أسامة شرشر يكتب: إلى عرفات الله
فى زمن الخطايا الإنسانية والأخطاء السياسية، تهفو النفس البشرية إلى قارب الإنقاذ الإلهى، الذى به ينجو الوطن من براثن العمالة وبيع الضمير مقابل حفنة من الدولارات التى يسقط فيها بعض الناس، وكأنه كُتب على هذا الوطن العظيم أن يُحَارب من بعض أولاده بأدوات وتمويل وتخطيط أجنبى يريد بمصر وأهلها كل شر وكل سوء، ولكنها بإذن الله محفوظة وفى رباط إلى يوم الدين.
ولأننا نعيش للأسف فى زمن أصبحت الخيانة فيه وجهة نظر، أصبح المدعون هم من يحتكرون منصات الحقيقة والإعلام، ويحاولون إعادة المشهد السياسى فى مصر إلى المربع رقم صفر وما قبل الثورة.. حتى أصبحنا نعيش فى زمن اللا معقول والعودة للوراء بواسطة مجموعة من الأفاقين والمنافين الذين يهددون بسيف المعز تارة، ويلوحون بذهبه تارةً أخرى لكل شريف ومحب للوطن.
لقد حذرنا ونبهنا إلى خطورة التسرع فى تصدير الأزمات إلى الشارع، لأن المواطن المصرى كاد يفقد صبره الذى يعادل صبر أيوب فى تحمل نيران الأسعار وغياب الحكومة وتصدر المنافقين المشهد والصورة السلبية التى يرسلونها للمواطن.
فلذلك فى هذه الأيام المباركة التى تُرفَع فيها الذنوب والخطايا إلى رب العباد، والحجاج على بعد ساعات من الوقوف بعرفات حيث يغفر الله الذنوب ما تقدم منها وما تأخر.. أتضرع –كنائب للشعب- أن يسامحنى الله، عز وجل، على أننى لم أستخدم أدواتى الرقابية والتشريعية فى محاسبة ومحاكمة الحكومة على خطاياها التى تقتل المواطنين أحياءً، وأتوسل إلى الله أن يغفر ذنوبى وذنوب المسلمين، وأن يكفِّر عن نواب الشعوب العربية والإسلامية، على صمتهم عما يجرى فى المسجد الأقصى من عدوان بواسطة الصهاينة أعداء البشرية والإنسانية، وأقول مع الشاعر (واليومَ قد جاء الكريم بذنبه ** يرجو من الرحمان عفوًا ظاهرا) وأقول أيضاً (عرفاتُ يا جبلَ الدعاء تحيةً ** من عاشقٍ لكَ فى هواه تَحَيَّرَا
قد جاء يدعو ربَّهُ فى ذِلَّةٍ ** والله يَقْبَلُ مَنْ يشاء وينصرا).
وأتضرع إلى الله أن يوحد شعوبنا فى مقاومة الصهاينة وعلى رأسهم ترامب، هذا الرجل الذى يحكم البلاد والعباد من خلال صفقات مالية وسياسية، دون اعتبار للثوابت والأعراف والقواعد القانونية والسياسية التى يجب أن تحكم علاقات الدول بعضها البعض وفق قواعد راسخة.
وأنا فى هذه اللحظات التى تهفو فيها النفس البشرية للقاء الحبيب المصطفى محمد بن عبدالله، رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذهاب إلى مكة المكرمة للوقوف بعرفات، أبلغت أحد أصدقائى أثناء ذهابه لقضاء فريضة الحج، أن يدعو الله لنا أن نسير فى الاتجاه الصحيح، وأن ننقى أنفسنا من الخطايا، لأن الخطيئة الكبرى، التى نعانى منها، هى استمرار هذه الحكومة التى تذبح المواطنين دون إدراكٍ منها لخطورة ذلك على الوطن والمواطن فى آجله وعاجله. فى الوقت الذى يستحق فيه الوطن والمواطن مراعاة الأعباء الضخمة التى يعانى منها والتى تزداد كل يوم سوءا.
وشكر الله سعيكم.. وحج مبرور وذنب مغفور.
المقال من عدد جريدة النهار الأربعاء 30-8-2017