النهار
الأربعاء 27 نوفمبر 2024 10:49 مـ 26 جمادى أول 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: حكاية شريف إسماعيل

الكاتب الصحفى أسامة شرشر
الكاتب الصحفى أسامة شرشر

المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، من أولئك الذين يعملون بجد فى صمت بدون إعلام أو إعلان، وقد تحمل هذا الرجل فى رئاسة الحكومة ما لا يتحمله بشر، حيث تحمل موجات من الهجوم نتيجة الإقدام على أخطر القرارات الاقتصادية سواء تعويم العملة أو دعم الوقود، خاصة مشتقات البترول، ورغم مرضه الصعب ظل يعمل دون شكوى ودون أن يشعر أحد بما يعانيه وتحمل الهجوم من الأصدقاء قبل الأعداء، ومع هذا ظل يعمل فى صمت واستمر فى أداء مهمته بامتياز مع مرتبة الشرف، لأنه لا يجيد لغة الكلام، وإنما يجيد لغة العمل الجاد فحسب، حتى كانت رحلة العلاج لألمانيا والعودة لممارسة مهامه.
وأتوقع من خلال الحس السياسى أن أبسط تكريم لهذا الرجل هو استمراره فى منصبه وتشكيل الحكومة القادمة، لأن الخبرة التى اكتسبها فى معالجة كثير من الملفات، خاصة الاقتصادية- جعلته قادرا على أداء مهام رئيس الوزراء بمنتهى الذكاء الإدارى والقرار الواقعى المبنى على أسس ودراسات علمية، فضلاً عن تعافيه من الأزمة الصحية التى مر بها. 
فلذلك تكريم الدولة المصرية والشعب المصرى له يكون باستمراره رئيساً للوزراء حتى يجنى ثمار القرارات الاقتصادية التى لم يجرؤ رئيس وزراء على الاقتراب منها أو المساس بها وتحملها مع القيادة السياسية التى رأت أن الأمر لا يحتمل التأجيل من أجل إنقاذ البلاد والعباد.
ودعونا نمنح الحق لأصحابه، فقد كان صاحب أول ضربة فى اكتشاف حقل ظهر الذى يحقق الاكتفاء الذاتى لمصر من الغاز، ويحقق الجدوى الاقتصادية من خلال توفير أكثر من مليار دولار سنويا من فاتورة استيراد الغاز الطبيعى، وهذه شهادة عالمية ترصدها التقارير الدولية والإعلام العالمى، ما يؤهل مصر لقفزة اقتصادية كبيرة فى العام 2020.
ويستحق المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، دخول موسوعة الأداء التنفيذى المحترم ومحاربة الفساد بكل صوره، لأن التركة التى تحملها بصبر وبصيرة كانت ثقيلة وكلها ثقوب، فحملها ورمم ثقوبها بكل مهارة واقتدار. 
هذا بالإضافة إلى ما استحدثه من عمل جماعى، حيث إن الوزارات المختلفة قبل توليه المسئولية كانت تعمل كجزر منعزلة، وكانت هناك مراكز قوى داخل مجلس الوزراء، فاستطاع أن يحتوى بذكاء شديد هذه الجيوب، ويكون هو صاحب القرار الأول والأخير بدعم وتدعيم من القيادة السياسية من خلال قناعة الرئيس عبدالفتاح السيسى به وبأسلوبه فى العمل.
فلنا أن نعترف ونقر بأن شريف إسماعيل ظاهرة تنفيذية استثنائية لأن عصره شهد أصعب القرارات الاقتصادية فى تاريخ هذا الوطن، وعلى مدار أكثر من 30 عاما لم يجرؤ رئيس حكومة على أن يقامر بحياته السياسية أمام صعوبة أو استحالة القرار، فكان توفيق الرب ودعوات المخلصين لهذا الرجل الذى كان فى خلال فترة علاجه يعمل من غرفة العناية المركزة، ويتابع ما يجرى فى الداخل والخارج، وكأن السماء تريد تكريمه من خلال استمراره فى منصبه رئيسا لوزراء مصر، حتى يجنى ثمار القرارات الصعبة التى اتخذها فى أصعب مرحلة من مراحل تاريخ الوطن. 
وقد كان الرجل محل إشادة الرئيس السيسى فى مناسبات عديدة اقتناعاً بدوره وبما يقوم به هو وحكومته من جهد كبير لتستعيد مصر مكانتها وقدرتها الاقتصادية فى أعقاب ثورتين وبعد أوجاع وكوارث اقتصادية أعقبت ثورة 25 يناير 2011 لكن حكمة القيادة السياسية بقيادة الرئيس السيسى اختارت الرجل المناسب المهندس شريف إسماعيل فى الوقت المناسب من أجل أن تعبر سفينة الوطن البحر المتلاطم الأمواج بأمان وسلام، وقد كان، وعبرت مصر نحو شاطئ الأمان إلى فترة رئاسية ثانية للرئيس السيسى ومعه رجال وعدوا بالإنجاز وصدقوا فى تنفيذ ما وعدوا به.