أسامة شرشر يكتب: رسائل السيسى من ميونخ
رسائل عديدة بعث بها الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال قمة ميونخ لينبه العالم للمخاطر المحيطة به، وعلى رأسها الإرهاب الذى يعوق التنمية الاقتصادية ويدمرها والصراع العربى الإسرائيلى الذى يجب أن يمضى إلى حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية على أرض الرابع من يونيو وعاصمتها القدس الشرقية.
وأعتقد أن أخطر الرسائل من الرئيس السيسى فى ميونخ والتى صرح بها لأول مرة منذ سنوات إدانة مذبحة الأرمن على يد الأتراك أيام الاستعمار العثمانى.. حيث جاء الأرمن إلى مصر فارين من الجحيم العثمانى ومن وقتها وهم موجودون فى مصر فى أمن وأمان، فمصر هى الدولة الوحيدة التى استقبلتهم على مستوى العالم واحتضنتهم وحمتهم من ظلم العثمانيين.
ولهذا فإن مصر تعلم مخاطر ظاهرة الإرهاب على مر العصور وتقف بالمرصاد ضد تصدير الإرهابيين وتدريبهم وتمويلهم وضد تسويق الإرهاب إعلامياً بهدف إسقاط الدول العربية بعد إحداث حالة من الانقسام والفوضى بها من خلال دعم ميليشيات الإخوان وداعش والنصرة عن طريق دول أوروبية، وهو ما أحدث هزة ورِدّة فى العالم العربى لتصير منفذاً وثغرة لكل الميليشيات الإخوانية والظلامية، لكى تجند المتطرفين فى أوروبا.. لتفجير منطقة الشرق الأوسط وخاصة الدول العربية، وقد رأينا الآلاف منهم فى سوريا والعراق سقطوا أسرى، وهم حائرون فى السجون الآن لا أحد يريد أن يتسلمهم من بلادهم الأوروبية.
لقد كان الرئيس السيسى هو أول رئيس دولة يتقدم بضرورة تطوير الخطاب الدينى لمواجهة الجماعات الظلامية مواجهة شاملة بالفكر قبل السلاح سواء فى سيناء أو ليبيا أو سوريا أو العراق أو اليمن، بل نبه إلى أن الخروج من هذا المأزق الظلامى الذى يمر به العالم لن يتم إلا بكشف المجتمع الدولى لمن هم وراء تمويل وتسويق هذه العناصر الإرهابية. ولن تنعم المنطقة بالاستقرار الأمنى والسياسى إلا من خلال حل القضية الفلسطينية.
دعونا نتكلم بصراحة وصدق إن رسائل السيسى فى أكبر مؤتمر عالمى لدعم الأمن والاستقرار فى العالم فى ميونخ تعكس الأهمية الكبيرة للحضور المصرى فى هذه المرحلة الاستثنائية التى يمر بها العالم العربى، ورئاسة مصر فى هذه الفترة منظمة الوحدة الأفريقية تعطى دلالة أمنية بأن مصر بخبرتها التراكمية وموقعها الجغرافى المتميز واهتمامها بالملف الأمنى ومواجهة الإرهاب والهجرة غير الشرعية ستؤدى إلى نقلة نوعية فى التواجد المصرى والأفريقى فى المحافل الدولية.
وستكشف مصر من خلال اهتمامها بقضية اللاجئين والنازحين أنها قادرة على تحجيم هذه الظواهر، حتى لا يتم تصدير المتطرفين والإرهابيين إلى أوروبا والعكس.
فلذلك نقولها بأعلى صوت من أعلى مئذنة فى قاهرة المعز إن مصر عادت بقوة من خلال دبلوماسية التنمية وخبرة مواجهة التطرف والإرهاب والميليشبات الظلامية.
فإما أن يتوحد المجتمع الدولى فى مواجهة هذه الظواهر التى تضع دول العالم فى مواجهة المتطرفين والإرهابيين والهجرة غير الشرعية، وإما سيتحول العالم إلى مستنقع للإرهاب لن ينجو منه أحد.
فدعونا نقل إن مشاركة الرئيس السيسى فى هذا المؤتمر الأمنى الهام تعطى دلالة ورسائل قوية فى كل الاتجاهات العربية والإقليمية والدولية بأننا نسير فى الاتجاه الصحيح.. وأن الدولة المصرية تعاملت بمنتهى الحرفية والمهنية فى الواقعة الأخيرة فى شمال سيناء، التى راح ضحيتها أنبل الضباط والجنود، وهى ضربة استثنائية للميليشيات الظلامية لن تثنى مصر والقوات المسلحة العظيمة عن حصار هؤلاء الإرهابيين المدعومين والممولين بأحدث الأجهزة التكنولوجية وأحدث الأسلحة القتالية، من بعض الدول المارقة مثل قطر وتركيا التى كانت تعطى رسالة من خلال هذه العملية أن الرئيس سيعود من المؤتمر وأن هناك هزة ستحدث، ولكن تعاملت الحكومة المصرية مع هذا الحادث بالقفز عليه لأنه حادث استثنائى يحدث فى جميع أنحاء العالم بداية من فرنسا وألمانيا وأمريكا وصولاً إلى تركيا وقطر الداعمين للعناصر الظلامية الإخوانية.
فلذلك الرسائل المصرية فى مؤتمر ميونخ تؤكد أن مصر تمضى فى الاتجاه الصحيح، وأن البوصلة المصرية تعبر هذه الألغام والأكمنة الاستثنائية وتسير فى اتجاه التنمية بالمفهوم الشامل، ومواجهة الإرهاب فى كل مكان ليتحقق لها النصر وتنعم بالأمن والرخاء اللائقين بها وبدورها وحضارتها وتاريخها العريق.
وهذه هى الاستراتيجية المصرية التى أصبحت تُدرّس فى كل المعاهد الاستراتيجية ومراكز الأبحاث الأمنية.
فمصر باقية؛ لأنها فى رباط إلى يوم الدين، وادخلوها بسلام آمنين.