة الغربية.
فلذلك كنت أتحدث معهم وضربت مثلًا بما جرى فى نيويورك وقيام الشرطة الأمريكية بالدهس بالحذاء على ذوى الأصول الإفريقية ولم يتحدث أحد وكأنه ليس إنسانًا! ولم تخرج هذه المنظمات المشبوهة وتتحدث عن ذلك.. وكذلك ما جرى فى فرنسا من مظاهرات السترات الصفراء واستخدام الشرطة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطى وكأن شيئًا لم يحدث.
ناهيك عن الجريمة الكبرى التى تعادل جرائم الحرب وليس جرائم حقوق الإنسان وهى قيام إسرائيل بالإبادة الجماعية للفلسطينيين على مرأى من المجتمع الدولى بأسره الذى يقف عاجزًا عن استصدار قرار ضدها، ولم تقم حتى الحكومة الأمريكية باعتبار اغتيال الشهيدة شيرين أبو عاقلة التى تحمل جنسيتها جريمة مكتملة الأركان.
نسينا هذا الموقف ونسينا جميعًا أن دم شيرين أبو عاقلة ما زال يلطخ حقوق الإنسان فى أوروبا وأمريكا وإسرائيل.
ناهيك عن السويد التى تمثل إحدى دول الرفاهية فى أوروبا والتى تصل فيها قائمة الانتظار للشقق إلى مليون شخص، بينما نحن فى مصر يعتبر مشروع الإسكان الاجتماعى بحق وحقيق طفرة ونقلة نوعية لم تحدث فى تاريخ مصر من قبل، وأصبح المعروض للشقق باختلاف درجاتها وبالدعم الحكومى للشباب متاحًا لكافة فئات المجتمع.. ألا يعتبر ذلك حقًا من حقوق الإنسان؟
وتساءلت وقلتها بأعلى صوتى فى إذاعة مونت كارلو: لماذا لم يأت بعض أعضاء منظمات حقوق الإنسان المحترمين وليس النوعيات المشبوهة التى نعرفها، وتشاهد الحقيقة على أرض الواقع فى مصر؟
تحدثوا كثيرًا عن الاختفاء القسرى فى السجون، فكانت فنكوشًا إخوانيًا لا وجود له إلا فى موقعهم الإلكترونى رصد وإخوته.
فكل هذه المعايير تحدثت فيها معهم، وقلت إن هناك بعض التجاوزات والأخطاء الفردية، ولكن لا ترقى إلى مرحلة الظاهرة التى تستوجب شن حملات ثم حملات فى كبرى وسائل الإعلام الأوروبية والأمريكية وقنوات التواصل الاجتماعى والبث التلفزيونى المريب.
القضية بمنتهى البساطة بلا تنظيرات أن (مصر مستهدفة) والله لو قدمت لبن العصفور سيقولون إنه مغشوش، وهذه قراءة للعقلية التآمرية من بعض الأنظمة الأوروبية والأمريكية، فمصر هى رأس الخيمة الحقيقى للعرب، ومشاريع الشرق الأوسط الجديد والقديم والمستقبلى ما زالت محفوظة لدى أجهزة الاستخبارات لمحاولة إسقاط مصر بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة.
وأقولها من أعلى مئذنة فى قاهرة المعز إنهم لن يقدروا على ذلك؛ لأن مصر بشعبها وجيشها حفظها الله.. وهذا هو السر الذى يدركونه أو لا يدركونه، فمصر عصية عبر التاريخ والأزمان والغزوات والحروب على السقوط؛ لسبب بسيط أنهم لا يعلمون كتالوج المواطن المصرى، فالأرض والنهر هما العرض والشرف بالنسبة له، فيدفع حياته ثمنًا للدفاع عن أرضه ومياهه أمام أى قوة مهما كانت، وهذا مثبت بحكم التاريخ والجغرافيا السياسية.
وعندما تحدثوا عن ملف مؤتمر المناخ «كوب 27» الذى يجىء بعد مؤتمر جلاسكو وكوبنهاجن وباريس، كشفت كيف كانت دعوة الرئيس السيسى زلزالًا سياسيًا جاء فى وقته بعدما حاولت بعض الدول أن يكون المؤتمر فى بلدها ولكن فازت مصر باستضافة مؤتمر المناخ فى شرم الشيخ عاصمة السلام، وتعمل أجهزة الدولة المصرية بكل كفاءة وليل نهار على إخراج هذا المشهد العالمى، ليكون مؤتمرًا يليق بمصر التى تتحدث باسم الدول الإفريقية فى ظل أكبر أزمة يعانى منها العالم وهى الأزمة الأوكرانية، ليكون مؤتمر المناخ الذى يعالج الانبعاث الحرارى وزيادة الانبعاثات الكربونية للوصول إلى الاستخدامات الآمنة للطاقة الشمسية وبيئة نظيفة واقتصاد أخضر، ولكن أقولها إن أخطر ما يهددنا هو الاحتباس الإنسانى على طريقة المنظمات الحقوقية مدفوعة الأجر، وليس الاحتباس الحرارى.
وكان شعار التنمية المستدامة للطاقة والغاز والغذاء والبيئة النظيفة هو شعار هذا المؤتمر، وأن يكون الالتزام بدفع تمويل بقيمة 100 مليار دولار لكى تواجه مصر والدول الإفريقية التى ليس فيها ابنعاثات كربونية، فنحن ندفع فاتورة الأغنياء المناخية من دول أوروبا وأمريكا على حساب الفقراء الذين لم يتسببوا فى هذا.
فإذا نجحت مصر فى جذب التمويل الكافى لعلاج المناخ، ووضع روشتة للتنمية المستدامة واستدامة البيئة النظيفة والطاقة الشمسية وتأمين الطاقة والكهرباء والغاز والغذاء للعالم تكون مصر قد حققت هدفًا لم يتم تحقيقه فى مؤتمر جلاسكو فى لندن أو مؤتمر باريس للمناخ، وإنما تحقق بحضور رؤساء العالم وملوكه تحت سماء أرض الأديان والحوارات، ويكون النجاح حليفًا للدولة المصرية، خصوصًا مع الاستعدادات والترتيبات التى يقوم بها اللواء الكفء والنشط خالد فودة والزيارات المكوكية للدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، واللقاءات المستمرة مع المهندس طارق الملا، وزير البترول، والدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، لنشر محطات وقود صديقة للبيئة.
كل هذا يجرى منذ شهور دون إعلام أو إعلان ليفاجأ العالم فى مؤتمر «كوب 27» بصوت مصر عندما تقول هنا القاهرة.. أرض الحضارات والأديان والأزهر الشريف والكنائس وبلد الفراعنة والآثار.. ويكون شعارنا للقادمين لحضور مؤتمر المناخ ادخلوها بسلام آمنين.
فمصر تمصّر غيرها ولا تتمصّر
لأنها فى رباط إلى يوم الدين.