أسامة شرشر يكتب: 2022.. عام مواجهة الفساد؟!
1) الفساد أصبح عينى عينك، وعلى المكشوف، وفى بعض الأماكن تعدَّى الرُّكب ووصل للرقاب وعلى عينك يا تاجر، ملف فتحته قضية كريم الهوارى التى استفزت الرأى العام، بتفاصيلها، التى تعرِّى القانون وتتحداه، حيث إن أقصى عقوبة تنتظر الجانى فى قتل أربعة شباب بسيارة تحت تأثير المخدرات هى سبع سنوات سجنًا، والأخطر أن الفساد أصبح استعراضًا لقوة المال، حتى أصبح الناس على وشك اليقين بأن سرطان المال ربما صار أقوى من السلطة والقانون.
فهل يُعقل أن هذا المتهم يرتكب هذه الجريمة، ويحضر إلى قاعة المحكمة على سرير طبى من أحد المستشفيات، بينما أسر الضحايا لا يجدون من يحنو عليهم؟!.
2) ما زال مسلسل تصفية عمال مصر مستمرًا على يد وزير قطاع الأعمال هشام توفيق، والدكتورة نيفين جامع، وزيرة الصناعة «شاهد ما شفش حاجة».
فهل يُعقل أنه فى الوقت الذى يشدد فيه الرئيس السيسى منذ أيام قليلة فى أسوان على تشغيل المصانع، وتيسير التراخيص وتشغيل العمالة، تتحرك الحكومة لتصفية العمال؟ وتعرض شركة (فحم الكوك) بحلوان للبيع وهى الشركة التى يعمل بها حوالى 1500 عامل وأنشئت فى بداية الستينيات فى عهد عبدالناصر؟!.
أقترح على وزير قطاع الأعمال أن يقوم بعمل مزاد على عمال مصر الأوفياء والشرفاء؛ حتى يريح ويستريح بالقضاء على آخر عامل مصرى حتى يتوقف الإنتاج والتصدير!.
وشكر الله سعيكم.
3) لم أستطع المشاركة- لأننى كنت خارج مصر- فى جنازة الدكتور جابر عصفور، آخر الرجال المحترمين، والتى خرجت من جامعة القاهرة مثلما خرجت جنازة طه حسين، عميد الأدب العربى.
فجابر عصفور أحد التلامذة الذين تربوا على أيدى العلماء وأساتذة الجامعات العظماء أمثال الدكتورة سهير القلماوى، التى تتلمذت بدورها على يد الدكتور طه حسين نفسه.
وهذا الفقيد الثقافى كانت مواقفه واضحة فى مواجهة طيور الظلام، معلنًا ومؤكدًا أن مصر دولة مدنية وليست دينية.
أطالب الدكتورة إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة، بإطلاق اسمه على إحدى القاعات الكبرى بوزارة الثقافة، وأن يكون معرض الكتاب هذا العام على شرف الدكتور جابر عصفور.
4) فقدت الصحافة المصرية والعربية أحد الرموز المهنية الكبرى بجريدة الأهرام القاهرية، ثانى أقدم صحيفة على مستوى العالم، وأقدم صحيفة على مستوى الشرق الأوسط.. وهو الأستاذ إبراهيم حجازى.
فقد كان حجازى– رحمه الله- نموذجًا للصحفى الشامل، واتخذ من بوابة الرياضة نافذة وإطلالة ليؤسس مجلة الأهرام الرياضى التى كانت أول مجلة متخصصة فى مجال الرياضة.. وكان نقابيًا شريفًا وخادمًا للصحفيين فى كل المؤسسات الصحفية من خلال عضويته الطويلة بمجلس نقابة الصحفيين.
وكان أحد الرجال الأوفياء- فى زمن اللا وفاء- للمرحوم إبراهيم نافع، وجاء تعيينه فى مجلس الشيوخ قبل رحيله ليعكس جدارته التى تكونت من مواقفه الوطنية الكبيرة وامتدادًا لنضاله المتمثل فى مشاركته فى حرب أكتوبر المجيدة.
فنعزِّى أنفسنا ونعزِّى الصحفيين جميعًا والرأى العام المصرى والعربى فى وفاة إبراهيم حجازى أحد القامات الصحفية فى بلاط صاحبة الجلالة فى زمن قل فيه الوفاء والرجال.
5) استقالة حمدوك السودان لم تكن مفاجأة، ولكنها متوقعة، وهى آخر مسمار فى نعش الثورة السودانية، سيعقبها انفجارات فى كل الاتجاهات.
والخاسر الوحيد هو الشعب السودانى العظيم الذى أثبت قدرته على الصمود والتحدى وأسقط عمر البشير.
فهو شعب عظيم يمتاز بالحكمة والطيبة.. ولكن احذروا غضبة الشعب السودانى؛ لأنها غضبة الحق والحقيقة، واتقوا شر الحليم إذا غضب.
