أسامة شرشر يكتب: حدوتة الانتخابات الرئاسية
بعيداً عن الغوغائية والدجل السياسى ولعبة الشائعات وخلق أزمة بلا لازمة، ومحاولات تصدير مشاهد عبثية للداخل قبل الخارج.. هذه هى حدوتة الانتخابات الرئاسية، فالانتخابات تتم عبر إجراءات دستورية وقانونية معينة، لا يمكن المساس بها، ولكن بعض الهواة والمدعين الجدد يريدون أن يحولوا هذا المشهد السياسى إلى استهداف للدولة المصرية ومحاولة ضرب استقرارها من خلال تضليل الشعب المصرى وخلق مزاعم أن هناك انتهاكات للديمقراطية وحقوق الإنسان والحيوان.
بداية.. الدستور الذى يعتبر هو أبوالقوانين نص على أنه فى حالة عدم ترشح أكثر من مرشح لمنصب رئيس الجمهورية يكفى حضور نسبة 5% من إجمالى المقيدين فى الجداول الانتخابية الذين يبلغ تعدادهم قرابة 60 مليون مصرى، أى أن الانتخابات تكون سليمة إذا شارك 3 ملايين مواطن مقيدين فى جداول الانتخابات، بغض النظر عن وجود مرشح واحد أو أكثر من مرشح.
ولكن ما هى الأزمة؟ وما هى تداعياتها؟
الأزمة أن هناك حالة قصور عام تشمل الجميع ولا نستثنى أحداً، والموقف الحالى كشف عن هشاشة وضعف القوى السياسية المختلفة، خاصة الليبرالية، التى تتغنى بالحريات والممارسة الديمقراطية، فهذه الأحزاب والحركات والقوى السياسية جميعها تعلم موعد الانتخابات الرئاسية منذ فترة طويلة ولم تجهز أى كوادر أو شخصيات تحظى بقبول شعبى لتقديم مرشح فى الانتخابات، ثم تحرك الجميع كأنه فوجئ بموعد الانتخابات، وعرض بعضهم تقديم شخصيات تحوم حولها شبهات الفساد الوظيفى والمالى وعليها علامات استفهام حتى داخل بيوتهم قبل أحزابهم.
ونحن نتساءل: هل مطلوب من المرشح (عبدالفتاح السيسى) أن يبحث عن مرشح آخر ويقدمه لمنافسته؟ هذا يمثل نوعا من العقم السياسى وازدواجية انتخابية!.
ويمكن بسهولة أن نقيس ذلك بأمثلة واقعية، مثل الرئيس الروسى فلاديمير بوتين وكذلك أيقونة الثورة الإفريقية نيلسون مانديلا، كلاهما ترشح وحيدا فى الانتخابات دون منافس، وحظيا باصطفاف وطنى بسبب خطورة المرحلة التى تمر بها بلادهما، لأن شعبيهما أدركا أنه إما أن تبقى الدولة أو تتفكك وتصبح دولة مارقة تحكمها الفوضى.
ودعونا نتحدث بصراحة، كل الأسماء التى تم طرحها فى بورصة الانتخابات بداية من الفريق أحمد شفيق مروراً بالسادات وخالد على ووصولاً إلى الفريق سامى عنان وأى عنان آخر، لم يكن الهدف من ترشحهم هو المنافسة أو خلق حالة من التنافسية الانتخابية، لأنهم هم أول من يدرك أنهم لا يحظون بشعبية حقيقية فى الشارع المصرى، ولكن معظم هذه الترشيحات الاستعراضية هدفها التلويح بورقة الإخوان وهز صورة الدولة، بهدف إرسال رسائل سلبية عن الدولة فى الخارج، وتصفية حسابات شخصية مع الرئيس السيسى نفسه، ومع المؤسسة العسكرية الوطنية بصفة عامة، أو تحقيق مصالح شخصية وعائلية على حساب مصلحة الوطن والمواطن.
