أسامة شرشر يكتب: تطرف ماكرون وإهانة الإسلام
ما فعله الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، بمسارعته لوصف جريمة قتل وذبح مدرس تاريخ فرنسى بأنها «إرهاب إسلامى» واتهام الدين الإسلامى بالانعزالية، هو استفزاز صريح لمشاعر 2 مليار مسلم حول العالم، خصوصًا أنه صاحبها إصرار غير مبرر على استمرار نشر الرسوم المسيئة للنبى محمد، صلى الله عليه وسلم، بحجة حرية التعبير!
فلا ينكر أحد أن الجريمة النكراء التى ارتكبها مختل جريمة بشعة، إلا أن استجابة الرئيس الفرنسى جاءت بالأساس لتغازل مشاعر الشعوبيين واليمين المتطرف، فى محاولة لاجتذاب أنصار جدد، بعد فشله الذريع فى إدارة العديد من الملفات، خصوصًا ملف كوفيد 19 المعروف بفيروس كورونا، والذى عاد للانتشار فى فرنسا بأرقام ضخمة، وأبرز دليل على ذلك هو الاحتفاء المبالغ فيه من أنصار اليمين المتطرف الفرنسى بل الأوروبى بتصريحات ماكرون وإعادة نشر الرسوم المسيئة للنبى مرة أخرى.
صحيح أن ماكرون له تاريخ كبير من محاولات محو المظاهر الإسلامية من نمط حياة المسلمين فى فرنسا، إلا أن هذا العداء لم يكن أبدًا بمثل هذه الفجاجة، وأظن أنه بدأ فى التصاعد مع التهديد الملموس الذى لاقاه ماكرون فى الانتخابات الرئاسية الماضية أمام زعيمة اليمين المتطرف مارى لوبان.
والواقع أن ماكرون لم يفعل إلا أن أضاف المزيد من البنزين على النار، فلقد سارع تنظيم داعش الإرهابى لإعلان مسئوليته عن هذه الجريمة فى محاولات بائسة لاجتذاب المزيد من الأنصار المختلين.
ودعونا نقارن بين تعامل جاسيندا أرديرن، رئيسة الوزراء النيوزلندية، واحترامها مشاعر المسلمين فى التعامل مع جريمة قتل المصلين فى مسجد بكرايست تشيرش، فنالت كل التقدير وكسبت احترامًا عالميًّا بالغًا بسبب التعامل العقلانى مع تبعات الجريمة، وتعامل ماكرون الذى سارع لاستغلال جريمة مشابهة لكسب نقاط سياسية.
وحتى عندما ظهرت دعوات لمقاطعة البضائع والمنتجات الفرنسية، سارعت الخارجية الفرنسية للقول بأن هذه الدعوات يروجها أقلية متطرفة وتدعو لعدم الانسياق وراءها، والحقيقة أن هذه الردود بها عجرفة غير مبررة وتعالٍ غير مقبول، بل إنها تحمل فى طياتها لمحات من ماضٍ استعمارى بغيض عفا عليه الزمن.
فلماذا إذًا ترفض فرنسا دعوات سلمية يراها البعض ردًّا على إهانة مقدساتهم؟ أم أن حرية التعبير تفقد أهميتها عندما تكون موجهة ضد فرنسا؟
إن هذا العالم الذى يسوده الاستقطاب، ويتصاعد فيه المد اليمينى، لا يحتاج إلى مزيد من الأصوات الشعبوية التى تلعب على عواطف الجماهير فى أوقات الأزمات والكوارث، فهذه الأصوات تمثل كنزًا ثمينًا للجماعات المتطرفة فى كل مكان، وتعيد فيها الحياة، وتكسبها تعاطفًا لدى بعض السذج الذين يرونها مدافعة عن مقدساتهم ضد مثل هذه الدعوات.
وأخيرا فإن موقف الأزهر الشريف وشيخه، كان موقفًا حاسمًا وردًا كاشفًا لكل دعاة اليمين المتطرف.. فماكرون يعيدنا بالذاكرة إلى تبعات أحداث اا سبتمبر عندما أعلن بوش الإبن أنها حرب مع الإسلام.
أعتقد أن الإسلام لن يكون شمّاعة للذين يلعبون ويعبثون بالديانات وخاصة الدين الإسلامي، والذى أصبحوا يعلقون عليه مشاكلهم وفشلهم الداخلي والتظاهرات التى خرجت لتعلن رفضها لقرارات الحظر في فرنسا خير دليل.
دعونا نكشف هؤلاء العابثين بالأديان والمقدسات، برفع دعاوى قضائية أمام هيئة الأمم المتحدة بل والقضاء الفرنسي نفسه، لأن هذا العبث الماكروني يثير فتنة عالمية ويشكّل مادة خصبة للميليشيات الإرهابية كي تعبث بمقدرات العالم وتخلق أزمة لا تفرق بين دول العالم الثالث ودول العالم الأول.