النهار
الأربعاء 27 نوفمبر 2024 10:32 مـ 26 جمادى أول 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
بهدف إيشو.. الزمالك يتقدم على بلاك بولز بهدف نظيف بالشوط الأول مبابى وبيلينجهام يقودان تشكيل ريال مدريد ضد ليفربول محمد صلاح يتصدر تشكيل الريدز أمام ريال مدريد في دوري الأبطال المصري يفتتح مشواره في مجموعات الكونفدرالية بثنائية أمام إنيمبا بحضور محافظي السويس وبورسعيد محافظ الدقهلية يعتمد المخططات التفصيلية لعدد 14 قرية دار الإفتاء المصرية تشارك في قافلة دعوية إلى شمال سيناء مع الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف محافظ الجيزة يثمن جهود جامعة الأزهر التنموية ويشيد بدعمها الطبي للمبادرات الرئاسية ناصر ماهر وأحمد حمدي يدعمان الزمالك من مدرجات ستاد القاهر فرصة للشراء.. اقتصادى يكشف: انخفاضات في أسعار الذهب قريبًا مظاهرات قرب مقر إقامة نتنياهو بالقدس المحتلة للمطالبة بصفقة تبادل أسرى ”محمد أبو داغر” ضمن قائمة أكثر 40 شخصية تأثيراً في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا انطلاق مهرجان الظاهرة السينمائي الدولي 5 ديسمبر بمشاركة 40 فيلما

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: السودان إلى أين؟

الكاتب الصحفي أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار
الكاتب الصحفي أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار

لا شك أن ما يجرى فى السودان الآن، من أحداث وتطورات وتغيرات سريعة، يعطى دلالات سياسية خطيرة تكشف أن السودان بمكونيه المدنى والعسكرى، كان على شفا حفرة من الصدام والاختلاف الذى كاد يقود إلى مواجهة دامية فى الشارع السودانى.

وبالرغم من أننى لا أميل إلى تقسيم المجتمع السودانى إلى ما يسمى المكون المدنى والمكون العسكرى، فبالحسابات السياسية والواقعية هما مكون من مكونات الشعب السودانى. ومحاولات التدخل من الخارج لإشعال فتنة بين المكونات السياسية وإحداث انقسام خطير بين مؤيد ومعارض، إضافة إلى التدخل الأمريكى السافر فى الشأن الداخلى السودانى- تجعلنا ننبه إلى ضرورة توحد الشعب السودانى بكل أطيافه ومكوناته وتضاريسه السياسية المعقدة، وأحزابه المتباعدة سياسيًّا وأيديولوجيًّا وفكريًّا.

ولهذا ومن أجل مصلحة السودان ومستقبله يجب أن يعمل الجميع من أجل الحفاظ على وحدة التراب السودانى ووحدة الشعب السودانى لأن إثيوبيا على الجانب الآخر تلعب دورًا خطيرًا من خلال أدواتها فى الأحزاب السياسية لإشعال السودان وإحداث انقسامات وحرب أهلية داخلية، خاصة أن مشكلة الحدود بين السودان وإثيوبيا مشتعلة، وكذلك قضية سد النهضة.. والخاسر الوحيد هو الشعب السودانى الشقيق، وحالة الشلل التى أصابت الشرق السودانى بموانئه ونفطه تجعلنا نحذر بضرورة فك هذا التشابك الساخن جدًّا.

وأتعجب ويتعجب الكثيرون من التدخل السافر للسفير الأمريكى فى الشأن السودانى، وكأن ما يجرى فى السودان يجرى فى واشنطن، وهذا يجعلنا نعيد إلى الذاكرة السودانية والعربية محاولة إعادة مشروع الشرق الأوسط الكبير أو الصغير، والذى قد يبدأ من السودان، مع ملاحظة أن السودان ليس عمقًا استراتيجيًّا وأمنًا قوميًّا لمصر فقط، ولكنه إحدى البوابات العربية والإفريقية المهمة والخطيرة بما يملكه من ثروات بشرية واقتصادية وزراعية، ويعتبر السودان الامتداد الجغرافى لوادى النيل بشعبه ومفكريه ومثقفيه الذين احتضنتهم مصر والسودان.

وتمنياتى كمصرى وعربى أن يتم التوافق سريعًا للخروج من هذا المأزق الخطير فى السودان بغض النظر عمن يقود السودان فى هذه المرحلة أو من الذى يحكم، ففى النهاية الذى يدفع الثمن هو المواطن، بدمه وروحه وانتمائه، وأن سرعة تشكيل حكومة وطنية تشمل كل الأطياف والمكونات السياسية هى المخرج الوحيد والضرورى من هذه الأزمة التى هزت الشارع المصرى قبل السودانى، وأن الاتفاق والتفاوض هما السبيل الوحيد للخروج من بوتقة اشتعال الموقف الداخلى، واحتواء الخلاف مع الأعضاء السابقين فى الحكومة؛ حتى لا تكون هناك ورقة ضغط خارجية، وخصوصًا أمريكا، على الدولة السودانية والشعب السودانى، ويجب إعادة الروح السودانية التى ظهرت فى ميادين السودان رافضة عودة الحرس القديم والإخوان الترابيين، واحتواء كل الكفاءات والعناصر الوطنية حتى لو كان هناك خلاف أو اختلاف.
وأنا ضد الدعوات التى خرجت من بعض الشخصيات السودانية لشن حملة اعتقالات عشوائية على عناصر وأنصار المكون المدنى، فليس هكذا تُبنى الأوطان، خصوصًا إن كانت هذه العناصر ذات كفاءة، فإن من الخطأ أن يتم التعامل معهم كمجرمين.

فالسودان بنيله وشعبه الأصيل سيظل أيقونة التظاهرات السلمية، لأن ما حدث فى مصر وثورة الشعب المصرى فى 2013 يختلف اختلافًا كليًّا عما يجرى فى السودان، لأن فى مصر كان التيار الظلامى الإخوانى هو المسيطر على البلاد خلال تجربة عام رمادى عاشه المواطن المصرى، فكانت الانتفاضة المصرية لا تقارن بأى انتفاضة عربية؛ لأن المحتوى والمضمون والأهداف مختلفة اختلافًا جزئيًّا وكليًّا.

إن ثورة شباب السودان التى أطاحت بالبشير وأعوانه لم تكن تهدف إلا للخلاص من حكم ظلامى، وتحقيق حياة كريمة لأبناء الشعب السودانى، وهى أهداف نبيلة لا يختلف حولها أحد، ويجب أن تكون هى الأهداف التى تسعى إليها أى حكومة تصل إلى كرسى الحكم فى السودان.

البحر لم يُغرق موسى وهو رضيع وفى قمة ضعفه.. بينما أغرق فرعون وهو فى قمة جبروته.

والله لن يضيع السودان وأهله الطيبين أبناء وادى النيل.