أسامة شرشر يكتب: كامالا هاريس رئيسًا لأمريكا
لا شك أن الانقلاب الديمقراطى الناعم الذى حدث فى الحزب الديمقراطى فى الولايات المتحدة، وتنازل جو بايدن نتيجة الضغوط التى مورست عليه من أعضاء الحزب وكبار قادته، والتهديد بعزله من الحزب ومن الرئاسة- جعل بايدن يفكر فى مصلحة بلده وحزبه، وأحدث مفاجأة بترشيح ودعم كامالا هاريس؛ لتكون مرشحًا للحزب الديمقراطى قبل الانتخابات بـ120 يومًا فقط.
واستطاعت هاريس أن تحدث هزة للحزب الجمهورى وترامب خاصة، لا سيما أن فارق السن بين الاثنين يقارب 20 عامًا، وهى اللعبة التى كان يركز عليها الجمهوريون بأن بايدن الذى يبلغ 81 عامًا غير مؤهل لقيادة أمريكا لولاية رئاسية ثانية.
وأتوقع شخصيًا أن تكون كامالا هاريس أول سيدة رئيسة للولايات المتحدة الأمريكية إذا أحسنت هى وحزبها استخدام كل الفرص والمآخذ والمحاكمات والفساد الذى مارسه ترامب، الذى يحظى بشعبية طاغية داخل أمريكا، فى مفاجأة ستكون من العيار الثقيل خلال الصراع الانتخابى الأمريكى، فما جرى ويجرى وسيجرى فى المرحلة القادمة سيكون مفاجأة لترامب شخصيًا، خصوصًا أن هاريس تلعب بورقة غزة وأعلنت رفضها قتل المدنيين وإبادتهم، مما سيجعل الشباب الأمريكى يلتف حولها، وأعتقد أن إدارة بايدن بدأت فى دعم هذا التوجه لتعزيز فرص هاريس، من خلال التهديد الأخير من بايدن والإرادة الأمريكية للحكومة الاسرائيلية بأنها إذا استهدفت بيروت ستتجاوز خطًا أحمر أمريكيًا.
ولكن التساؤل: لماذا كامالا هاريس نائب الرئيس الديمقراطى؟! أعتقد أن هذا ظهر واضحًا فى التغير الذى حدث فى بعض الولايات الملونة والمتأرجحة (غير المستقرة على مرشح بعينه) خاصة ولايات بنسلفانيا وميتشجن وويسكنسن، والتى تمثل ميزان العملية الانتخابية التى كان ترامب متفوقًا فيها فى استطلاعات الرأى بنسب كبيرة جدًا، بفارق وصل إلى أكثر من 10% ولكن انقلب السحر على الساحر، واستطاعت كامالا هاريس خلال ساعات وأيام معدودة أن تحقق المعادلة الصعبة وغير المتوقعة من التعادل فى استطلاعات الرأى مع ترامب فى هذه الولايات المتأرجحة بل فاقته فى بعضها، خاصة أن كامالا هاريس لعبت على ورقة الشباب والمسلمين والمهاجرين بصفة خاصة، وذلك بعدم حضورها جلسة الكونجرس أثناء كلمة النتنياهو مع أكثر من 100 عضو من الديمقراطيين، وإعلان رأيها بضرورة سرعة وقف إطلاق النار فى غزة، ودعم الانسحاب الكامل من الأراضى الفلسطينية المحتلة، مما ساهم فى أن العرب والمسلمين والملونين سيدعمون هاريس دعمًا غير عادى.
كما أن إعلان أوباما دعمه لهاريس خلال الساعات الماضية وكذلك نانسى بيلوسى وكبار قادة الحزب الديمقراطى- ساهم فى زيادة حملة التبرعات لها لتصل إلى ما يزيد على 200 مليون دولار فى أسبوع واحد، وهو زمن قياسى؛ مما يجعل أسهم هاريس فى تزايد، وتحاصر ترامب فى بعض الولايات المؤيدة له، ولكن إذا أحسنت هاريس ترشيح نائب لها يغطى بعض الثغرات المأخوذة عليها خاصة قضية الحدود، وهى الورقة التى يلعب بها ترامب، وكذلك قضية تخفيض الضرائب وتقليل البطالة، وهو ما حدث فعلًا من خلال ما يتردد عن اختيار السيناتور مارك كيلى، وهو رائد فضاء وطيار مقاتل سابق، ولديه رؤية لقضية الحدود مع المكسيك، وكذلك تخفيض التضخم، ما سيجعل أصوات الشعب الأمريكى تؤول إلى هاريس، خصوصًا إذا أضفنا للمعادلة اللبنانيين الموجودين فى ميتشجن وهم نسبة كبيرة، والذين سيصوتون للحزب الديمقراطى، بعد دعوات النائبة ديبى دينجل بالسماح للبنانيين فى أمريكا بالبقاء بسبب تهديد الحرب، وهو ما حدث من خلال قرار أصدره جو بايدن، مما يعطى دلالة على أن هؤلاء اللبنانيين وهم نسبة كبيرة جدًّا سيدلون بأصواتهم لصالح الحزب الديمقراطى.
وأعتقد أن هاريس ستعمل على استغلال ورقة تعديل قانون تداول السلاح، وستستغل حادث استهداف ترامب لإحداث هذا التغيير، والذى سيكون من العوامل الهامة والحاسمة فى الانتخابات الأمريكية، خاصة أن تداول السلاح بين الشباب الأمريكى أصبح مثل تداول ساندويتشات ماكدونالدز والبرجر.
ولكن المثير للحزن هو أن بعض الحكام العرب يميلون إلى دعم ترامب بشكل غير مباشر فى الانتخابات القادمة، والذى إن نجح ستكون هذه هى الكارثة الكبرى، لأنه سيعمل على اتخاذ بعض القرارات الجيوسياسية الخطيرة، منها تصفية القضية الفلسطينية، والدعم اللامحدود للنتنياهو وحكومة اليمين المتطرف الصهيونى، بالإضافة إلى تأييد وجهة النظر النتنياهوية فى ضرب إيران وإشعال منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى الخروج من حلف الناتو، وهذا سيكون أم الكوارث ليس على المنطقة فحسب، ولكن على العالم بأسره.
فهل ستنتجح هاريس فى تحقيق الحلم الأمريكى للشباب والشعب الأمريكى والفوز بكرسى الرئاسة داخل البيت الأبيض؟ أم أن الناخب الأمريكى سيكون له رأى آخر؟!
120 يومًا فاصلة فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية والعالم، رغم عدم الاختلاف الجذرى بين الرئيسين؛ لأن ما يحكم أمريكا هو المؤسسات والكونجرس الأمريكى، ولكن وصول كامالا هاريس إلى مقعد الرئاسة سيجنب العالم ويلات الكوارث الترامبية.
أفيقوا يا عرب.. نحن خارج الحسابات الأمريكية، وليس لنا تأثير كلوبى عربى مثل اللوبى الصهيونى، الذى يحدد بوصلة الرئيس القادم.
وأخيرًا.. أكررها: إن (المتغطى بالأمريكان عريان).