أسامة شرشر يكتب: حكاية «جناح القوات المسلحة»
تلقيت دعوة كريمة من القوات المسلحة، لزيارة معرض إيديكس 2018، ولم أصدق ولم أتوقع، النقلة النوعية في التصنيع والتسليح بأيادى وعقول مصرية من أبناء القوات المسلحة، والتى أبهرت الأصدقاء قبل الأعداء وكأنني في أحد المعارض العالمية، فشعرت بالطمأنينة أن مصر عادت وبقوة، وأن أجنادها خير أجناد الأرض، وأنها ستبقى في رباط إلى يوم الدين.
مصر الجديدة القوية التى تحدث عنها الرئيس السيسى خلال السنوات الأربع الماضية بدأت تشرق شمسها متجلية فى نتاج العقول والأيادى المصرية فى واحد من أهم وأخطر المجالات لأى دولة تريد أن يكون لها شأنها وتتحرر من الضغوط الخارجية التى تكبل قرارها الوطنى، وقد برز ذلك بوضوح فى معرض الدفاع الأول «إيديكس 2018»، فها هى مصر تنتج أسلحة حديثة بتصميم مصرى وتنفيذ مصرى بعد أن غيرت بفكر ثاقب من استراتيجيتها المتبعة بشأن توقيع عقود استيراد السلاح، لتضع شروطاً تضمن نقل خبرة تصنيعها إلى الداخل حتى يمكن للجيش المصرى أن يحافظ على ترتيبه المتقدم ضمن أقوى عشرة جيوش على مستوى العالم، فمنذ نفضت مصر عن نفسها آفة الإخوان وهى تدرك أن العالم الجديد بمشكلاته وإرهابه، يتطلب التفكير فى توطين التكنولوجيا العسكرية بالداخل والاهتمام بالتصنيع العسكرى المصرى المحلى، إلى جانب التعامل مع الأسلحة الحديثة التى يمتلكها الجيش.
ونظرة واحدة على جناح القوات المسلحة بمعرض الدفاع الأول "إيديكس 2018" تكشف لنا حجم ونوعية ما قامت به مصر فى عهد السيسى دون ضجيج، ففى جناح القوات المسلحة المصرية شاهدنا وشاهد العالم عرض عدد من الأسلحة من إنتاج مختلف الأسلحة والإدارات.
الكلية الفنية العسكرية شاركت بعدد من الأسلحة منها بندقية إعاقة للطائرات بدون طيار، ومركز البحوث الفنية عرض جهاز إنذار ضد تهديدات الليزر يستطيع تحديد اتجاه التهديد خلال 10 ثوان.
أما إدارة الاسلحة والذخيرة فقد شاركت بعدد من الأجهزة المهمة والبارزة منها جهاز لتحليل الرمايات للصواريخ المضادة للدبابات لمراقبة وتقييم أداء الرماة وتصحيح الأخطاء أثناء التصويب، وجهاز آخر للتصويب بالليزر يستخدم فى ميادين الرماية الصغيرة وفى مساحة تصل إلى 6 أمتار.
كما شمل المعرض «سوفت وير» من إنتاج إدارة النظم والمعلومات لمحاكى لإدارة نيران المدفعية يوفر الجهد والوقت والذخيرة ويراعى التأثيرات الحيوية.
كما تضمن المعرض جناحًا مميزًا للقوات البحرية، عرض عددا من اللنشات السريعة والمتعددة المهام مختلفة الحمولة من 10 مقاتلين حتى الرافال 1200 بحمولة 21 مقاتلاً، إضافة إلى الجويند 2500.
مشاهد تؤكد وتعكس قوة مصر الجديدة التى يشير إليها الرئيس السيسى بين الحين والآخر بتعبير أمة ذات شأن كونه يملك المعلومات واتخاذ القرار ويعرف إلى أين تمضى سفينة الوطن، فمصر ومنذ إزاحة الإخوان وإدراكها الضغوط التى تمت ممارستها عليها فى محاولة فاشلة للتأثير على قرارها الوطنى أدركت حاجتها إلى توطين الصناعات العسكرية وعدم الاكتفاء بشراء السلاح، بل صناعته أيضا.
