أسامة شرشر يكتب: فى ليبيا.. من يحمى 2 مليون عامل مصرى؟!
لا شك أن الزخم الليبى فى القاهرة هذا الأسبوع والزيارات المتتالية للوزارء- فتحت ملفات العلاقات المصرية الليبية فى كل المجالات، وعلى رأسها الملف الاقتصادى، وهو ما أسفر عن نتائج وتوقعات بأن حجم المشروعات لإعادة إعمار ليبيا يحتاج إلى أكثر من 2 مليون عامل مصرى.
ومن هنا لا بد أن نحذر ونشير إلى أن القضية ليست فى سفر العمالة فحسب، ولكن الأهم هو تأمين هذه العمالة (2 مليون مصرى) فى هذا التوقيت الحساس، خاصة أن ليبيا خلال الفترة الأخيرة –للأسف الشديد- كانت ملجأ للجماعات الظلامية والمرتزقة والقوات الأجنبية، وهناك استهداف بصفة خاصة للعمالة المصرية كورقة ضغط على الدولة المصرية.
وللآن لم نر أو نسمع أو نشاهد الضمانات الحقيقية للحفاظ على العمالة المصرية فى هذا التوقيت، خصوصًا أن ليبيا مقبلة على أخطر انتخابات رئاسية فى تاريخها –إن تمت- فى شهر ديسمبر القادم، وهى الانتخابات التى ستحدد هوية وبوصلة الشعب الليبى فى اختيار رئيس الدولة والمجلس التشريعى، لا سيما أن بلدًا فى حجم ليبيا، يطل على البحر المتوسط بحدود طولها ألفا كيلومتر، يحتاج إلى تأمين غير عادى، بالإضافة إلى تأمين الدولة من إخوان ليبيا وكل عناصر وميليشيات المرتزقة سواء من الساحل الإفريقى أو شركة فاجنر الروسية أو تشاد أو تركيا أو داعش وكل أشكال المنظمات الإرهابية.
حتى الآن الرؤية لم تتضح؛ فلذلك أرجو أن نتريث ولا نلقى بعمالنا وشبابنا وأبنائنا إلى التهلكة فى ظل غياب الدولة الليبية والمؤامرات والانقسامات فى الشأن الداخلى، ناهيك عن التدخلات الخارجية، حيث إن تركيا ترفض رفضًا باتًا أن تخرج قواتها من طرابلس بحجة أن هناك اتفاقًا مع الحكومة الليبية.
فكيف تجرى انتخابات فى ظل وجود قواعد عسكرية فى طرابلس ترفض مجرد مناقشة اقتراح خروجها قبل الانتخابات الرئاسية؟ وكيف تكون العمالة المصرية فى ظل استهدافها استهدافًا مباشرًا وشخصيًّا؟.
فلذلك نرى أو نقترح ضرورة قيام الحكومة المصرية بعمل ضمانات لوجستية وتأمين واقعى؛ حتى لا ندخل فى مسلسل الفعل ورد الفعل فى الحفاظ على حياتهم وأولادهم، وهذه هى الطامة الكبرى.
فالقضية ليست أن يكون هناك بروتوكولات بين الوزارات المعنية، مثل القوى العاملة، لتسفير عمالة بعدد كبير، ولكن يجب النظر فى بقية الجوانب الأخرى من عدم الاستقرار الداخلى وعدم الانضباط الأمنى داخل ليبيا بمحافظاتها المتسعة شرقًا وغربًا.
فلذلك يجب على الحكومة أن تبدأ من الآن وضع استراتيجية ورؤية وتصور واقعى لتأمين هذه العمالة المصرية، وخاصة أنها ستكون عمالة فى كل المجالات وستنتشر فى ربوع ليبيا، حتى لا يتعرضوا –لا قدر الله- للقتل أو الخطف كرهائن لدى مجموعات إرهابية.. وهل سيتم السفر قبل الانتخابات الرئاسية أم بعدها؟ الرؤية لم تتضح بعد، وأرجو ألا يكونوا رهينة وضحية للانقسام الداخلى والتآمر الخارجى، كما أرجو ألا تكون منطقة الحدود بين مصر وليبيا منفذًا لتصدير العناصر الإرهابية ومحاولة إحداث إرباك للدولة المصرية.
كل هذا يستدعى أن تكون الحكومة يقظة ومنتبهة فى هذا التوقيت بأن العمالة المصرية خط أحمر فعلًا، حتى لا نُفاجأ بكارثة نتيجة عدم التنظيم أو عشوائية سفر العمالة بلا أى رقابة حكومية أو ضمانات أمنية أو استعدادات لوجستية، لأن ليبيا على صفيح ساخن، وكلما اقترب موعد الاستحقاق الدستورى بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية ازداد الموقف تعقدًا وتأزمًا سواء من الفصائل الليبية أو المطالب الدولية.
فهل ستنجح ليبيا بشعبها الأبى الذى يعتبر امتدادًا جغرافيًّا واجتماعيًّا للشعب المصرى فى العبور من هذا المأزق، والعودة إلى الدولة فى وضعها الطبيعى أم سيكون الخيار هو لا دولة؟!
الكرة فى ملعب الشعب الليبى.. إما أن يتوحدوا ويحافظوا على تراب هذا الوطن الغالى وإما أن يدخلوا فى حرب أهلية لا يعلم مداها أحد وستشكل تهديدًا للأمن القومى المصرى بشكل مباشر.
الفرص الاستثنائية لا تأتى للشعوب إلا مرة واحدة؛ فهل سيقتنصها الشعب الليبى؟ وهل تعود ليبيا إلى الحضن العربى والإفريقى كدولة فاعلة أم دولة مارقة؟!