أسامة شرشر يكتب: ماسبيرو ليس للبيع
«هيكلة ماسبيرو» هى العنوان الأبرز فى مجلس النواب هذا الأسبوع، خاصة فى اجتماع لجنة الثقافة والإعلام بالبرلمان الذى حضرته وزيرة التخطيط الدكتورة هالة السعيد، لوضع النقاط على الحروف أمام النواب فيما يتعلق بماسبيرو وما يحيط به من ملفات شائكة تتعلق بخسائره المرحلة التى وصلت إلى 32 مليار جنيه وتطويره وكيفية الخروج به من النفق المظلم الذى دخله.
ولكن أكثر ما أثار عجبى فى هذه الجلسة هو عدم قيام وزارة التخطيط بإرسال خطة الوزارة لتطوير المبنى إلى أعضاء البرلمان، وهو ما يمثل علامة استفهام كبيرة، خاصة أن كل ما يقوله المسئولون عن ملف الهيكلة حتى الآن كلام عام لا يسمن ولا يغنى من جوع.
فجميعنا يؤمن بأن الحفاظ على ماسبيرو وتطويره وإعادة هيكلته لينافس الفضائيات الخاصة ضرورة ملحة حتى يعود مرة أخرى صوتا قويا لمصر، فماسبيرو برغم كل ما يعانى من أزمات صنعتها سياسات فاشلة فى إدارته يظل الحفاظ عليه من صميم الأمن القومى المصرى، رغم هذا أيضاً فإن الشكوك ما زالت تعترى البعض، حول جدية الحكومة فى تطوير اتحاد الإذاعة والتلفزيون برمته وإعادة هيكلته، كما أن هناك حالة من الشك والريبة فى عملية التطوير من قبل العاملين فى الاتحاد، خاصة مع الأقاويل والشائعات التى تتردد بين جنبات المبنى العريق عن أن الهيكلة ما هى إلا خطوة أولية للخصخصة والتخلص من العاملين، وهو الأمر الذى يدفعنا لأن نؤكد أن موقفنا ثابت تماما فى هذا الصدد، وهو أن ماسبيرو ليس للبيع وأن تشريد العاملين به خطٌ أحمر، فهو ملك للشعب المصرى بأسره وليس ملكاً لأشخاصٍ زائلين.
الحقيقة الثانية التى يجب أن نعلمها جميعا هى أن مركزية القرار فى هذا المبنى العريق هى أخطر ما يهدد ماسبيرو، فهذه المركزية تقتل الإبداع قتلاً غير رحيم، وتحول جميع العاملين فى هذا القطاع الحيوى إلى موظفين يؤدون واجبا وليسوا مبدعين يتفننون فى توصيل المعلومة إلى المواطن، ونقل وجهة النظر إلى الجمهور المستهدف.
الأمر الثالث فى أزمة ماسبيرو هو أن هناك استبعاداً ممنهجاً للكفاءات من قطاعات عديدة، حتى أصيبت معظم هذه الكفاءات بالإحباط، وانتقلت للعمل فى القنوات الفضائية الخاصة والعربية وحتى الأجنبية، وهى التى تحملها على أكتافها حاليا، رغم أنهم من كوادر ماسبيرو فى الأساس، وهذا لا ينفى أن ماسبيرو ما زال يمتلئ بالكفاءات فى كافة القطاعات، إلا أن المحسوبية والروتين العقيم يستبعدان هذه الكفاءات لصغر السن أحيانا، أو لتجنب الصداع أحيانا، أو خوفا من المغامرة أحيانا أخرى، وهو الأمر الذى يجب أن يكون لنا نحن نواب الشعب دور رئيسى فى التصدى له، ومنح العاملين فى كافة القطاعات سلطة اتخاذ القرارات فيما يخص طبيعة عملهم، ومحاسبتهم فى النهاية سواء بالإثابة أو بالعقاب، أما تبنى سياسة اللا فعل، فإنها تؤدى فى النهاية إلى ما نراه حاليا، من مشكلات وأزمات فى مبنى كان منذ سنوات قليلة، منارة الإعلام فى العالم العربى والشرق الأوسط.