أســـامة شرشر: إسرائيل تخترق إفريقيا!
انضمام الكيان الصهيونى إلى الاتحاد الإفريقى يكشف أن مطامع إسرائيل لا تقتصر على احتلال الأرض الفلسطينية و«السلام»، لكنها تنفذ مخططًا كبيرًا للاستيلاء على مقدرات إفريقيا و«صهينة» القارة التى تضم عددًا كبيرًا من الدول العربية، على رأسها مصر والجزائر وتونس وليبيا.
لم يكن مشهد تقديم سفير «إسرائيل» لدى إثيوبيا، أدماسو ألالى، أوراق اعتماده عضوًا مراقبًا لدى الاتحاد الإفريقى- مشهدًا عاديًّا، لكنه وباعتراف الخارجية الصهيونية حصاد عشرات السنوات من التخطيط، بدأت من منطقة القرن الإفريقى، ممثَّلة بإريتريا وإثيوبيا، وعبر دعم بناء «سد النهضة» وزرع مئات الخبراء الصهاينة هناك، واستغلال الوضع العربى المأزوم لتنفيذ خطتها؛ حتى صار لها علاقات بـ46 دولة فى إفريقيا من بين 54 دولة هى مجموع دول القارة السمراء تتبادل التجارة والاستثمار معها فى مختلف المجالات، وخاصة فى مشروعات الرى والزراعة والتجارة والاستثمار والتكنولوجيا، ورغم محاولات نفى وزير الخارجية الإسرائيلى الجديد عند لقائه مع سامح شكرى، وزير الخارجية المصرى، فى بروكسل، حيث أكد أن إسرائيل ليست لها علاقة بملف وأزمة سد النهضة، وهو تعبير دبلوماسى فى ظاهره الحياد وفى مضمونه أصابع الاتهام للكيان الإسرائيلى، ولا ينسى الشعب المصرى والمراقبون والمحللون الاستقبال الأسطورى الذى حدث لرئيس وزراء إسرائيل السابق نتنياهو من تصفيق فى البرلمان الإثيوبى منذ فترة لمدة 6 دقائق متصلة، بمعنى أنك لا تستبعد كل السيناريوهات والتدخلات الإسرائيلية الأمريكية فى هذا الملف وإصرار آبى أحمد على عدم توقيع اتفاق قانونى رغم دعوات الرئيس السيسى فى آخر مرة للاتفاق والسلام لمصلحة الشعب المصرى والشعب السودانى.
فما يحدث يمثل ضربة للأمن القومى العربى وخطوة كارثية وطعنة للشعب الفلسطينى ولحقوقه الوطنية وقضيته العادلة.
وإننى أحذر من أن القضية الفلسطينية ستموت وستعانى أكثر مما تعانى لو استمرت إسرائيل مراقبًا فى الاتحاد الإفريقى؛ ولهذا جاء تحرك الشقيقة الجزائر لمحاولة التصدى لما حدث، لكن النتائج لم تظهر بعد.
فاستمرار إسرائيل –كمراقب- فى الاتحاد الإفريقى يعنى أنها بصفة رسمية تحضر كل الاجتماعات وتطلع على كل الأوراق وتشكل حلفًا إفريقيًّا مساندًا لها فى المنظمات الدولية بعد أن كانت إفريقيا أكبر داعم للفلسطينيين ضد السياسات الإسرائيلية العنصرية فى كل المحافل الدولية، بل إن هذه الخطوة ستدفع الاحتلال الإسرائيلى لمواصلة المزيد من عدوانه وانتهاكاته ضد الشعب الفلسطينى بأكثر مما ترتب على التطبيع الخليجى مع إسرائيل.
وليست القضية الفلسطينية وحدها هى المتضررة من حصول «إسرائيل» على عضوية فى الاتحاد الإفريقى، بل هناك دول عربية أخرى فى المنطقة سيلحق بها الضرر، بحيث تشكّل هذه الخطوة خطرًا حقيقيًّا على الأمن القومى العربى، وخصوصًا تجاه مصر والسودان، إضافة إلى الخطر الكبير الذى تشكّله القواعد التى تديرها أجهزة مخابرات دولية فى إريتريا، والتى تُطلّ على مضيق باب المندب عند سواحل اليمن، وهو ما يشكّل رقابة خطيرة على كل ما يجرى فى البحر الأحمر.
لقد قرأت بيان الاتحاد الإفريقى حول الاجتماع الذى جمع كلًّا من رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى موسى فقى، وسفير إسرائيل لدى إثيوبيا، وتوقفت أمام هذه الفقرة التى تقول: «صفة المراقب التى حصلت عليها إسرائيل تمثل بداية لمرحلة جديدة فى بناء علاقة إسرائيل بالمنطقة على المستوى القارى، وهى خطوة أساسية لتعزيز المبادرات القارية ضمن جدول أعمال إفريقيا 2063»، وهى إشارة إلى مخطط صهيونى طويل المدى للهيمنة على القارة وثرواتها.
وإذا استمر هذا الوضع فإن ترجيح كفة التصويت على القرارات الدولية على مستوى المنظمات العالمية سيكون لصالح إسرائيل بدون فيتو أمريكى، حيث تحظى الكتلة التصويتية الإفريقية بـ54 مقعدًا من أصل 193 على مستوى الجمعية العامة للأمم المتحدة، و3 مقاعد من أصل 15 على مستوى مجلس الأمن، و14 مقعدًا من أصل 54 على مستوى المجلس الاقتصادى والاجتماعى للأمم المتحدة، و13 مقعدًا من أصل 47 على مستوى مجلس حقوق الإنسان. وقد لوحظ مؤخرًا تغير اتجاهات التصويت فى الكتلة الإفريقية لصالح إسرائيل، كما امتنعت بعض الدول الإفريقية عن التصويت على قرارات لصالح فلسطين، وهو ما يؤكد ما نتوقعه، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
اللهم بلغت.. اللهم فاشهد.