النهار
الأحد 29 ديسمبر 2024 09:18 صـ 28 جمادى آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: سر محمد صلاح

الكاتب الصحفى أسامة شرشر
الكاتب الصحفى أسامة شرشر

محمد صلاح الذى لم يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره أصبح أيقونة الشارع المصرى والعربى، والأخطر الشارع الإنجليزى الذى يرفض كل ما هو عربى وإسلامى، إلا أنه تقبل صلاح بل رفعه إلى مصاف العظام وأنشد فى مدحه أغانى وأهازيج عديدة.

فمحمد صلاح الأيقونة التى تعتبر نموذجا للإرادة والتحدى والإصرار رفع اسم مصر عاليا فى كل وسائل الاتصال والتواصل العالمية، ويجب أن يُدرس للشباب، فى كيفية صعوده من المحلية وبلدته نجريج بمركز بسيون فى محافظة الغربية، حتى حصوله على أفضل لاعب فى الدورى الإنجليزى، وأتوقع أنه بسبب تواضعه وأخلاقه العالية وإرادته الكبيرة سوف يحصل قريبا على أحسن لاعب فى العالم.

ناهيك أن محمد صلاح أصبح له تأثير إعلامى عالمى كبير، يوازى تقريبا حصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل، رغم الفارق طبعا بين لغة الأقدام ولغة العقول، ولكن هنا نحن نتحدث عن التأثير والإعلام، فبسبب محمد صلاح، أصبح اسم مصر يتردد فى كل مكان فى إنجلتر وحواريها بل فى كل العالم، بسبب هذا الفرعون الذى هز شباك الغرور البريطانى، وأصبح علامة جودة مثل القطن المصرى الذى كان علامة تميز واختراق للاقتصاد البريطانى.

فما فعله محمد صلاح على المستوى السياسى والاقتصادى والسياحى، اختزل سنوات طويلة فى عودة اسم مصر ليتردد بقوة فى كل العواصم الأوروبية، مما ساهم بشكل عملى فى زيادة السياحة الإنجليزية الواردة إلى مصر بنسبة كبيرة عن العام الماضى، وعادت مصر ملاذا سياحيا للسياح الأوروبيين وخاصة البريطانيين، وأصبحت قدم محمد صلاح رمزا لقدرة هذا الوطن على إفراز نماذج مصرية قادرة على رفع اسم مصر، بصورة أفضل من وزارات وهيئات كبيرة تعمل منذ سنوات ومردودها صفر، مثلما حصلت مصر عام 2004 على صفر فى حملتها لتنظيم كأس العام 2010.

وكما أن محمد صلاح أصبح ظاهرة عالمية، فهو أيضا رسالة للعالم أن مصر التى تحارب ميليشيات الإرهاب، قادرة على أن تصدر للعالم نماذج تدعو للمحبة والسلام.

وأخشى ما أخشاه أن الإعلام المصرى، الذى يصعد بمحمد صلاح إلى السماء، ينقلب عليه فى لحظة ما، وينزل به إلى سابع أرض، أو حتى يدخله فى مشاكل هو فى غنى عنها، كعادتنا الدائمة فى ذبح المشاهير فى المجالات، وها نحن نسمع مؤخرا عن الأزمة التى أثارتها الشركة الراعية لاتحاد الكرة بريزنتيشن التى تحاول الآن أن تتاجر بالاسم والفانلة وتسىء لهذا الرمز الكروى.

فاتركوا محمد صلاح ولا تذبحوه بسكاكين الإعلان والإعلام، لأنه خارج منظومة الفساد والمطبلاتية، ويكفى هذا النموذج الشعبى أنه لم يحدث فى تاريخ الرياضة المصرية على الإطلاق أن حصل لاعب مصرى على لقب أفضل لاعب فى الدورى الإنجليزى.

فلذلك أطالب بأن تدرس فى المدارس والجامعات على المستوى العلمى والبحثى والاجتماعى، حدوتة محمد صلاح، الذى كان يسافر من طنطا للقاهرة للعب فى أندية الظل مثل المقاولون العرب، حتى أصبح بالإصرار والعزيمة، من أفضل لاعبى العالم.

واتركوا محمد صلاح يتعامل مع أهل قريته بالطريقة التى يراها مناسبة، وهناك عبارة قالها أحد أبناء قريته إنه أعاد العلاقات الاجتماعية بين الناس فى الأعياد والمناسبات بعدما كادت تختفى، وهذا هو سر محمد صلاح المحبوب من العباد والفقراء والقريب من الله.

فارحموا محمد صلاح يرحمكم من فى السماء.

وعلى الحكومة أن تعود إلى رشدها، وتعيد الأنشطة الطلابية للمدارس، وتوفر للطلبة والطالبات الإمكانيات التى تمكنهم من إفراز نماذج رياضية جديدة، فكم عندنا من محمد صلاح ولكنهم مغمورون فى النجوع والقرى والمدن، وكم عندنا مثل فريدة عثمان ولكنهم لا يجدون من يقدمهم للجمهور، فالاهتمام بهؤلاء الموهوبين فى كل محافظات مصر، ورعايتهم بالأفعال وليس الأقوال هى الحل ليكون لدينا عشرات الأبطال مثل محمد صلاح فى كل المجالات.

فسر محمد صلاح أنه بداية وليس نهاية.