أسامة شرشر يكتب: يا عرب.. هل يتم إيقاف نتنياهو؟!
تابعت بحزن شديد تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلى اليمينى المتطرف بنيامين نتنياهو، التى قال فيها بشماته: «قبل عام قلت إننا سنغير الشرق الأوسط، وها نحن نغيره بالفعل، فسوريا ليست سوريا نفسها، ولبنان ليس لبنان نفسه، وغزة ليست غزة نفسها، ورأس المحور إيران، ليست إيران نفسها».
والحقيقة أن المتأمل فى تصريحات نتنياهو يجد أن المؤامرة نجحت بالفعل، فلم يكن أكثر المتشائمين يتوقع سقوط سوريا بهذه الطريقة السريعة، لكن ما كشفه هذا السقوط من خبايا وأسرار يؤكد لنا أن اهتمام الحكومات العربية يجب أن يكون موجهًا لشعوبها أولًا، وإلا فإنها تكون فريسة سهلة فى يد أعدائها، وهو ما حدث فى سوريا نتيجة عدم احترام حقوق الإنسان وتقييد الحريات ووأد الصحافة.
وأخشى ما أخشاه أن يأتى الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب؛ ليمنح الضوء الأخضر لنتنياهو وحكومة اليمين المتطرف الإسرائيلى لابتلاع غزة والشعب الفلسطينى وما تبقى من الأراضى الفلسطينية، بعد سيطرة إسرائيل على غزة والعمل على بناء مستوطنات فيها برعاية أمريكية أوروبية، وبعد إبعاد حزب الله عن الجنوب اللبنانى وتدمير القدرات العسكرية للجيش السورى واحتلال كامل أراضى الجولان والمنطقة العازلة وقمة جبل الشيخ.
أعتقد أن ما حدث فى سوريا ومن قبلها لبنان وغزة سيمتد إلى دول إقليمية أخرى، فشهية نتنياهو وحكومته المجرمه أصبحت مفتوحة دون أى رادع عربى، خصوصًا مع الدعم الأمريكى الكامل لإسرائيل بالسلاح والمال بل وبالدبلوماسية أيضًا.
وأكرر أخشى ما أخشاه أن يمتد هذا النفوذ وهذه المؤامرة الصهيونية برعاية دول إقليمية إلى بغداد تحت شماعة ما يسمى بالحشد الشعبى العراقى وبذريعة إنهاء آخر معاقل وأذرع إيران فى المنطقة ثم تكون الخاتمة هى الحوثيون فى اليمن، ومن هنا تكون سيطرت إسرائيل على البحر الأحمر والبحر المتوسط.
والمتأمل فى خريطة المنطقة العربية يجد أن مصر أصبحت صامدة وحدها، أمام محاولات (أهل الشر) من منظمات مشبوهة وشائعات مغرضة وإعلام غربى مدفوع الأجر، يحاول تشويه صورة الدولة المصرية بأى طريقة مشروعة أو غير مشروعة، وهو ما يجب أن ننتبه له، بل نستبقه بخطوات بإعادة ترتيب البيت الداخلى، من خلال تقديم كفاءات إعلامية قادرة على إدارة المشهد الإعلامى بطريقة لا تستفز المواطن المصرى بتصريحات عجيبة، ومن خلال إصدار قانون حرية تداول المعلومات، ومن خلال مسئولين تنفيذيين يضعون نصب أعينهم المواطن أولًا بعيدًا عن الأرقام وتستيف الأوراق، ومن خلال عمل انتخابات برلمانية مقبلة تعبر عن الشعب المصرى، فنحن على أبواب انتخابات مجلس الشيوخ فى شهر أغسطس المقبل، وبعدها مجلس النواب فى أكتوبر، فيجب أن تكون الانتخابات من خلال قائمة نسبية، وليست مطلقة، وأن يعود المستقلون إلى المشهد السياسى، وأن تحظى الانتخابات برضا المواطنين واختيار من يريدون بدلًا مما تم فى الانتخابات السابقة من فرض بعض عناصر تعاملت مع انتخابات مجلس النواب ومجلس الشيوخ من خلال المال الحرام الذى ليس له مصدر موثوق فيه، ومن خلال ما يسمى بالتبرعات الحزبية، وهذه هى الطامة الكبرى التى جعلت المواطن يفقد الثقة، لكن نحن على أمل حتى الآن أن يحدث تغيير فى الانتخابات البرلمانية المقبلة من خلال إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية، وأن تجرى انتخابات من القوائم النسبية وليست المطلقة؛ لأنها فيها الفساد والدمار، وتجلب كراهية الشعب المصرى لهذا البرلمان، فالانتخابات ستكون طوق نجاة حقيقيًا للحكومة تعيد ثقة واحترام الشعب المصرى لها، وهذا يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على احترامها فى الخارج، بدلًا من اتهامات التزوير والمال المشبوه، ليجد المواطن من يحنو عليه قولًا وفعلًا ومن يعبر عن صوته تحت قبة البرلمان.