والحقيقة أن الأحزاب ذات التاريخ السياسى العريق مثل الوفد والتجمع، أو القوى السياسية الحديثة أعلنت دعمها وتأييدها للدولة المصرية وللرئيس عبدالفتاح السيسى الذى يحظى بقبول ربانى وظهير شعبى حقيقى، نسف كل القواعد المتعارف عليها فى الغرب لنجاح أى مرشح، التى تشترط على أى مرشح للنجاح فى اللعبة الديمقراطية أن يحظى بدعم حزب سياسى كبير، أو مجموعة من رجال الأعمال يمثلون جماعات المصالح، وهو ما يتم فى أعتى الدول الديمقراطية، وحتى أمريكا التى يتشدقون باسمها ليل نهار، هى أول من يمارس الديكتاتورية الانتخابية من خلال نظام انتخابى غريب، يتجاهل الرغبة الشعبية، وكلنا يذكر كيف أصبح بوش الابن رئيساً على حساب آل جور رغم حصول الأخير على التأييد الشعبى، بعد أن ظلت نتيجة الانتخابات معلقة لعدة أيام.
ولكننا دائما نعانى من عقدة الخواجة وعقدة جلد الذات وعقدة المدعين الجدد والهواة الذين يريدون القفز على المشهد مطمئنين إلى أن سقوطهم يعنى أن تتلقفهم المنظمات الأجنبية ووسائل الإعلام العالمية وتمويلات بلا حساب، للصراخ والعويل على الديمقراطية ومقتل الحرية وكأنهم يمارسون نوعاً من أنواع الدعارة السياسية، وأعينهم فى النهاية على هدم الوطن وتنفيذ المخططات التى يسعون جاهدين لتنفيذها من عام 2011، خاصة بعد أن فهم الشعب المصرى حقيقة ما يجرى، وطبيعة النخب السياسية الفاسدة التى تستغل وسائل التواصل الاجتماعى واجتماعات الغرف المغلقة لإثارة الفتن والشائعات، رغم أنهم يعلمون أن الدولة المصرية تواجه أخطر إرهاب فكرى وإعلامى، ناهيك عن الإرهاب الأسود بقيادة ميليشيات الإخوان.
فلماذا لم نسمع عويل هؤلاء مثلاً عندما قام أردوغان بتغيير الدستور التركى ليصبح هو حاكماً بأمره؟ ولماذا لم ينتفض الغرب بعد قيام أردوغان بغزو عفرين السورية؟ بل وصل به الفجور السياسى لتعيين محافظين للمناطق السورية المحتلة، وسط صمت المجتمع الدولى وخاصة أمريكا!.
ولماذا لم نسمع تعليقات المنظمات الحقوقية ولا جون ماكين على هذا الانقلاب الدستورى والقفز على الثوابت العلمانية فى بلد تحكمه الميليشيات الإخوانية؟!.
ولماذا لم يقلق المجتمع الدولى تجاه ما تقوم به إسرائيل فى حق القدس وغزة والأراضى المحتلة؟!.
أتوقع فى الفترة القادمة أن تنتشر دعوات للعصيان المدنى والمقاطعة، وهو الأمر الذى تحبه جداً المنظمات الأجنبية، التى سيلجأ «النشطاء» إليها باكين، فهى حائط المبكى الخاص بهم لكسب التمويل الأجنبى، لهدم الدولة المصرية وتشويه مؤسساتها.
ودعونا نعترف بأننا فى فترة استثنائية وفى بداية الطريق للحفاظ على الهوية المصرية، أمام غزو فكرى من كل الاتجاهات، وأخيراً أطالب الشعب المصرى بأن ينتبه، وأن يعلم أن أقوى رسالة يرسلها من المحافظات والمراكز والقرى والشوارع والحارات المصرية الأصيلة، هى أن يخرج أكثر من 30 مليون مصرى لدعم وتأييد بقاء الدولة المصرية، فهذا بالفعل أقوى رد على هؤلاء الساعين لخراب مصر، وشكر الله سعيكم.