الجدل يتجدد حول قانون المسؤولية الطبية
صحة النواب تكشف سر الخلاف مع الأطباء والنقابة تضع الروشتة الأمثل للخروج النهائي للقانون
عاد الجدل مجددًا حول مشروع قانون المسؤولية الطبية المقدم من الحكومة، بين نقابة الأطباء ولجنة الشؤون الصحية في مجلس النواب، في ظل استمرار النقاشات بشأن مواد القانون التي أثارت حالة من عدم الرضا بين الأطراف المعنية، وبينما تتباين الرؤى حول الغرامات والعقوبات الجنائية، تتفق الأطراف على ضرورة وجود صياغة متوازنة تضمن حقوق المرضى وتحمي الأطباء من التجريم غير المبرر.
نقيب الأطباء: نرفض العقوبة الجنائية ونطالب بالمسؤولية المدنية
وفي هاذ السياق، كشف الدكتور أسامة عبد الحي، نقيب الأطباء، عن ملامح ملاحظات النقابة على مشروع القانون، مشيرًا إلى أن النقابة تطالب بإلغاء العقوبة الجنائية في حالات الخطأ الطبي العادي واستبدالها بالمسؤولية المدنية.
وأوضح عبد الحي في تصريحات خاصة للنهار، أن هناك ضرورة للتفريق بين الخطأ الطبي الوارد حدوثه، الذي قد يقع في أي مكان بالعالم، وبين الإهمال الطبي الجسيم، الذي يجب أن تقتصر عليه العقوبات الجنائية.
وأوضح عبد الحي أن تعريف الإهمال الطبي الجسيم في مشروع القانون الحالي فضفاض، ما يثير مخاوف من التبعات الجنائية غير المبررة، مشددًا على ضرورة تقديم تعريف أكثر دقة يتضمن حالات محددة على سبيل الحصر، مثل العمل دون ترخيص، أو تقديم الرعاية الطبية تحت تأثير المخدرات أو المسكرات، أو إجراء تدخلات خارج تخصص الطبيب.
وأضاف: الغرامة الحالية الواردة في المشروع، والتي تضاعفت من 100 ألف جنيه إلى مليون، يجب أن تُقتصر على حالات الإهمال الطبي الجسيم فقط، متابعًا: الهدف من هذه الغرامة هو الردع العام، وليس التعويض للمريض، الذي يُفترض أن يتم عبر صندوق خاص للتعويضات.
وأشار عبد الحي إلى أن النقابة ستقدم مقترحاتها للبرلمان قبل انعقاد الجلسة العامة لمناقشة المشروع، معربة عن أملها في تحقيق صيغة نهائية تضمن التوازن بين حقوق المرضى وحماية الأطباء.
صحة النواب: القانون لن يخرج دون توافق
من جانبها، أكدت الدكتورة إيرين سعيد، عضو لجنة الشؤون الصحية بمجلس النواب، أن اللجنة تسعى لتحقيق التوافق مع نقابة الأطباء قبل إقرار القانون، موضحة أن النقابة لها تحفظات على بعض المواد، لكن البرلمان يبذل جهودًا للوصول إلى صيغة متوازنة.
وقالت سعيد في تصريحات خاصة لجريدة النهار: عقدنا العديد من الجلسات مع النقابة، واستطعنا حذف عقوبة الحبس للأطباء في حالات الخطأ الطبي العادي، واستبدالها بالغرامة. ومع ذلك، فإن النقابة ترى أن الغرامة عقوبة جنائية يجب أن تُطبق فقط في حالات الإهمال الطبي الجسيم."
وأشارت إلى أن الغرامة الحالية تهدف إلى الردع العام وحماية المجتمع، لكنها اتفقت مع النقابة على ضرورة تخفيف الحد الأقصى للغرامة، الذي يصل حاليًا إلى مليوني جنيه في حالة الخطأ الطبي الجسيم، مضيفة: القانون يضع تعريفات واضحة لمفهوم الخطأ الطبي الجسيم، الذي يتضمن مزاولة المهنة خارج التخصص أو في أماكن غير مرخصة، باستثناء حالات الطوارئ.
توازن صعب بين حماية المرضى والأطباء
وأوضحت سعيد أن القانون يهدف إلى تحقيق الردع العام وحماية حقوق المرضى، لكنها أشارت إلى أن بعض الأطباء يرون في العقوبات الجنائية تغولًا على حقوقهم، مضيفة: الأطباء يعتقدون أن التعويض يجب أن يكون كافيًا دون الحاجة لعقوبة جنائية، لكننا نرى أن القضاء يجب أن يحدد العقوبة في حالات الإهمال الجسيم.
روشتة الخروج النهائي للقانون
مع استمرار الجدل بين النقابة ولجنة الصحة، أكد نقيب الأطباء، أنه لتحقيق توافق نهائي، بشأن قانون المسؤولية الطبية، يجب مراعة تحديد دقيق للإهمال الطبي الجسيم: بحيث يشمل حالات واضحة مثل العمل دون ترخيص، أو تحت تأثير المسكرات، أو تجاوز القوانين الطبية، مع أهمية إلغاء العقوبة الجنائية في الأخطاء الطبية العادية: على أن يتم استبدالها بالمسؤولية المدنية وتعويض المرضى.
وطالب نقيب الأطباء بتخفيف الحد الأقصى للغرامة: لتجنب تأثيرها السلبي على الأطباء، مع الإبقاء على صندوق خاص لتعويض المرضى، مع أهمية إشراك النقابة في الصياغة النهائية: لضمان توافق القانون مع مصالح الأطباء والمرضى.
النقابة تعلّق أملها على البرلمان
أكد عبد الحي أن النقابة تأمل في أن يأخذ البرلمان بمقترحاتها خلال الجلسة العامة لمناقشة مشروع القانون، مشددًا على أن الهدف ليس تعطيل إقرار القانون، بل الوصول إلى صيغة تحقق التوازن بين جميع الأطراف.