أسامة شرشر يكتب: محمد صلاح الذى أحببناه فقتلناه
لا أستطيع أن أصمت أمام محاولة بعض الأقزام فى بعض البلدان الإساءة للرسول (صلى الله عليه وسلم) خاتم المرسلين وخاتم الأنبياء، أبى من أبى، ووافق من وافق، وسيظل الرسل والصحابة وآل البيت آخر قنديل زيت على أرض الحياة.
وقد رد الأزهر الشريف، بقيادة العالم المستنير الدكتور أحمد الطيب، على المتحدثة باسم حزب (بهاراتيا جاناتا) الحاكم فى الهند، والتى أرادت أن تكتسب الشهرة بمحاولة الإساءة لزوجات الرسول، وهو الأمر الذى يمثل إرهابًا ليس بالرصاص ولكن بالكلمات.
لعن الله هذه المتحدثة..
مع الأسف الشديد تحولت منصات التواصل الاجتماعى، على مستوى العالم، لتعطى دلالة خطيرة أنه لا قيمة للمتحدث ولا للمستمع على هذه المنصات الشيطانية.
فلذلك خير الكلام ما قل ودل، فآلاف الكلمات والمجلدات لا تفى الرسول وصحابته وآل بيته الكرام حقهم.
الذى جعلنى أتحدث وأكتب عن محمد صلاح، هو حالة الشماتة والهجوم والتطاول من بعض أفراد الشعب المصرى– للأسف الشديد- وهم قلة، على محمد صلاح الذى كان ويبقى وسيظل أيقونة مصرية فى عالم كرة القدم.
فمشكلة محمد صلاح فى مصر أنه لم يأت من نادى الأهلى أو نادى الزمالك، وهذا هو لب القضية، ولكنه جاء من خارج سطوة وسيطرة جماهير الناديين، فأصبح بلا ظهير داخل أى من الناديين، وبالتبعية داخل اتحاد الكرة، الذى يعتبر جزءًا من مجلسى إدارة ناديى الأهلى والزمالك، وهذه هى الطامة الكبرى، ومكمن الخلل فى المنظومة الرياضية المصرية أن تتحول الاتحادات الرياضية إلى فروع للأندية الكبرى لا تملك القرار أو السيطرة أو وضع خطط مستقبلية للنهوض بالرياضة المصرية.
فارجموا اتحاد الكرة، لأنه وُلد سفاحًا، ولم يجئ من خلال انتخابات حقيقية؛ لأن منظومة الاختيار والانتخابات تخضع لعوامل غير رياضية وتأتى بتعليمات للأسف الشديد فوقية أو تحتية لا علاقة لها بالتخطيط أو قراءة المستقبل لأهم وأخطر لعبة جماهيرية فى مصر والعالم.
وعودة إلى محمد صلاح الذى أحببناه فقتلناه بالكلمات على شبكات التواصل الاجتماعى، حتى وصل الأمر بأحد المتطرفين كرويًا أن يتحدث عن دخل محمد صلاح فى إنجلترا وليس فى مصر، وكأن محمد صلاح يدفع فاتورة الفساد الأخلاقى والرياضى لمجموعة تحاول أن تشوه هذا الرمز الذى أصبح حديث العالم لسبب بسيط، أنه اعتمد على ذاته، وطور من إمكانياته ولم يكن لأحد عليه فضل من المنظومة المحلية، وهذه هى أزمة محمد صلاح معنا.
فهل يُعقل أن يتم تكريم محمد صلاح بهذا الشكل غير اللائق أدبيًا أو معنويًا أو شعبيًا قبل المباراة فى استاد القاهرة، لتكون نظراته وتعبيراته أكبر دليل على الغضب الداخلى، وهو الذى كرمته أكبر ملاعب العالم وكل المؤسسات العالمية.
وارجعوا بالذاكرة قليلًا إلى الوراء لتجدوا ولى العهد البريطانى وزوجته فى استقبال محمد صلاح فى أحد القصور الملكية بشكل يدعو للافتخار بإنسان يمتلك مقومات وأدوات ليس النجم الرياضى فقط ولكن النجم الأخلاقى الذى هز وجدان الشعب الإنجليزى بإنسانيته ووسطيته الدينية ومشاركته فى الكثير من الفعاليات الإنسانية، وهذا ليس كلامًا، ولكنه حقيقة ظهرت فيما فعله محمد صلاح مع مؤمن زكريا فى نادى ليفربول بعد تسلم كأس البطولة، وهو ذكاء إنسانى واجتماعى وحب من جماهير ولاعبى نادى ليفربول ومجلس إدارته للاعب المصرى، حتى كاد مؤمن يقوم من على كرسيه المتحرك بسبب الحفاوة والإنسانية.
