أسامة شرشر يكتب: محور بن غفير وسموتريتش يهدد نتنياهو
كما نبهنا وحذرنا بأنه لا يمكن أن تحاصر المشاعر الوطنية للشعوب، وما جرى فى معبر الكرامة الواصل بين الأردن والضفة الغربية، وقيام ماهر الجازى أحد أفراد الشعب الأردنى بعبور المعبر فى موقف تلقائى وذاتى وليس موجهًا، وقتل 3 عناصر إسرائيلية مكلفة بتأمين المعبر- يؤكد ذلك، ويكشف أيضًا أن صفقة الرهائن ووقف إطلاق النار أصبحت فى خبر كان.
وهذا يعطى مؤشرًا خطيرًا بأن الشعوب العربية المجاورة للحدود مع إسرائيل، خاصة فى الأردن ومصر، أصبح الانفجار الشعبى لديها هو سيد الموقف، وأعتقد أن هذه الحالة ستتكرر فى المرحلة القادمة، وهى نتاج الغضب الشعبى مما يجرى من إبادة إنسانية وجماعية بحق أهلنا فى غزة والضفة الغربية والقدس الشريف.
وكما قلت، فإنه يجب تدشين جائزة تسمى (جائزة بايدن للإبادة الجماعية) يتم منحها لنتنياهو الذى أصبح يتصرف بشكل نازى وفاشى، وكأن العالم ملك يديه يأمر فيُطاع، يبيد ويقتل فيصفقون له، وأؤكد أن القضية ليست محور صلاح الدين (فيلادلفيا) بالنسبة لنتنياهو، ولكن محور بن غفير وسموتريتش أهم بكثير لديه من معبر رفح أو محور فيلادلفيا، لأن بقاءه واستمرار الحكومة فى يد هذين المتطرفين الجديدين، فهما يعملان على تثبيت دعائم الدولة اليهودية بكل الطرق غير المشروعة، فى ظل- ليس الصمت الدولى فحسب-بل فى ظل الرضا والقبول والموافقة الدولية.
القضية باختصار أنه لن يكون هناك اتفاق أو هدنة أو أى شكل من أشكال وقف الحرب لأن العالم كله يعمل من أجل 120 رهينة إسرائيلية، بينما أكثر من 5.5 مليون فلسطينى فى غزة والضفة الغربية والقدس، نصيبهم الصمت، وهم رهينة فى يد نتنياهو، ولا أحد يتحدث عنهم وكأنهم ليسوا بشرًا، بل وصفهم أحد المتطرفين الإسرائيليين بأنهم مجموعة حيوانات يجب إبادتهم بالقنبلة النووية.
والأخطر عندما يقول كريم خان، المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، إنه يتعرض لضغوط من الدول الكبرى ومهدد بالقتل، إذا قام بتفعيل مذكرة الإيقاف بحق نتنياهو ووزير دفاعه جالانت، وكأن العالم أصبح مختزلًا فى شخص نتنياهو الذى يحرك البشرية وهو فى مكانه أمام حالة التراجع العربى والرِّدة ومحاولات التطبيع الجديدة.. وكل ما يفعله نتنياهو هو ضرب الحزب الديمقراطى وبايدن وكامالا هاريس فى الانتخابات فى نوفمبر القادم حتى يفوز الحزب الجمهورى، ويحقق الجائزة الكبرى، التى وعد بها ترامب، وهى أن ينفذ حلم الدولة اليهودية ويحذف غزة والضفة الغربية من الخريطة العالمية، والتعامل مع العالم كدولة دينية، فنتنياهو هو النازى المفضل لدى ترامب والحزب الجمهورى، وسيحقق ما لم يتوقعه أحد من استيلاء إسرائيل أو الدولة اليهودية على كثير من الأراضى والمدن العربية، وستكون البداية بالجنوب اللبنانى، للأسف الشديد. كل هذا تحت راية خريطة أبراهام الجديدة التى سينفذها جاريد كوشنر، زوج ابنة ترامب، ليُعاد رسم الخريطة العربية مرة أخرى.
انتبهوا؛ فالخطر الحقيقى من وصول ترامب للبيت الأبيض؛ لأنه سيحقق ما يحلم به المتطرفون الصهاينة، بل ما لا يحلمون به، وهذه ليست تنبؤات أو قراءات، ولكن الواقع يستدعى هذه الرؤية الترامبية الجديدة، فهو نفسه الذى استباح الكونجرس الأمريكى عندما هُزم فى الانتخابات الرئاسية السابقة، وهو على استعداد أن يتحالف مع الشيطان نفسه وتحقيق حلم نتنياهو وإسرائيل الكبرى فى سبيل العودة لعرش البيت الأبيض.
والسؤال الذى لم يجد إجابة له حتى الآن: ماذا نحن فاعلون كعرب؟!
فإذا تأملنا بهدوء سنجد أن الصراع العربى الإسرائيلى تحول إلى صراع عربى- عربى لصالح إسرائيل، وهذه هى الجريمة الكبرى، بينما مصر تدفع ثمن هذه التغيرات والمتغيرات الجيوسياسية العربية والإقليمية والإسلامية والدولية، وأقولها للمرة المليون: لا تتركوا مصر بجيشها وشعبها أمام المؤامرات الداخلية والخارجية، فى هذا التوقيت الهام والحساس يا عرب.
ولكنى أعتقد أنه لن يتم اتخاذ موقف عربى حقيقى لدعم مصر والأردن، فى المواجهة مع الكيان الإسرائيلى، لسبب بسيط أن الدول العربية أصبحت فى معزل عن بعضها البعض، وتتسابق فى تقديم الولاءات للفارس الجديد الذى يجلس على كرسى الحكم فى البيت الأبيض بعد انتخابات نوفمبر القادم، ولتذهب الشعوب إلى الجحيم ولتبق إسرائيل فوق الجميع.