أسامة شرشر يكتب: الحراك الجزائرى إلى أين؟
هل يكون انتخاب عبد المجيد تبون رئيسًا للجزائر، هو بداية الاستقرار أم نقطة انقسام الحراك الجزائرى، وزيادة حالة الغليان التى تعيشها ولايات الحراك؟
أبسط قواعد اللعبة السياسية أن الصندوق الانتخابى هو الحكم والمعبِّر عن التيارات الرافضة والمؤيدة، طالما أن هناك شفافية حكمت قواعد اللعبة السياسية فى كل البلدان فى العالم، ولكن أن ترفض بعض التيارات والاتجاهات نتيجة الصندوق الانتخابى لمجرد الرفض، فهذا إشعال للفتنة بين الشعب الجزائرى الذى خرج منه أكثر من 5 ملايين مواطن داعمين ومؤيدين لإجراء الانتخابات الرئاسية فى موعدها، فالمعارضة إذا كانت للمعارضة، لا تكون معارضة على الإطلاق، ولكن فى كل النظم الديمقراطية، المعارضة الموضوعية والواقعية تعترف وتؤمن بنتيجة الصندوق طالما لم يحدث تزوير أو تدخل حكومى أو تهميش أصوات الجماهير، وهنا لا تكون انتخابات، ولكن ما دام لم يحدث طعن من المرشحين، أو حالات تزوير فاضحة أو تلاعب بأوراق الانتخابات، أعتقد أن الرئيس عبد المجيد تبون أصبح رئيسًا شرعيًا للجزائر، للرافضين قبل المؤيدين.
إن استقرار الجزائر فى هذا التوقيت الحساس والهام، هو نقطة استراتيجية لشمال إفريقيا، الذى يشتعل بجوارها فى ليبيا، من خلال محاولات تقسيمها وسيطرة أيديولوجية عليها، وميليشيات إخوانية، حتى وصل الحال لأول مرة أن تُستدعى دولة مثل تركيا لتتدخل فى الشأن العربى بشكل وقح؟ فهل نريد الجزائر أن تكون بهذا الشكل وهى بلد المليون شهيد وبلد المناضلين الشرفاء وبلد الفكر والثقافة والمهرجانات الشعرية والأدبية والفنانية؟! الجزائر حدوتة ثقافية وسياسية وخرج من باطنها شخصيات لها تاريخ، لأن الجزائر هى العمود الفقرى فى شمال إفريقيا، وهى رأس الخيمة فى هذه المنطقة المحاطة بالألغام السياسية، ودعوات الاستقلال أو الانفصال، ومحاولات استقلال بعض الحركات عنها مثل البوليساريو، كل هذا يجعلنا ندعو أن يعبر الشعب الجزائرى هذا الكمين وهذا المأزق لأن هناك عيونًا دولية وأدوات داخلية ترصد عن قرب ما يجرى فى الحراك الجزائرى، حتى تنقض وتقسم الموحّد، وتفتت الأراضى الجزائرية بولاياتها الممتدة.
دعونا نحكّم صوت العقل والضمير والحفاظ على الثوابت الوطنية ووحدة الأرض والشعب الجزائرى التى لا تعادلها أى شعارات أو نعرات أو نشطاء أو أيديولوجيات، فعندما يبقى الوطن يهون كل شىء وعندما يُقسّم الوطن فلا وجود لأى شىء.
«تبون» أصبح أمرًا واقعيًا، فهو رئيس للجزائر الشقيق، وأى إصلاح سياسى سواء للدستور أو فى القوانين أو فى الحريات سواء حرية الصحافة وحرية الكلمات أو توزيع الثروة أو تداول السلطة قابل للتفاوض، وحتى التفاوض نفسه قابل للتفاوض.
فانتبهوا يا بلد المليون شهيد، لا تؤرقوا شهداءكم الذين دفعوا دماءهم وواجهوا الاحتلال والاستعمار للحفاظ على أغلى بقعة فى شمال إفريقيا وهى أرض الجزائر الحبيبة، فلا تنساقوا أمام من يريدون أن يسقطوا الحلم الجزائرى، وتطلع أبنائها لحياة سياسية أفضل ورؤية اقتصادية أشمل وعدالة اجتماعية ووظيفية على أرض الواقع.
فالحوار هو الحل، وليس الحراك الذى يهدم ولا يبنى، الذى يقسّم ولا يجمع، فالجزائر أصبحت قاب قوسين أو أدنى، فهل تريدون أن نعود للعشرية السوداء أم ننتقل إلى العشرية الخضراء التى تحتوى كل أطياف وأحزاب ونشطاء وتوجهات الشعب الجزائرى الحر؟!
فتعالوا نتفق على كلمةٍ سواء أن الجزائر هى الأبقى، وأننا راحلون، ولنقرأ الفاتحة على شهدائنا الخالدين.