فالإصلاح السياسى والإعلامى وإطلاق الحريات وفتح الشبابيك والنوافذ، ستكون بداية تعيد تأكيد الانتماء الفعلى لدى الشعب المصرى وحكومته خاصة أن المنطقة مشتعلة والحدود ملتهبة وبعض الأنظمة تسقط نتيجة فشلها فى أكثر الملفات خطورة، وهى الحريات وحقوق الإنسان والإفراج عن مسجونى الرأى، وأعتقد أنه آن الأوان أن نفرج عن 24 صحفيًا ما زالوا محبوسين احتياطيًا ولا أعلم لماذا.. وتطوير التشريعات خاصة قانون الإجراءات الجنائية الذى يجرى إعداده حاليًا حتى لا تكون هناك عقوبات سالبة للحريات فى قضايا الرأى والنشر.
هذه هى المحطة الأولى الحقيقية التى يشعر فيها المواطن بأن له وجودًا، فرجال القوات المسلحة خير أجناد الأرض والشرطة المصرية بسطوا الأمان والاستقرار الحقيقى على ربوع الأرض المصرية، والمسئولية على الدولة المصرية أصبحت مضاعفة خصوصًا على الجيش المصرى العظيم، فالحدود مشتعلة وإسرائيل متعطشة وقضية سد النهضة شائكة، لكن كلنا ثقة فى قواتنا المسلحة، لكن ما أحوجنا الآن أن تنظر الحكومة بعين الرحمة للمواطنين حتى تكون المنظومة وحدة متكاملة ونفسد كل المؤامرات التى تحاك لهذه الدولة العظيمة فى هذا التوقيت المهم والحساس.
والحقيقة التى لا ينكرها إلا كاره لمصر وشعبها، أن الدولة المصرية تبذل جهودًا كبيرة فى المشروعات القومية الكبرى، لكن أعتقد أنه الأوان أن يلتقط المواطن المصرى -الذى صبر أكثر من أيوب نفسه- بعض أنفاسه، وأن توجه الحكومة جهودها للسيطرة على غول الأسعار الذى يأكل أى زيادة فى الرواتب، والذى أصبح بعبعًا للأسرة المصرى لا يجد منه مفرًا، ووقف جماح الدولار الذى أصبح المصريون يكرهون اسمه نتيجة ارتباطه بارتفاع الأسعار والبنزين.
فيا حكومة مصر.. استمعوا إلى أصوات الوطنية المستقلة التى ليس لها مطمع فى منصب أو جاه، لكن كل أملها أن تشعر بالأمان داخل وطنها وأسرتها، وهذا ليس بكثير والضرب بيد من حديد على الفساد السياسى والاقتصادى والإعلامى.
ارحموا هذا الشعب العظيم.. يرحمكم الله.