النهار
الأربعاء 27 نوفمبر 2024 10:41 مـ 26 جمادى أول 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
مجلس جامعة مدينة السادات يعلن الفائزين بجوائز الجامعة لعام 2023/ 2024 بحوزتهم أسلحة ومخدرات.. مقتل 3 عناصر إجرامية خلال مداهمة أمنية كبرى في قنا بهدف إيشو.. الزمالك يتقدم على بلاك بولز بهدف نظيف بالشوط الأول مبابى وبيلينجهام يقودان تشكيل ريال مدريد ضد ليفربول محمد صلاح يتصدر تشكيل الريدز أمام ريال مدريد في دوري الأبطال المصري يفتتح مشواره في مجموعات الكونفدرالية بثنائية أمام إنيمبا بحضور محافظي السويس وبورسعيد محافظ الدقهلية يعتمد المخططات التفصيلية لعدد 14 قرية دار الإفتاء المصرية تشارك في قافلة دعوية إلى شمال سيناء مع الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف محافظ الجيزة يثمن جهود جامعة الأزهر التنموية ويشيد بدعمها الطبي للمبادرات الرئاسية ناصر ماهر وأحمد حمدي يدعمان الزمالك من مدرجات ستاد القاهر فرصة للشراء.. اقتصادى يكشف: انخفاضات في أسعار الذهب قريبًا مظاهرات قرب مقر إقامة نتنياهو بالقدس المحتلة للمطالبة بصفقة تبادل أسرى

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: لبنان بين جبران والحريرى

الكاتب الصحفي أسامة شرشر -رئيس تحرير جريدة النهار
الكاتب الصحفي أسامة شرشر -رئيس تحرير جريدة النهار

لا أحد كان يتخيل أو يتصور أن يصل لبنان إلى هذا المشهد العبثى الذى يدفع ثمنه الشعب اللبنانى وحده، بسبب اختلاف جبران باسيل، صهر دولة الرئيس عون- الذى أعتبره كوشنر لبنان لأنه يذكرنى بجاريد كوشنر- وسعد الحريرى، رئيس الوزراء المستقيل والعائد لتشكيل الحكومة.

الغريب أن العالم العربى الذى كان يصنف لبنان على أنه سويسرا الشرق والمصدر الأول للفكر والثقافة والمعرفة والصحافة حتى قيل فيه إن الصحف تُطبع فى لبنان وتُقرأ فى القاهرة- لم يحرك ساكنًا وهو يرى الشعب اللبنانى لا يجد قوت يومه؛ حتى وصل الأمر لإرسال مساعدات إنسانية ليس للشعب فحسب، ولكن للجيش الوطنى اللبنانى نفسه، وهذا الأمر فى حد ذاته يجب أن يكون رسالة للجميع. اختلفوا كما شئتم، ولكن لا تنهبوا الأرض وتسرقوا الشعب، لأن المحاصصة والطائفية نتائجها وبال على الجميع.

وهذه الطائفية والمحاصصة السياسية ستظل هى اللغز المحير فى التركيبة السياسية اللبنانية، فقد رأينا نتائجها التى حولت لبنان بشعبه وثقافته وحضارته لحطامٍ يتهاوى ونحن نشاهده يسقط بهذا الشكل الدرامى، والجميع يتفرج والأموال تُنهب ليل نهار والنُّخب والصفوة والنواب والسياسيون ما زالوا يختلفون لمجرد الاختلاف.. والجميع متمسك بهذه المحاصصة!

أعتقد أن الشارع اللبنانى وصل إلى مرحلة اللا عودة؛ فالليرة، العملة الرسمية للدولة، أصبحت مشاعًا فى الضياع لا قيمة لها، والحد الأدنى لحاجات المواطنين غير متوفر، بل وصل الأمر للوقود؛ حتى أصبحنا نشاهد طوابير يتلوها طوابير للحصول عليه من محطاته، وكذلك الخبز لم يعد موجودًا، كما أن وزير الدفاع أطلق صرخة تحذير أكد فيها أن الجيش الوطنى فى أزمة قد تؤدى للفوضى، وما أخطر أن تعم الفوضى فى بلد مثل لبنان! خصوصًا أن حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، لا يعرف الله ولا الوطن بل يعرف كيف يتاجر ويستثمر الأزمة، ويبث سموم الانشقاقات ويحاول تعطيل تشكيل الحكومة، وكأن لبنان لا يعنيه أو أن الأوامر لم تصدر له من المرشد الإيرانى بأن يرضى.

