أسامة شرشر يكتب: قراءة فى قانون تقسيم الدوائر الانتخابية
تساؤلات وعلامات استفهام دارت أثناء مناقشة قانون تقسيم الدوائر الانتخابية الذى ناقشه وأقره مجلس النواب، وخاصة فى المقاعد الفردية، وقد كان مفاجأة للنواب، حيث جرى مناقشته بعد نوع من التعتيم والغموض، بشأن اتساع الدوائر الانتخابية للمقاعد الفردية، التى أصبحت تحتاج إلى وقت وجهد ومال ضخم ليغطيها المرشح فى سباق مع الزمن لاستكمال عملية الدعاية الانتخابية، خاصة فى ظل أزمة كورونا؛ لأنه لا يمكن عقد مؤتمرات ولقاءات مع الجماهير بصورة مباشرة من شأنها أن تمثل خطرًا على صحتهم.. عقد هذه اللقاءات التى تعد أهم وسائل الدعاية الانتخابية أصبح نوعًا من المستحيل.. لقد كانت الدوائر الانتخابية فى انتخابات البرلمان الأخيرة تمثل نوعًا من التوزيع العادل للمقاعد الفردية رغم ما لاقيناه من متاعب فى الدعاية والتحركات التى تطلبت جهدًا ضخمًا.
وأشهد أمام الله أنه لأول مرة فى تاريخ مصر بعد ثورة 1952 تجرى الانتخابات بلا تدخل حكومى، وبإشراف قضائى كامل فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، ولولا هذه الإجراءات والشفافية ما دخل كثير من المستقلين الشرفاء تحت قبة البرلمان.
هذا التقسيم العجيب فى القانون الأخير أثار غضب كثير من النواب، من الأكثرية والأقلية، نتيجة عدم مساواة المقاعد الفردية بمقاعد القوائم فى بعض المحافظات، وتساويها فى الإجمالى العام على مستوى الجمهورية.
ولأن الانتخابات فى جوهرها ومظهرها هى علاقة مباشرة بين الناخب والنائب، فهذا التباعد الجغرافى سينتج عنه إشكالية خطيرة تتمثل فى عدم المعرفة والتواصل لبعض الفئات الانتخابية مع المرشح لطرح قضاياها وهمومها ومشاكلها، لأن النائب الحقيقى هو المتنفس الوحيد للمواطن ليعبر عن قضاياه وهمومه، فكيف يكون هناك نائب عن منطقة لا يعلم شيئًا عن مشاكلها وقضاياها، وكيف يختار الناخب مرشحًا لا يعرف عنه شيئًا؟
مع أن الأصل فى الانتخابات البرلمانية هو معرفة الناخب بالمرشح بصورة تتيح له الاختيار بين المرشحين المتعددين، وغالبًا عددهم يكون كبيرًا.
هذه اللوغاريتمات الانتخابية سيعانى منها بعض المرشحين والنواب الجدد فى انتخابات مجلس النواب القادمة، ولكن الخلاصة أن الفوز سيحتاج لمرشحين ونواب على تواصل دائم ومستمر مع المواطنين لمصلحة الوطن والمواطن معًا.