النهار
الأربعاء 27 نوفمبر 2024 10:32 مـ 26 جمادى أول 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
بهدف إيشو.. الزمالك يتقدم على بلاك بولز بهدف نظيف بالشوط الأول مبابى وبيلينجهام يقودان تشكيل ريال مدريد ضد ليفربول محمد صلاح يتصدر تشكيل الريدز أمام ريال مدريد في دوري الأبطال المصري يفتتح مشواره في مجموعات الكونفدرالية بثنائية أمام إنيمبا بحضور محافظي السويس وبورسعيد محافظ الدقهلية يعتمد المخططات التفصيلية لعدد 14 قرية دار الإفتاء المصرية تشارك في قافلة دعوية إلى شمال سيناء مع الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف محافظ الجيزة يثمن جهود جامعة الأزهر التنموية ويشيد بدعمها الطبي للمبادرات الرئاسية ناصر ماهر وأحمد حمدي يدعمان الزمالك من مدرجات ستاد القاهر فرصة للشراء.. اقتصادى يكشف: انخفاضات في أسعار الذهب قريبًا مظاهرات قرب مقر إقامة نتنياهو بالقدس المحتلة للمطالبة بصفقة تبادل أسرى ”محمد أبو داغر” ضمن قائمة أكثر 40 شخصية تأثيراً في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا انطلاق مهرجان الظاهرة السينمائي الدولي 5 ديسمبر بمشاركة 40 فيلما

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: أزمة التعليم بين الحقيقة والخيال

الكاتب الصحفى أسامة شرشر
الكاتب الصحفى أسامة شرشر

لا شك أن أزمة التعليم هى حديث البيت المصرى حالياً، خاصة بعد إعلان الدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم، تغيير النظام التعليمى من خلال منظومة تعليمية جديدة، تعتمد على الإبداع والخيال والفهم، وليس على التلقين والحفظ.

فجودة التعليم فى مصر، حسب تقارير المؤسسات الدولية، تراجعت بشكل خطير ومثير للأسى، حتى أصبحت فى المرتبة 139 من بين 143 دولة، أى أننا خارج نطاق المنظومة التعليمية بمفهومها الشامل، وهذا يجعلنا نفكر بشكل واقعى فى كيفية إحداث تغيير حقيقى على أرض الواقع، لأن مثلث التعليم فى أى مكان فى العالم يعتمد على المدرس والمناهج الدراسية والمنشآت التعليمية، وهذا ما لا يتوافر لدينا الآن لإحداث نقلة نوعية فى التعليم، لأن القائمين على التعليم الآن هم الذين سيدخلون التحديث والتطوير والتدريب.

ولكن الغريب أن القائمين على التدريب بالمنظومة التعليمية الجديدة يقولون إن هذا التدريب على الورق فقط وإنه تدريب شكلى، لأن الاعتماد على التابلت والإنترنت ليس متوفراً بشكل حقيقى نتيجة عدم وجود بنية تكنولوجية تستوعب هذا الحدث.

والأخطر أن الأدوات التى ستنفذ هذه المنظومة التعليمية من مدرسين ونقابة معلمين (الأب الشرعى للمدرسين) لديهم تحفظات كثيرة جدا على إقرار منظومة التعليم الجديدة فى شهر أغسطس القادم، ويطلبون أن تكون هناك فسحة من الوقت على الأقل لمدة عام؛ حتى يتم إعداد القائمين على إحداث التغيير الاستراتيجى فى العملية التعلمية إعداداً فنياً وتكنولوجياً وتعليمياً بشكل حقيقى.

الجزئية الأخرى أن تدبير التمويل اللازم لإحداث هذه النقلة فى المنظومة التعليمية كبير جداً، إذ لا بد من توفير 128 مليار جنيه على الأقل كبداية، وهو الاستحقاق الدستورى فى الموازنة العامة للدولة، وهذا أمر غير متوافر.. والخطورة أن بناء التغيير يعتمد على قرض من البنك الدولى بقيمة 500 مليون دولار، وهو ما يعادل 10 مليارات جنيه تقريبا، ولا يعتمد على موارد ذاتية من موازنة الدولة.

