أسامة شرشر يكتب: من يحمي نساء مصر؟!
كلنا متهمون بقتل نيرة، وأي نيرة أخرى من نساء مصر.. فلقد تابعنا مقتل 4 سيدات من نساء مصر الشريفات، في أسبوع واحد، وهو مؤشر خطير وزلزال اجتماعي لم يحدث في تاريخ مصر من قبل.
وجاء مقتل ونحر نيرة أشرف في عز النهار، أمام جامعة المنصورة، ليؤكد أن المجتمع يسير في الاتجاه المعاكس، وأن القيم والأخلاق والشهامة والتسامح أصبحت في خبر كان.
وجاء مقتل المذيعة شيماء جمال، في عز الليل، ودفنها، من خلال أحد رجال القانون، ليعطي مؤشرًا خطيرًا ودلالة بأن قتل النساء لا يفرق بين مثقف أو متعلم أو جاهل؛ لأن العقل الجمعي المصري أصبح يمارس العنف ضد المرأة بصورة روتينية.
ويدفعنا مسلسل العنف ضد المرأة لنفكر ونحلل ونرصد هذه الظاهرة الدخيلة على المجتمع المصري، وأتهم الجميع، وأنا منهم، أننا كلنا مقصرون، سواء كنا رجال تعليم أو رجال دين أو إعلام أو صحافة أو مجتمع مدني، في عدم دق ناقوس الخطر أمام هذا الوضع اللاإنساني واللاأخلاقي واللاحضاري، والذي ينقلنا إلى عصر الجاهلية، عصر وأد الأنثى.
والتساؤل الواقعي: أين قانون مناهضة العنف؟ وهل تكفي التشريعات والمواد الحالية في قانون العقوبات لحماية المرأة من هذا الانفلات المجتمعي والبلطجة وهستيريا العنف؟ نحن نحتاج لعدالة فورية ولحظية ورادعة للقضاء على هذه الجرائم.
وللأسف الشديد لعبت السوشيال ميديا دورًا لا يقل خطورة وأهمية عن جريمة القتل نفسها، في إظهار صور الضحايا بشكل بشع، تحت بند التريند والانتشار، وأصبح تصوير القتلى مشهدًا معتادًا يحرك الحجر ولا يحرك البشر.
فلذلك أقترح أن يكون هناك تشريع محدد وواضح من خلال مجلس النواب، للتعامل مع التهديدات التى تطول النساء وتنتهي غالبًا بحفظ البلاغات؛ ما يؤدي فيما بعد إلى قتلهن، وهذا التشريع يمكِّن رجال الشرطة الذين يعملون ليل نهار من التعامل بسرعة وحرفية وبطريقة قانونية مع هذه التهديدات لمنع الجريمة قبل حدوثها.
ونقترح على الزملاء في المجلس الأعلى للإعلام أن تكون هناك عقوبات رادعة وفورية على صفحات وجروبات مواقع التواصل الاجتماعي التى تستبيح نشر صور الموتى من النساء، ونفضح هذه الصفحات والحسابات في كل وسائل الإعلام والصحافة، ومخاطبة مواقع التواصل لغلق هذه الصفحات والحسابات؛ ليكون هناك نوع من الردع الإعلامي لمافيا مواقع التواصل الاجتماعي شاملة فيسبوك وتويتر وإنستجرام وغيرها.
وأقترح أيضًا أن تشكل لجان دائمة ومستمرة- وليست مجرد رد فعل على أزمة- من الخبراء والمتخصصين والباحثين في علم النفس والاجتماع والصحة النفسية والمجتمع المدني،مع الاستعانة بإحصائيات وبيانات حقيقية يمدهم بها جهاز التعبئة العامة والإحصاء ومركز البحوث الاجتماعية والجنائية، لتحليل هذه الظاهرة، ووضع روشتة لعلاجها؛حتى لا نكون رد فعل لأي حدث أو أزمة أو جريمة قتل بشعة، على أن يتم نشر تقارير هؤلاء الخبراء وأساتذة الجامعات على الرأي العام.
كما أطالب الحكومة بسرعة إصدار قرار بإنشاء مراكز للدعم النفسي في الجامعات والمدارس ومراكز الشباب والأندية، وأماكن تجمعات الشباب، لتكون نافذة للتواصل مع الشباب والفتيات من خلال إخصائيين اجتماعيين ونفسيين ومواجهة المشكلات وأي ظواهر سلبية؛ لتكون ناقوس إنذار لعلاج الحالات التى تحتاج لعلاج من مشكلات وأمراض نفسية انتشرت بشكل سريع في وسط الشباب الذى يمثل 60% من السكان، لأن هذا الفيروس النفسي (الهشاشة النفسية) أصبح يشابه في انتشاره فيروس سي الذى قضينا عليه، بل أكثر خطورة منه؛ لأنه يهدد حياة شباب في مقتبل العمر.
وأخيرًا أتمنى أن تتوحد العقول المصرية والكفاءات الحقيقية والمستقلون من علماء مصر في الداخل والخارج، لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة التى تضرب المجتمع المصري في مقتل، لأن الأمن النفسي للشباب لا يقل خطورة وأهمية عن الأمن القومي في الدفاع عن الحدود والوطن؛ لأن ضحايا هذه الأمراض النفسية هن النساء، ونساء مصر هن جيشها الذي يحمي الأسرة والمجتمع من الانهيار والضياع.
فعزائي لنيرة، وأي نيرة أخرى من بنات مصر الأشاوس.
ولا صمت بعد اليوم.