أسامة شرشر يكتب: رسائل الحادث الإرهابى فى سيناء
لا يمكن أن يمر الحادث الإرهابى الأخير فى سيناء دون فهم المغزى والمقصود من هذه العملية التى تأتى بعد عامين من حصار وانحسار الإرهابيين والتكفيريين فى سيناء، الذين كانت تدعمهم أجهزة استخبارات دولية بأحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا والأسلحة والمعدات، ليكونوا ثغرة لتنفيذ مخططات التنظيم الدولى للإخوان وتوابعه من ميليشيات داعش والسلفيين الجهاديين.
والتساؤل: لماذا هذه العملية على محطة مياه فى هذا التوقيت؟
وما الرسائل من هذه العملية الإرهابية؟
والإجابة عن هذا السؤال تكمن فى عدة نقاط:
أولًا: منذ أربعة أعوام استطاع الجيش المصرى خير أجناد الأرض بمعاونة جهاز الشرطة القيام بأكبر عملية بدأت منذ سنة 2018 وهى عملية (إنفاذ القانون) وحصار الإرهابيين فى شبه جزيرة سيناء كاملة، ومنذ عامين أتت العملية ثمارها وظل الجيش عامين لم يتعرض لعمل إرهابى واحد بعد ضربات حاسمة ضد الإرهاب قضت عليه.
فكانت الرسالة التى تم الإعداد والتخطيط لها من الداخل والخارج زرع عناصر جديدة ليتم إحداث ضربة إجرامية لإثبات وجودهم وأنهم ما زالوا يمتلكون المبادرة فى ضرب أهداف فى سيناء حتى لو كانت بعيدة عن التمركزات الاستراتيجية للقوات المسلحة والشرطة فى سيناء.
ثانيًا: بعد إعلان رئيس الجمهورية فى احتفال الأسرة المصرية، عن حقائق مسلسل (الاختيار 3) والأسرار التى أذيعت لأول مرة فيه، والخاصة بالتنظيم الدولى للإخوان والحوارات المسجلة صوتًا وصورة، حدث انقسام أيديولوجى داخل التنظيم فى الخارج ما بين جماعة لندن وجماعة إسطنبول، وشعروا أن هذا المسلسل كشف المستور عن هذه الجماعات الظلامية التى كانت تهدف إلى بيع الوطن.
ووصل تأثير هذا المسلسل (الاختيار3) الى أن إحدى الصحف الاقتصادية البريطانية أفردت عنه تقريرًا كاملًا.. ولماذا بريطانيا؟!
لأن جماعات هذا التنظيم متغلغلة فى شرايين الأجهزة الإعلامية ومراكز البحوث هناك.. فكان رد فعلهم على مستوى حدث (الاختيار 3) عملية تخطف الأنظار وتلفت الانتباه عن خيانتهم.
ثالثًا: إطلاق الحوار السياسى، واعتبار هذا العام هو عام المجتمع المدنى، وإنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، والأخطر هو عودة لجنة العفو الرئاسى للإفراج عن المحبوسين احتياطيًّا، ما لم يكونوا ارتكبوا جرائم إرهابية أو تورطوا فى أعمال عنف.
فجُنّ جنود التنظيم الدولى للإخوان والميليشيات الإرهابية مثل داعش والسلفية الجهادية الذين كانوا على خلاف مع بعض عناصر حماس، نتيجة تورط أحد أقارب قيادى فى حركة حماس بغزة معهم، وتسريبهم بعض المعلومات المهمة عن تواجدهم فى سيناء إلى قوات الأمن المصرية.
رابعًا: إعلان فصيل من الإخوان رغبتهم فى المشاركة فى الحوار السياسى، وهذا يحدث لأول مرة، وكأنها نوع من المناورة السياسية وجس النبض، للعودة من خلال الحوار السياسى أو بمعنى أدق، محاولة (تفجير الحوار السياسى).
خامسًا: اختيار بعض المواقع المدنية المحمية بغطاء عسكرى لأهميتها لإحداث ضجة وهزة والإشارة إلى أنه ما زالت لديهم أيادٍ وأصابع– على طريقة مرسى- فى سيناء، وأنهم أرادوا إرسال رسائل للخارج أنهم ما زالوا قادرين على تنفيذ عمليات فى سيناء وأنهم يحتاجون إلى دعم مادى ولوجستى لاستكمال الأهداف التى يريدونها وهى رسالة للممول ليرسل لهم الأموال والسلاح.
وأنا أتوقع أن أخطر رسالة ينتظرها الرأى العام المصرى والعربى خلال الساعات القادمة أن يقوم الجيش المصرى بالقبض على هذه العناصر التكفيرية التى تختبئ فى أماكن وعرة؛ ليكونوا عبرة لمن يحاول أن يكرر هذه الجريمة الشنعاء التى هزت الرأى العام المصرى والعربى والعالمى.
وفى نفس الوقت هى رسالة قوية لتطهير الجيوب المتبقية فى الأماكن النائية ذات التضاريس الصعبة من هذه الفلول الإرهابية التى ترقص رقصة الذبيح أو رقصة الموت الأخيرة.. حتى يتم قطع كل خطوط التمويل والاتصال لهذه الجيوب الإرهابية.
ولن يحدث ذلك إلا بتعمير سيناء بالعقول والشباب وتنمية حقيقية على أرض الواقع؛ لأن زراعة البشر أقوى الأسلحة للتصدى لمحاولات إعادة الإرهاب.
وكما كررتها فى لقائى بالتلفزيون المصرى فإنه من الواجب شكر عوائل وقبائل سيناء الحبيبة الذين يبذلون جهودًا وطنية مخلصة فى التعاون مع الأجهزة الأمنية لترقب كل العناصر الخارجة عن القانون وبعض العملاء الذين يحاولون زراعتهم فى سيناء.. وأهل سيناء أدرى بتضاريسها وأهلها.
وأخيرًا نحن كلنا ثقة بأن خير أجناد الأرض من رجال القوات المسلحة لن يهدأوا ولن يناموا إلا بعد القصاص لشهدائنا الأبرار من رجال الجيش المصرى، ليكون ذلك أقوى رسالة ردًّا على من يحاولون ضرب الاستقرار والأمان فى سيناء وكل شبر من أرض مصر.
حفظ الله مصر أمام كل المؤامرات التى تريد أن تضرب هذا الوطن العظيم.
وادخلوها بسلام آمنين.