أسامة شرشر يكتب: حكاية عبدالناصر فى ذكرى ثورة 23 يوليو
سجل التاريخ فى صفحاته الخالدة أن من أنبل الثورات فى العالم ثورة 23 يوليو 1952، التى غيرت وجه الحياة فى مصر وقادت حركات التحرر ليس فى إفريقيا فقط بل فى آسيا وغيرها من القارات.. حيث ألهمت الشعوب المطالبة بالاستقلال والحرية وساعدت الدول التى تنشد الحرية والكرامة على تحقيق مطالبها وأهدافها.
ولقد توافر لثورة يوليو شعب عظيم ساند الجيش وقيادة تتسم بالشجاعة والحكمة معاً تجسدت فى شخصية الزعيم جمال عبدالناصر الذى قاد مصر، بمفهوم العدالة الاجتماعية والحرية، وسعى لتحقيق الديمقراطية لكنها ظلت هدف الثورة الذى لم يكتمل فى عهد عبدالناصر نظراً للمؤامرات التى أحاطت به سواء من الإخوان والقوى الرجعية فى الداخل أو القوى العظمى والكيان الصهيونى فى الخارج، ومع هذا فقد حقق عبدالناصر إنجازات ضخمة تجسدت فى إعادة بناء القوات المسلحة التى خاضت حرب الاستنزاف ضد العدو الإسرائيلى ببراعة منقطعة النظير بعد نكسة 67، ومهدت لنصر أكتوبر العظيم.
كما كان عبدالناصر منحازاً انحيازاً كاملاً للفقراء والمظلومين من الفلاحين والعمال، وأرسى قواعد العدالة الاجتماعية بمفهومها الحقيقى الذى غير وجه الحياة فى مصر.
وكنتيجة لثورة يوليو 1952 وما تلاها شهدت مصر فى عهد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، أكبر ثورة صناعية فى تاريخها، من خلال بناء المصانع التى تغطى كافة قطاعات المجتمع وعلى رأسها الصناعات الاستراتيجية مثل صناعة الحديد والصلب وصناعة المنسوجات وصناعة الأسمدة وصناعة الألومنيوم وغيرها الكثير والكثير فى كافة ربوع مصر من حلوان للمحلة، ومن أسوان للإسكندرية، وإن أكبر دليل على خلود إنجازات ثورة 23 يوليو وقائدها الزعيم جمال عبدالناصر، تعلق الشعب بالزعيم جمال عبدالناصر، وهو ما لفت نظرى فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو، متجسداً فى رفع صور عبدالناصر فى كل ميادين التحرير على مستوى محافظات مصر خلال الثورتين، وهو ما يستشعره الشعب المصرى العظيم دائما باستلهام روح عبدالناصر فى مواجهة الفساد.
كما أن ثورة 23 يوليو مكنت مصر، رغم الحصار الأمريكى، من تأسيس دور عالمى هام وفاعل عربياً وإقليمياً، من خلال المشاركة فى تأسيس منظمة دول عدم الانحياز، وهو الدور الذى أسهم فى كل حركات التحرر فى إفريقيا والعالم العربى وعلى مستوى العالم، وأصبحت بعده مصر قبلة للأحرار والثوار فى كل أنحاء العالم.
وعندما قام الرئيس عبدالفتاح السيسى بتكريم يوسف الصديق، أحد أركان ثورة يوليو، فإنه يعد اعترافاً عظيماً من القيادة السياسية بأن ثورة يوليو ما زالت باقية بمبادئها وأفكارها، وهو ما يتجلى فى تكريم رموزها مثل المناضل خالد محيى الدين بعد أكثر من 60 عاما على الثورة.. وما زالت هذه الرموز تحظى باحترام وحب جماهيرى كبير وتكريم من القيادة السياسية، حتى إن قبر عبدالناصر فى الذكرى الـ66 للثورة يحظى بحضور كثيف من المثقفين المصريين والعرب، وهو الرئيس الأوحد الذى ما زال يحظى بحضور فى الشارع العربى والإفريقى والإسلامى بمواقفه التاريخية ضد الصهاينة والإسرائيليين والأمريكان.
كما لا يفوتنا أن نلاحظ تزامن موافقة الكنيست الإسرائيلى على إعلان إسرائيل دولة قومية يهودية مع ذكرى ثورة يوليو، وهو ما يؤكد أن الزعيم جمال عبدالناصر ما زال يمثل رعبا للكيان الصهيونى والإسرائيليين، وأننا كمصريين وعرب لا بد أن نستلهم من ذكرى تخليد عبدالناصر نقطة انطلاق حقيقية لبناء مصر صناعياً وزراعياً وديمقراطياً.
ولكن بالطبع هناك بعض المآخذ على ثورة يوليو أهمها عدم القضاء على التنظيم الدولى للإخوان والاكتفاء بإبعادهم عن الحياة السياسية، وهو ما أدى لهروب الإخوان للخارج والحفاظ على أفكارهم ومبادئهم، ليعودوا بعدها مرة أخرى للتسلل إلى المجتمع المصرى من جديد.
وأخيراً لا نملك إلا أن نقرأ الفاتحة على شهيد الشعب المصرى والعربى الذى لم يمت، بل هو باق بمواقفه وأفعاله وتصديه للمشروع الإمبريالى الأمريكى.. إنه خالد الذكر الزعيم جمال عبدالناصر.