أسامة شرشر يكتب: وقفة فى روضة الرسول
مع انتهاء عام 2018 وقفت مع نفسى للمراجعة والمحاسبة والحمد لله والشكر لله، عز وجل، فبالرغم من المعاناة والضغوط الحياتية اليومية على الإنسان طوال العام، والمواجهة على كل الجبهات المتوقعة وغير المتوقعة، نجحت فى السباق مع الزمن، لتحقيق أمنيات أبناء دائرتى الشرفاء فى سرس الليان ومنوف، هذا رغم العبء البرلمانى العام لأداء الدور السياسى فى الدفاع عن تراب هذا الوطن الغالى مصر التى نشعر بمعناها ورمزيتها ومحبتها عندما نغيب عنها، ولكن لكل غيابٍ أسباباً، وما أحلى الغياب عندما يكون فى حضرة رسول الله! وعندما يعنى زيارة مدينته الفاضلة العامرة بأهلها وطيبها وأرضها المباركة.
لقد كان الذهاب إلى مسجد الحبيب المصطفى وروضته الروحانية التى يغسل فيها البشر همومهم أمراً عظيماً، حيث ترى فى هذه البقعة الطاهرة كل جنسيات العالم تتسابق فى الصلوات والدعاء والبكاء فى روضة الحبيب المصطفى، وتتذكر هجرة الرسول إلى المدينة، وخروجه من مكة المكرمة، أحب بلاد الدنيا إلى قلبه وعقله، حيث تحمل الكثير من التضليل والأكاذيب والشائعات.
والرسول، عليه الصلاة والسلام، رغم أنه يوحَى إليه من السماء، واجه الاتهامات من أقرب الناس إليه من عمه أبى لهب ومن غيره فقالوا إنه شاعر وساحر وكذاب رغم أنه فيهم الصادق الأمين، لكن جبريل، موفد السماء من رب الأرض والسماء، كان ينزل بالوحى يطمئنه ويقول له «لا تبالِ»، فما أحوجنا اليوم ونحن نعيش فى عالم اللا معقول والأكاذيب والشائعات وحروب الجيل الرابع التى تسعى لمحاولة تشويه وطننا الغالى مصر الحبيبة لأخذ العبرة من انتصار الحق مهما حاول أهل الشر محاربته بالشائعات وبكل أسلحة الكذب والخداع والتضليل!، ونقول لهم من المدينة المنورة «مصر لن تسقط أبداً، لأنها فى رباط إلى يوم الدين بجيشها وشرطتها وأمنها وشعبها العبقرى الشريف، الذى يتحد عند الخطر».
وقد دعوت وأنا فى الروضة الشريفة أن يغفر الله لأموات حادث المريوطية الإجرامى، واستفزتنى المحاولات المتكررة والمستميتة لتشويه وجه مصر النقى، ولكن بإذن الله لن يستطيعوا، فادخلوها بسلام آمنين.
وعندما ذهبت إلى روضة الحبيب المصطفى، تملكنى شعور رائع، وروحانيات تدفقت فى نفسى لتخرج الدعوات بأن يحفظ الله هذا الوطن وأن يغفر لى ولكل من حملنى الدعاء إلى الله عند الحبيب المصطفى.
وعندما ذهبت إلى مكة المكرمة، وإلى الكعبة وقبلت الحجر الأسود، وباب الملتزم، وصليت فى حجر إسماعيل، ومقام إبراهيم، وشربنا من ماء زمزم شعرت أن شعوب المسلمين فى تجمعهم واتحادهم فى الكعبة الشريفة أيضا قوة وعزة ورحمة ورسالة ليت الحكام يستغلونها، ويترجمون هذه المعانى وهذا التجمع الربانى فى الله ولله، لاستنهاض الهمم ويكون نواةً لقوة عسكرية عربية إسلامية، يشعر بها الأصدقاء قبل الأعداء، وسيكون رد الفعل للحكام من شعوبهم الذين هم حائط الصد الأول لهم، وتنفيذ أمنيات الشعوب بتوحدهم، فهل سيتحقق هذا الحلم الذى هو مطلب شعبى فى أن تعود قوة العرب لتكون رسالة ومعنى للذين يحاولون أن يصدروا أزماتهم وحروبهم وشائعاتهم لمحاولة تقسيم العالم العربى، حتى يحدث التوازن الاستراتييجى والعسكرى مع إسرائيل ومن وراءها.
فمهما فعلنا ومهما قلنا ومهما رددنا من شعارات فإن الحقيقة الأولى والأخيرة ورد الفعل العملى والعقلانى أن تكون هناك نواة عربية تجمع بلدان العالم العربى، وأن تعود سوريا إلى مقعدها فى الجامعة العربية، ومن هنا نكون بدأنا فى الاتجاه الصحيح، وأى كلام آخر لا محل له من الإعراب وسندور فى نفس الدوائر دون تحقيق الهدف الاستراتيجى والعسكرى الذى هو رغبة الشعوب العربية أن يكون لها جيش عربى يهز أركان الدنيا.
فالعالم الحديث لا يحترم إلا لغة القوة، والقوة ذُكرت فى القرآن وفى الأحاديث «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة»، «المؤمن القوى خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف»، فما أحوجنا اليوم إلى أن نعيد لشعوبنا قوتنا العسكرية ونستفيد من قوتنا الاقتصادية ليكون العائد من اتحادنا لشعبنا العربى العظيم من المحيط إلى الخليج وليس لأمريكا أو لأوروبا التى تستفيد بأموالنا وودائعنا وبترولنا وتصب عليه النار لكى تقتلنا وتحرقنا فيه.
..وأنا فى الكعبة الشريفة بملابس الإحرام، أؤدى العمرة زادت قناعتى بأنه آن الأوان ليتحقق هذا الحلم.. حلم الأمة الواحدة وإلا سنكون خارج نطاق الزمن.
اللهم بلغت اللهم فاشهد.