إن حجم المشاركة فى المعرض الدولى للصناعات الدفاعية والعسكرية «إيديكس 2018»- يعكس بلا جدال مكانة مصر وما أنجزته خلال السنوات الماضية، فقد شاهدنا 373 شركة عالمية عارضة تمثل 41 دولة، و51 وفدا رسميا تشارك فى المعرض الأول من نوعه فى مصر وشمال ووسط إفريقيا، وشاهدنا عروضاً لأحدث المنظومات العالمية فى مجال التسليح والتقنيات المرتبطة بها، شاهدنا ملتقى لكبرى قلاع الصناعات الدفاعية الدولية من جميع أنحاء العالم بجانب الصناعات العسكرية المصرية من إنتاج القوات المسلحة والشركات التابعة لوزارة الإنتاج الحربى والهيئة العربية للتصنيع.
شاهدنا وزراء دفاع فرنسا والإمارات وسلطنة عمان والسودان واليونان وقبرص الرومية، وجنوب السودان والكاميرون وكوريا الجنوبية والصومال، فضلا عن 7 رؤساء أركان و7 وزراء للإنتاج الحربى من الدول الشقيقة.
شاهدنا الدول الكبرى تتسابق للمشاركة بل تتنافس فى ذلك، فأمريكا يشارك منها 42 شركة، والشركات الفرنسية بلغت 32 شركة، والصينية 20 شركة، وهناك 20 شركة بريطانية كما كانت دولة الإمارات العربية حاضرة عبر27 شركة، وهو أمر له دلالته حيث الأمن والاستقرار والمكانة التى تتمتع بها مصر الآن.
وقد تابعت تقارير المواقع المتخصصة فى المجال العسكرى والتى أجمعت على أن التعاون العسكرى التقنى بين مصر وبلدان أخرى، فى المقام الأول روسيا والصين والولايات المتحدة، وصل إلى مستوى غير مسبوق على مدار العامين الماضيين، واللذين شهدا عدداً من الزيارات واللقاءات المتكررة بين وزير الإنتاج الحربى المصرى، محمد العصار، ووزراء دفاع وسفراء ورؤساء شركات دولية.
ودون ضجيج تمت ترجمة هذه العلاقات القوية إلى تعاون على المستوى العالمى، تجلى ذلك فى نقل الخبرات مع روسيا فى مجال أنظمة الدفاع الجوى، وألمانيا فى مجال التصنيع البحرى والأسلحة الخفيفة، والصين من خلال المركبات الجوية بلا طيار وتكنولوجياتها التكميلية.
ويقيناً فإن التنسيق بين مصر ودول عربية حليفة، مثل السعودية والإمارات، فى مجال الصناعات العسكرية، سوف يتطور من التعاون إلى مجال الدخول فى عمليات تصنيع مشتركة، تتضافر فيها الجهود والخبرات لسد بعض الثغرات التسليحية التى تمثل أكبر ورقة ضغط على القرار الوطنى للدول العربية.
وقد ذكرت مجلة ديفنس نيوز الأمريكية، أبرز المجلات فى المجالين العسكرى والسياسى أن «القاهرة بدأت بالفعل فى تصدير بعض أنواع الأسلحة إلى عدد من الدول العربية والإفريقية».
فنحن أمام إنجاز مصرى يرقى للإعجاز يؤكد أننا على الطريق الصحيح نحو مصر جديدة قوية قادرة.. لا يتحكم فى قرارها أو مصيرها أحد غير أبنائها وهو جهد كبير لرجال كبار فكروا ونفذوا وأنجزوا وغايتهم وشعارهم «تحيا مصر».