ومثال آخر أثر فينا بشدة عندما شاهدنا اللاعب الكورى الجنوبى سون، وكيف خرج الشعب الكورى لاستقباله فى المطار بشكل حضارى وإنسانى، وصورته كل وسائل الإعلام العالمية رغم أنه تقاسم نفس الجائزة مع لاعبنا محمد صلاح، وحصل أيضًا على وسام الدولة الرياضى فى كوريا! وهو ما يعطى دلالة على رعاية الدولة والشعب معًا لهذا اللاعب الذى لم يفعل ولم يصل إلى جزء من مكانة وإنجازات محمد صلاح على مستوى العالم.
وكما يقول المثل الشعبى، للأسف الشديد (مطرب الحى لا يطرب)،
فلماذا نهين الكفاءات والشرفاء فى كافة المجالات الثقافية أو العلمية أو البحثية والرياضية؟!.
ولماذا يقوم البعض منا بالتطاول والهجوم غير المبرر على أيقونة العالم وأحسن لاعب فى العالم محمد صلاح؟! تخيلوا معى لو كان محمد صلاح ينتمى لأى دولة أخرى، كنا نحن المصريين سنشيد ونتباهى ونتغنى به، ولكن للأسف الشديد لأنه منا ونحن، كانت الشائعات والاتهامات والطلقات النارية على شخص محمد صلاح سببًا فى مقتله معنويًا، وكما نقول فى بعض الأحيان (من الحب ما قتل).
ولكن هذا القتل المتعمد يأتى من البعض، وهم قلة للأسف ابتليت بهم مصرنا العظيمة وأصبحت أصواتهم هى المسموعة، وهذا ليس بجديد، فمنذ أيام خرج علينا شاعر من المجهول، ولا نعرف كيف هذا الإنسان يقرض الشعر، ليقوم بالتطاول والهجوم على رمز من رموز الغناء العربى التى هزت مسرح الأوليمبيا فى باريس، عندما كانت تسافر ليلًا ونهارًا لبلدان العالم تجمع الأموال للمجهود الحربى فى مصر، وهى الهرم الرابع السيدة الفاضلة أم كلثوم، وبالتبعية يكون محمد صلاح هرمًا خامسًا فى الرياضة المصرية، ولن تجود مصر بمحمد صلاح آخر؛ لأنه حالة استثنائية وظاهرة غير طبيعية مثل التغير المناخى تحدث على فترات طويلة.
فارحموا محمد صلاح وأكرموه وكرّموه بما يليق بما فعله وصنعه لصالح مصر، وهو العاشق لترابها ولأبناء بلدته التى لا يتأخر عن المساهمة فى أى حدث إنسانى أو اجتماعى يسعدهم.. ولأنه لا يتحدث وليس له لوبى إعلامى داخل مصر؛ فهو دائمًا موضوع فى خانة الاتهام ثم الاتهام ثم القتل المعنوى.
فلذلك أقترح على الحكومة أن يكون محمد صلاح ضمن المنهج الدراسى لطلبة المرحلة التعليمية الأولى؛ حتى يكون نموذجًا يُحتذى به فى التفوق والإبداع والإصرار وتحقيق المستحيل بأقل الإمكانيات.
وأضيف: لماذا لا نستغل اسم محمد صلاح فى افتتاح المتحف المصرى الكبير والترويج لمتحف الحضارة ليكون اسمه جذابًا لكل عشاق محمد صلاح فى العالم سواء فى إنجلترا أو أى مكان على الكرة الأرضية؟!.. فقد استطاع صلاح بأخلاقه وعلمه الرياضى أن يكون أيقونة الشعب الإنجليزى حتى أطلقوا عليه (مو صلاح- الملك المصرى) عشقًا وافتخارًا، ونحن نطلق عليه الفاشل محمد صلاح، ونتهمه بأنه لم يضف للمنتخب الوطنى شيئًا. كيف يضيف والمنتخب الوطنى فى حالة من التردى والضعف فى الأداء وفى الحوكمة الرياضية؟!، كيف تطلبون المستحيل فى زمن اللامستحيل الكروى؟!، لأن الكرة أصبحت علمًا وليست فهلوة وصناعة واستثمارًا وليست اجتهادات وعشوائيات؛ فهى تعبر عما يدور حولها، فأخطر شىء فى منظومة الكرة فى مصر أن «أمرها فى يد صغارها».
وأخطر شىء فى موضوع محمد صلاح هو الخوف من أن نفرح بأيقونة؛ حتى وصل بنا الحال أن أصبحنا نفرح بالفاسدين وأصحاب الكرتونات الرياضية التى هى امتداد للكرتونات السياسية الفاسدة.
كل هذا جعلنى أقول كلمة حق فى زمن لا حق فيه للشرفاء والأكفاء والأيقونات فى كل المجالات.
فارحموا محمد صلاح وادعوا له أن يوفقه الله فى أن يظل نجمًا ساطعًا فى سماء الكرة العالمية بدلًا من أن تدعوا عليه وتتهموه بما ليس فيه.
ارحموا محمد صلاح يرحمكم الله