النهار
الأربعاء 27 نوفمبر 2024 10:49 مـ 26 جمادى أول 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: الخيانة من أهل الخيانة.. ويا جبل ما يهزك ريح

الكاتب الصحفي أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار
الكاتب الصحفي أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار

أكتب هذا المقال بعد ساعاتٍ قليلةٍ من انتهاء ماراثون الانتخابات فى دائرتى الانتخابية السابقة، التى لا يربطنى بها الآن إلا صلة الرحم، والمجاملات الإنسانية فقط.

ولقد كسبنا أنفسنا واحترامنا لمبادئنا وأفكارنا، بعدما قدمنا فى سابقة تعد الأولى من نوعها، وثيقة عنوانها (هذا كتابي) لتكون كشف حساب، وعنوانًا ودرسًا للهواة السياسيين من الذين يتوهمون أن الترشح أو الدخول للبرلمان مغنم ومكسب، وليس التزامًا ومسئولية أمام الله والناس، بينما خسر الناس فى منوف وسرس الليان بالذات كرسى البرلمان ووجود نائب منهم ومن بينهم إلى إشعار آخر قد يطول لعقود.

لقد كان الهدف والمؤامرة من الفاسدين والخائنين هو إسكات صوتى الذى هو صوت الفقراء والبسطاء.. صوت الشعب الذى شرفت بتمثيله تحت قبة البرلمان، لأننى نائب أمة ولست نائب دائرة، فهذا الصوت هز أركان وقواعد الفاسدين والمفسدين والخائنين فى كل مكان، الذين أكلوا على كل الموائد السياسية فى كل العصور والأزمان، وكانوا توابع وخدامًا للغير ولمن يشتريهم ولو من خارج الدائرة، ولا عجب فنحن نعيش فى زمن الردة وسوق النخاسة ومستنقع الأحزاب الهلامية التى ليس لها قواعد شعبية، ونعيش فى (زمن الخيال البرلمانى) و (زمن أبو كرتونة).

انتهى الدرس الانتخابى، لأن أصعب شىء على النفس أن تكون الخيانة والنذالة وانقلاب المواقف وإخلاف العهود وشراء الذمم هى شعار الجميع، إلا أننا سنظل عند مبادئنا لسبب بسيط أننى لست «حرامى» أو منتفعًا ولا أهادن أحدًا فى الحكومة أو المسئولين لمصلحة ذاتية؛ لأن النيابة أمانة ومسئولية أمام الله.

لن ينفع البكاء أو الندم أو الاعتذار ولن يضر الشاة سلخها بعد ذبحها، فالخائنون سقطوا فى بئر الخيانة وشراء الذمم والأصوات بثمن بخس، وسيعاقبهم أولادهم والأجيال القادمة، ولا أستثنى أحدًا إلا بعض الشرفاء المخلصين الذين أبت عليهم كرامتهم واعتزازهم بأنفسهم أن يكونوا سلعة فى مزاد أو حقلًا للتجارب، وأن يبيعوا أصواتهم بمقابل سيدفع ثمنه الجميع قريبًا وليس بعيدًا، لأن الله لا يصلح عمل المفسدين والفاسدين.

إن الأحذية التى نلبسها وندوس بها على الأرض أشرف من كل فاسد أو خائن أو منافق، والذين لم يقدروا ماذا صنع ابنهم وخادمهم وصوتهم تحت قبة البرلمان والذى أعاد إليهم صوتهم وكرامتهم وحقهم الدستورى والقانونى، وزلزل بدوره تحت قبة البرلمان كيانات الفساد وجعلهم كالفئران.

هذه ليست انفعالة، كما قد يتصور البعض، ولكنها رصد حقيقى بعين الصحفى لتجربة كان المال السياسى وشراء النفوس والأصوات فيها هو القاعدة، ولم يختلف الأمر بين متعلم وأمى أو غنى وفقير، فالجميع فى سوق النخاسة يغترف لأنه فى الأساس التكوين مبنى على الخيانة، وكأن الأصوات البرلمانية التى لم تتحدث طوال 5 سنوات تحت قبة البرلمان ولم تقدم أى خدمات أو أى شىء للمواطنين- على حد قولهم- وما رأيناه بأعينهم وأعيننا- سيكون لهم قيمة الآن!

لأن فاقد الشىء لا يعطيه.

لقد كسبنا فى هذه الجولة الانتخابية الكثير والكثير؛ لأننا كشفنا كل عورات المنافقين والأقزام والخائنين الذين سيتم دهسهم تحت قطار البرلمان القادم لسوء الخيار والاختيار، وعلى نفسها جنت براقش، وشيمة أهل الدائرة الطبل والزمر والرقص والغش والخيانة.

كما علمتنا المواقف والمسئولية والمواجهة على مدار 30 عامًا فى بلاط صاحبة الجلالة، أحسن مهنة فى الوجود لأنها تنشر الحقيقة وتنحاز للناس والشعب، أن الصحفى نائب غير منتخب عن الأمة كلها، ويعمل فى خدمة الوطن والمواطن، وهو أول المدافعين عن تراب الوطن مصر الأبية أمام السلفيين والإخوان والمرتزقة الذين لا يختلفون عنهم شيئًا.