وما يجرى فى الكواليس اللبنانية والخلافات التى ظهرت على السطح مؤخرًا يؤكد أن النخبة اللبنانية ترى المناصب الوزارية تركة توارثوها، وأن جبران باسيل السياسى القادم من المجهول وصهر الرئيس ميشيل عون هو الحاكم الفعلى فى قصر بعبدا، وأفعاله تؤكد أن قضيته الأساسية وشغله الشاغل هى إعاقة سعد الحريرى عن تشكيل حكومة كفاءات وليس ولاءات ليعبر بهذه الأزمة التى أدخلت لبنان إلى مستنقع البحث عن لقمة عيش.

والحقيقة أن جبران ليس الاستثناء المخالف للقاعدة، فالمشهد السياسى اللبنانى- كما نراه- صار كل اللاعبين السياسيين فيه يساهمون فى خراب لبنان ومعاناة شعبه العظيم الذى صمد أمام الغزو الإسرائيلى ونجا من مذبحة قانا وواجه كل التحديات بثبات وصبر وإيمان حتى سقط فى مستنفع الفساد والإفساد.

المشكلة الكبرى أن الأزمة هذه المرة ليست فى عدو خارجى ولكنها تأتى من قلب الدولة بل من داخل العائلة الحاكمة نفسها، ومن يدفع الفاتورة هو المواطن اللبنانى الذى وصل به الأمر إلى أن يطلب من الدول المانحة وقف المساعدات إلى لبنان؛ لأنها لا تصل إليه وأموالها تصل إلى جيوب النخب الطائفية.

وهذه الطائفية والمحاصصة خلقت مشكلة لبنان الحقيقية، التى أعتقد أن حلها يتمثل أولًا فى ضرورة وضع آلية للقضاء على الفساد الذى ضرب بجذوره فى الدولة اللبنانية، حتى وصل إلى البنك المركزى وتسبب فى تهريب مليارات الدولارات ليمثل ضربة قاصمة للشعب اللبنانى.

ولهذا؛ فإنه بالإضافة إلى الدعوة لضرورة تشكيل حكومة كفاءات بعيدًا عن الطائفية يجب وفورًا القضاء على الفساد؛ لأنه إذا تم تشكيل حكومة بدون آلية لمواجهة الفساد، فلا صلاح ولا إصلاح، وسيتكرر المشهد مرة تلو الأخرى.

كما أعتقد أن إبعاد جبران باسيل عن المشهد السياسى ضرورة حتمية وبداية لحل الأزمة.

ويجب على الدول الداعمة للشعب اللبنانى أن تتحرك، وعلى رأسها السعودية ومصر وفرنسا، وتضغط على هذه النخب لتشكيل حكومة تعتمد على الكفاءات الحقيقية، وتستعين بأبناء الجاليات اللبنانية الذين نجحوا فى الخارج فى كل دول العالم، وهم على استعداد لأن يساعدوا فى وقف هذه المهزلة التى يدفع ثمنها أبناء الشعب اللبنانى العظيم.

وعلى العقلاء والحكماء من أبناء الشعب اللبنانى أن يجدوا صيغة توافقية بين سعد الحريرى والرئيس ميشيل عون ونبيه برى؛ لأنه من الواضح جدًّا أنهم اتفقوا على ألا يتفقوا، وليذهب لبنان للجحيم طالما هم يحكمون ويمتلكون السلطة والثروة، وهذا التزاوج غير الشرعى يدفع ثمنه أبناء لبنان الشرعيون لأنهم أبناء الأرض اللبنانية الطاهرة.

فلذلك أقترح أن يتم عقد اجتماع طارئ وفورى لوزراء الخارجية العرب بدعوة من جامعة الدول العربية خلال الأيام أو الساعات القادمة على غرار اجتماع مجلس الوزراء فى قطر، ويكون جدول أعماله هو كيفية إنهاء الصراع اللبنانى- اللبنانى وتشكيل حكومة وطنية تنتمى للشعب اللبنانى وليس للأحزاب والطوائف؛ حتى يخرج لبنان من هذا المأزق الذى ليس له نهاية.

استقيموا يرحمكم الله.