أسامة شرشر يكتب: بلاغ للرئيس.. عمال «القومية للأسمنت» فى خطر
عندما تمت دعوتى من قبل رئيس حزب التجمع الزميل سيد عبدالعال، لحضور مؤتمر لمناقشة بيع الشركة القومية للأسمنت دار فى خاطرى تساؤلات كثيرة.. أهمها: لماذا البيع فى هذا التوقيت؟ ومن المستفيد الحقيقى من هذا البيع؟ ولماذا يتم التصفية للشركة الوطنية الوحيدة المملوكة للحكومة فى مصر؟ وكأن هناك مخططاً خفياً، وأيادى مرتعشة وعقولاً عقيمة تريد أن تصفى العمال، وآخر مكتسبات الشعب من ثورة يوليو.. الأرقام مذهلة، والخسائر متعمدة، ومحاولات تصفية وبيع الشركة وراءها أياد كثيرة .
ومن خلال الأرقام والدراسات الفنية، وما يسمى بـ«الأبجريد» وما أدراك ما «الأبجريد»، وهى خطة لبيع هذه الشركة رغم أن لها أصولاً كثيرة جداً تتعدى مليارات الجنيهات، ولكن شممت رائحة فساد متعدد الجنسيات لشركات ذات مصالح للقضاء على البقية الباقية من ريحة عبدالناصر والقطاع العام الذى يسمى قطاع الأعمال، فاستمعت أثناء حضورى هذا المؤتمر، مع مجموعة من زملائى النواب المحترمين، لشرح تفصيلى للسبب الحقيقى فى انهيار الشركة، وهو الغاز، وعدم استخدام الفحم، خاصة بعد ارتفاع الأسعار نتيجة تعويم سعر الجنيه، وهذا فى حد ذاته اتهام واضح لإدارة الشركة وللشركة القابضة للكيماويات التى تحاول بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة أن تبيع الشركة القومية للأسمنت وكأنها تحوى بداخلها مسلسل فساد وإهدار للمال العام يخشى البعض أن يتم كشفه من خلال لجان تقصى حقائق طالبنا بها أثناء المؤتمر أو استجواب بالمستندات، لوزير قطاع الأعمال القادم منذ أقل من شهرين (هشام توفيق)، وكان القرار هو البيع وليس التطوير أو إعادة الهيكلة أو تسوية الديون مثل شركة الحديد والصلب، وكأن الفساد فى هذه الشركة العريقة ينتصر على كل من يريد الإصلاح فى هذه الشركة التى تعتبر آخر قنديل فى القطاع العام.
وبعد دعوات الرئيس السيسى بضخ 25 مليار جنيه لتطوير شركات القطاع العام، فإن عدم التطوير فى حد ذاته هو اتهام موجه للوزير والشركة القابضة، أنهم لم يقوموا بإعداد الدراسات الحقيقية والاستماع إلى الخبراء الفنيين المحايدين، وليس لخبراء المراكز التابعة لهم، الذين يعطون نصائح بضرورة بيع «القومية للأسمنت»، فى تحد للعمال الذين لا ذنب لهم فى أى شىء، ودون الرجوع للبرلمان، الذى يعتبر صوت المواطن، لدراسة أسباب الخسائر المتلاحقة للشركة القومية للأسمنت، وتكون الكلمة النهائية للبرلمان صاحب الحق الأصيل فى الحفاظ على مقدرات الشعب.
والذى استوقفنى أن كثيراً من العمال الذين حضروا المؤتمر، وهم أقل من 35 سنة، وعددهم يزيد على 700 عامل من إجمالى 2400 عامل، حمّلونى شخصياً استغاثة لرئيس الجمهورية أن يتدخل بإصدار قرار لوقف بيع الشركة القومية للأسمنت، وأن يعرض الموضوع على اللجان النوعية للبرلمان، وقالوا «نحن نرتضى بحكم البرلمان وليس بحكم الغزاة الجدد الذين يحاولون القضاء على الشركة القومية للأسمنت بالبيع لآخرين هم مستفيدون من إتمام هذه الصفقة المشبوهة»، وأضم صوتى لصوتهم وأقول لهم: إننى تقدمت بالفعل بطلب إحاطة لوزير قطاع الأعمال لوقف عقد الجمعية العمومية الطارئة العادية وغير العادية، والتى سيتم اتخاذ قرار البيع فيها، لحين عرض الموضوع على البرلمان، وأطالب الرئيس عبدالفتاح السيسى بوقف نزيف بيع الشركات، ووقف بيع الشركة الوطنية الوحيدة للأسمنت، حفاظاً على حقوق ومكتسبات العمال الذين دفعوا أرواحهم خلال أكثر من 50 عاماً لتبقى الشركة شاهدة على إنتاج وإنتاجية العامل المصرى.
المشكلة ليست من العمال ولكنها فى الإدارة، وما يسمى الشركات القابضة التى هى فى الحقيقية جزء فى فساد وإفساد قطاع الأعمال.. فعفواً هى شركات العمال الذين حافظوا عليها أكثر من نصف قرن، واليوم يأتى الفاسدون متعددو الجنسيات والمصالح ليشتروها بأبخس الأثمان، والضحية الأولى هم العمال.. ولا عزاء للعمل وللإنتاج فى مصر.