ناهيك عن التعليم الحكومى الذى يمثل 86% إجمالى المؤسسات التعليمية فى مصر، وهم المستهدفون من المنظومة الجديدة.. فى الوقت الذى توجد فيه محاولات لإلغاء التعليم التجريبى فى عام 2019، مع التوسع فى المدارس اليابانية والدولية، وهو ما يجعل هناك رعباً فى المدارس التجريبية ومدارس اللغات الحكومية من وجود نوع من التمييز بينها وبين المدارس الخاصة والدولية.

وهذا يجعلنا نطالب قبل إقرار هذه المنظومة التعليمية الجديدة بأن تكون هناك لجان استماع من خبراء التعليم وأساتذة الجامعات والنقابات المختصة والمدرسين للوصول لصيغة توافق مجتمعى على مكان وزمان إطلاق هذا النظام الجديد، مع ضرورة البدء فى إنشاء مفوضية خاصة للتعليم لتضع استراتيجية تعليمية على المديين القريب والبعيد لا ترتبط بتغيير الوزير، يكون هدفها إحداث إصلاح حقيقى فى التعليم المصرى، وتضع أسساً علمية للتعليم الفنى كجزء هام جداً من قاطرة التغيير حتى تكون بداية التغيير فى كل الاتجاهات التعليمية، على أن يبدأ هذا التغيير من مراحل التكوين الأولى للأطفال، كى يصبح النظام التعليمى الجديد قابلاً للتنفيذ على أرض الواقع، خاصة أن التعليم ليس مختزلاً فى الثانوية العامة فحسب، ولكن التعليم الحقيقى يهتم بإعداد شخصية تتفاعل مع متغيرات العصر والتكنولوجيا وتكون قادرة على الإبداع والتميز والتفوق، ولديها انتماء للوطن من خلال قيم وأخلاقيات فقدنا الكثير منها بعدما تحول التعليم فى مصر إلى فوضى فى كل المراحل، تتحكم فيها مافيا الدروس الخصوصية.

فلا إصلاح للتعليم إلا من خلال قراءة مفردات الواقع التعليمى فى مصر وإعادة سمعة المدرس المصرى داخل وخارج الوطن فى العالم العربى.

فبعيداً عن المقولات الكبيرة والشعارات وتخوين الآخر، وعدم احترام ثقافة الاختلاف، إذا لم تكن لدينا استراتيجية واضحة المعالم، متوافق عليها مجتمعياً، فإننا قد عدنا إلى المربع رقم صفر فى إحداث أى تغيير حقيقى فى المحتوى والمضمون الذى نعانى منه الآن، ونكون قد أحدثنا مجرد تغيير شكلى، وهذه التغييرات الشكلية قد أدت إلى تراجع تصنيف الجامعات المصرية على مستوى العالم، بل فى بعض الأحيان لا يتم الاعتراف بالمستوى التأهيلى والتدريبى للمعلم المصرى الذى كان يوماً من الأيام محور التنوير والتعليم فى المنطقة، ولكن عندما غابت القيم والأخلاق والأنشطة والانتماء للوطن والتدريب الحقيقى للعاملين فى العملية التعليمية أصبحنا نتكلم دون إنتاج حقيقى يعيد مصر إلى وضعها الطبيعى.

فإصلاح المنظومة التعليمية الذى أصبح قضية وجود لهذا الوطن لن يتم من خلال الأحلام والخيالات، ولكن من خلال رؤية واقعية تشترك فيها كل أطراف العملية التعليمية من خلال بيت الشعب، مجلس النواب، المهتم فعلاً بإصلاح منظومة التعليم إصلاحاً حقيقياً بالتشريعات المطلوبة والموازنات الكافية، لأن وضع التصورات والسياسات شىء، والتنفيذ على أرض الواقع شىء آخر.

فارحموا من فى الأرض، يرحمكم من فى السماء.

وعجبى.