فكلنا مع أبناء وادى النيل، هذا الشعب الكريم العظيم، الذى لا يريد إلا دولة مؤسسات، ودولة مدنية، بعيدًا عن الأحزاب المفككة وتقسيمات الشركاء والمدعين الجدد فى السودان الشقيق.
ولا بد أن نعترف بأنه لا توجد أحزاب فى عالمنا العربى، وهذه حقيقة؛ فلن نضحك على أنفسنا، واسألوا المواطن العربى، وما يجرى فى السودان خير شاهد على ذلك.
6) هل ينجح بوتين بخبرته فى تجنب مواجهة عسكرية كبرى مع الولايات المتحدة وأوروبا فى أوكرانيا؟ أم أن كل الطرق وكل المفاوضات ستؤدى إلى صدام عسكرى؟!
فبوتين يرى أن مواقفه المتشددة هدفها الحفاظ على الهوية الروسية وعلى المجال الحيوى لروسيا.. ويعمل على ألا يكون حلف الناتو لاعبًا رئيسيًا على حدود روسيا يعبث بها وبأمنها القومى.. ولكن هل ينجح بوتين فى تحقيق أهدافه والحفاظ على مكاسبه الحالية دون التورط فى حرب عسكرية مع أوروبا وأمريكا؟
هذا ما ستجيب عنه الأحداث والأيام خلال الفترة القادمة.
7) أنا قلقان جدًا على شكل منتخب مصر فى البطولة الإفريقية، لأنها ستكون المرة الثانية التى يظهر بها المنتخب بصورة سيئة فى وقت قصير.. فمؤشرات كيروش لا تطمئن، خصوصًا اختياراته واستبعاده بعض اللاعبين الشباب الذين أثبتوا كفاءتهم فى كأس العرب.. والشعب المصرى لا يزال يدفع فاتورة فساد اتحاد الكرة الذى سيرحل الأربعاء القادم.
ولكن يجب ألا ترحل هذه اللجان دون محاسبة؛ لأنها أهدرت سمعة مصر الكروية، وملايين الجنيهات التى هى حق أصيل للشعب.
ولكن العزاء الوحيد فى بطولة الأمم الإفريقية ربما يكون فى نجمنا محمد صلاح، وهو الذى ربما يصنع الفارق؛ فهو لديه موهبة من الرب، وهدفه الأخير فى تشيلسى من حيث روعة التمركز والاستلام والمهارة يُدرَّس (رياضيًّا).. لماذا؟ لأن الجهد والعرق والموهبة الربانية هى عنوان محمد صلاح، بينما التلاعب والبيزنس عنوان الفاشلين فى اتحاد الكرة.
8) نبيل إسماعيل فهمى، وزير الخارجية السابق، فى كتابه الجديد (فى قلب الأحداث) كشف عن حقائق ومفاجآت بالجملة.
ونحن نقول إن الوزير هو الحدث نفسه، لأنه تعايش فى بيت ملىء بالأحداث والمفاجآت، فوالده كان من أهم وزراء الخارجية أيام السادات، ومن ينسى مواقف الوزير إسماعيل فهمى التى سجلها التاريخ؟!.
فنبيل فهمى كان من أخطر وزراء الخارجية المصريين لأنه كان يحمل فى خزانته الدبلوماسية الفكر وتاريخ الدبلوماسية المصرية العريق، وقد سجل فى هذا الكتاب الهام خبرة أكثر من ثلاثين عامًا قضاها سفيرًا فى أهم المحطات العالمية وخاصة فى أمريكا وداخل أروقة الأمم المتحدة.
وعاش أخطر مرحلة بعد سقوط الإخوان من أجل إعادة مصر إلى الحاضنة الدولية والإقليمية بمعنى الكلمة، ولا ننسى الزيارات المكوكية التى كان يقوم بها مع الرئيس السيسى أيام كان وزيرًا للدفاع (2+2) إلى روسيا وفرنسا وأمريكا.
وسنقوم بعرض قراءة تحليلية للكتاب (فى قلب الأحداث) الذى صدر عن دار الشروق منذ أيام قليلة، فى الأيام القادمة.
وأخيرًا العارف لا يُعرَّف.. هذا هو (نبيل إسماعيل فهمى).
9) أن أهنئ إخواننا المسيحيين المصريين فهو أمر عادى..
ولكن تهنئتى هذه المرة مختلفة، فهى تهنئة بأنهم أصبحوا فعلًا وعملًا جزءًا لا يتجزأ من التراب المصرى، وحصلوا على حقهم فى بناء الكنائس.. ليستقر لديهم شعورهم بالهوية المصرية وأنهم ليسوا أقلية بل أكثرية فى وجدان المسلمين لمواقفهم الوطنية الرائعة والثابتة، وأن المواطنة هى القاسم المشترك بين المصريين.
فالدين لله والوطن للجميع