ولقد رأى الناس بعض الشباب الذين باعوا مستقبلهم وحاضرهم بحفنة من الجنيهات يتسللون للمدارس ليكونوا بالقرب من الناخبين، ولم أتخيل هذا المشهد فى دائرتى السابقة التى أعطيتها 25 عامًا هى شبابى وعمرى وجهدى ودمى قبل أن أكون نائبًا، و5 سنوات كنت فيها نائبًا (مستقلًّا معارضًا)، وقدمت فيها ما لم يقدمه أحد خلال الثلاثين عامًا الماضية.

فبعض هؤلاء الخائنين– وهم يعرفون أنفسهم- كمقلب الزبالة الذى قمنا بإزاحته؛ لأنهم مجموعة من العشوائيات وانبعاثات الخيانة، وباعوا أنفسهم للمال السياسى الذى هو رجس من عمل الشيطان، والذى حذرنا منه كثيرًا وأطلقنا صافرات الإنذار بشأنه.

انتبهوا.. لقد اخترتم من اشترى أصواتكم واحتقركم وعاملكم كالأحذية يلبسها وقت الانتخابات ويخلعها بعدها قائلًا إنه دفع الثمن مقدمًا ولن يفعل شيئًا لأنه دفع ثمن سكوتكم.

أما أنا فسأعود إلى أسرتى وأولادى الذين افتقدتهم لـ5 سنوات، وإلى بيتى صاحبة الجلالة، بعدما وقع الناس فى الفخ والمؤامرة لتفتيت الدائرة، وكأن هناك اتفاقية شرف للصوص، من خلال إطلاق بعض كلابهم على الشرفاء فى هذا الوطن الذين تصدوا للإخوان والسلفيين فى زمن انتخابات الشيوخ الأخيرة والفاسدين والمفسدين فى زمن اللامعقول والمدعين والأقزام فى زمن الحرافيش والصامتين والكاذبين والخائنين فى زمن الانتخابات.

كل هذه الأشياء شاهدتها بين ليلة وضحاها، ولم أكن أشك أو أتصور بعد كل ما قدمناه من هذه الخدمات العامة والخاصة، أن يكون رد الفعل هو الحقد والنكران.. فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟!

ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله.

هذه ترنيمات برلمانية وكواليس انتخابية لهذا المشهد العبثى وسقوط كل الأقنعة عن الجميع وأمام الجميع.. فالكرامة والشرف والأمانة والمسئولية جميعها غابت عن قلوبهم العمياء وعقولهم الغبية وضمائرهم المنسية أمام الجنيه والدولار والكراتين والبونات.

وأشهد الله أننى أخلصت فى تمثيلى لأهل دائرتى– وبشهادة الأعداء قبل الأصدقاء- وقدمت ما لم يقدمه أحد من خدمات عامة وخاصة، ستحسب فى سجل الأيام والتاريخ، ومضابط البرلمان شاهدة علينا، فكانت معارضتنا الوطنية ورفضنا بيان الحكومة شاهديْن على مبادئنا وآرائنا الحرة، التى لم تتغير بتغير الأزمان أو الأشخاص، وكانت مدرسة المتوفقين ومدرسة التمريض والكبارى والطرق فى منوف وسرس الليان وحتى الحارات التى دخلت حيز التنمية شاهدة على أننا لم نخن أنفسنا أو من صوتوا لنا خلال السنوات الخمس الماضية، وكان دفاعنا عن مطالب أصحاب المعاشات وعمال القومية للأسمنت والحديد والصلب معبرًا عن انحيازنا لأصحاب الحقوق من المواطنين البسطاء، وحتى عندما أراد أحد أن يقترب من شيخ الأزهر كنا له بالمرصاد.
والكثير والكثير من المواقف التى سنحكيها ونرويها خلال الشهور القادمة فى كتابى القادم (حكايتى فى البرلمان).
وهذه ليست انفعالات أو تنفيسًا لنيران الغضب بعد نتائج الانتخابات، لكنها حقائق ثابتة بداخلنا انحزنا فيها للوطن والمواطن أمام لصوص الوطن وسارقى المال العام الذين استطاعوا أن يجدوا لأنفسهم مدخلًا مستغلين فيه الحاجة الاقتصادية (العوز) لدغدغة حاجة البسطاء بكرتونة أو 200 جنيه، فهل يساوى الإنسان فى دائرتى هذا الثمن البخس؟!

سوف تندمون وتبكون وقت لا ينفع الندم .. وشكرًا لكم.

وشكر الله سعيكم لأن الخيانة عندما تجىء من أهل الخيانة فلا عجب ولا استغراب ولا اندهاش.
ونسألكم الفاتحة على أرواحكم وأنتم أحياء.
وخالص الشكر للذين منحونى أصواتهم وثقتهم أمام طوفان الغدر والخيانة فى زمن اللامعقول، فإرادة الحق هى الأبقى وصوت العدل هو الأصدق.

انتهى الدرس أيها المدعون.

ويا جبل ما يهزك ريح.