النهار
الأحد 29 ديسمبر 2024 09:17 صـ 28 جمادى آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: اليمين المتطرف.. من نيوزيلندا إلى هولندا!

لا شك أن المشهد البشع الذى شاهدناه وشاهده العالم على كل الشاشات، أو عبر البث المباشر على مواقع التواصل الاجتماعى، لما حدث فى أحد مساجد نيوزيلندا، يجعلنا نفكر ألف مرة فيما يتعلق باليمين المتطرف فى أوروبا، الذى بدأ يتحرك بشكل عملى على الأرض، لاستهداف المسلمين فى كل مكان.

فاستهداف المساجد هو فكرة شيطانية للمتطرفين الجدد، الذين أصبحوا يتحكمون فى بعض المجالس النيابية الغربية، ولهم شراكة مع السلطة التنفيذية، وتواجد فى الشارع، ويجيدون اللعب على أوتار وشعارات أساسها أنه يجب قصف المهاجرين من العرب والمسلمين من كل الاتجاهات، تأكيدا لمقولة بوش الابن عندما وقعت أحداث 11 سبتمبر، فقال مقولته العنصرية: «بدأت الحرب الصليبية مع المسلمين». وهذه كانت الشرارة الأولى فى العالم التى تلقفتها فى أوروبا القوى الراعية للإرهاب والإرهابيين، والتى انكوت الآن بنار المتطرفين من داخلها، وتجاهلوا تحذيرات مصر من أن الإرهاب سيطال الجميع إذا لم يتعاون العالم لمواجهته.

فمصر كانت دائمًا تحارب الإرهاب من كل الجنسيات ومن كل البلاد، وأولئك الذين صدروه ودربوه وموّلوه، واستخدموا أحدث التكنولوجيا لمحاولات إسقاط سيناء وفصلها عن الوطن الأم. ولكن فطن الرئيس عبدالفتاح السيسى لهذا العمل الاستخباراتى، وأعد العدة لمواجهة كل أطياف الجماعات الإرهابية، النابعة من المنبع الحقيقى لها، وهو التنظيم الدولى للإخوان.

فكانت المفاجأة التى نبه عليها دومًا رئيس مصر أن ما يجرى فى سيناء سيطال العالم بأسره، ولكنهم كانوا يعتقدون واهمين أنهم فى منأى عن هذا الطوفان الإرهابى، وأنهم لن يطالهم فى يوم من الايام. وإذ بالأحداث تثبت لهم كم كانوا على خطأ، فها هى أحداث نيوزيلندا، ثم أحداث هولندا، ومن قبلها أحداث السترات الصفراء فى فرنسا، كشفت الوجه القبيح لما يجرى من مخططات من خلال اليمين المتطرف، الذى استخدم ورقة المهاجرين وتغيير الهوية، وخاصة المسلمين فى هذه البلدان.

فعندما أعلن ترامب بناء جدار عازل مع المكسيك، واستخدم حق الفيتو، أراد أن يرسل رسالة لأوروبا أن تفيق من لعبة المهاجرين، وكأنه بهذا الجدار العازل سينأى بأمريكا عن المهاجرين من كل بلدان العالم. إلا أن الأيام القادمة ستكشف أن هذا التوجه الأيديولوجى لن يكون حاجزا أو مانعا ضد العمليات الإرهابية، التى أصبحت تهز أوروبا من آن لآخر، وتكشف أن الفاعل الحقيقى ينتمى إلى الفكر المتطرف، والرفض المطلق لكل ما هو مسلم، فأصبحت (كوليرا الإرهاب) هذا الوباء الجديد، تهدد الدول الأكثر أمانا مثل نيوزيلندا. فتوقعوا فى الأيام القادمة نيوزيلندا جديدة، وفرنسا أخرى، وهولندا أخرى، تكتوى بهذه العمليات الإرهابية.

لقد كانوا يتمنون أن يكون الفاعل من المسلمين ومن الدول العربية، حتى يقيموا الحد، ويعلنوا الضربات فى كل الاتجاهات، ويبتزوا أموال العرب والمسلمين، لكن الحقيقة الفاجعة ظهرت لهم أنه واحد من ابناء جلدتهم، ولد فى بلادهم وتربى فيها.

فيجب أن ننتبه الآن، لأن الحرب القادمة ستكون حرب أفكار بين الإسلام والصهيونية العالمية، التى تسعى من خلال بروتوكولات حكماء صهيون إلى إسقاط العالم الإسلام والعرب فى فتنة الانقسامات والطائفية والحدود، لتنعم بنهب ما حباه الله لهذه البلاد من خيرات.

ويجب أن ننتبه إلى أن التواصل العربى الإفريقى، وما يجرى من عودة مصر إلى إفريقيا، سيصيب الصهاينة والأمريكان والإسرائيليين والأوربيين بالسعار، ومحاولة وقف هذا المد والتواصل الثقافى والتعليمى بين العرب وإفريقيا، من خلال زيادة الهجمات الإرهابية على البلدان الإفريقية، حتى لا يحدث تلاحم بين مصر وإفريقيا.

فمأساة نيوزيلندا وهولندا هى بداية الجحيم المتطرف، وخطوة من خطوات الإرهاب المتطرف من اليمين المتطرف الذى يغزو أوروبا والعالم، بدعم وتأييد وتمويل من الصهاينة، وهو شر يحتاج منا جميعًا اليقظة فى مواجهته والتصدى له.

فاحذروا..فإن خطاب الكراهية والعنف في أوروبا وأمريكا، سيزداد في الفترة القادمة ضد الإسلام والمسلمين.