أسامة شرشر يكتب: كرسى نتنياهو!
استفزتنى واستفزت الشعوب العربية والإسلامية صورة كرسى نتنياهو وهو يضع ساقًا فوق ساق فى منطقة رفح الفلسطينية، ويضع حذاءه فى وجه العرب والعالم، وكأنه يقول إنه سينفذ المشروع الصهيونى المخطط له، قبِل من قبِل، ورفض من رفض!.
ووصلت حالة الغرور والتعالى والتكبر، برئيس وزراء الكيان الصهيونى، إلى أن يتعامل على أساس أن مشروع إسرائيل الكبرى سيتحقق رغم أنف العرب والمسلمين والعالم، طالما يحظى برعاية اللوبى الصهيونى، وأن قرار محكمة العدل الدولية الصادر منذ أيام مجرد حبر على ورق، رغم أنه نص على أن تقوم إسرائيل بالخروج من الأراضى الفلسطينية المحتلة، ووقف بناء المستوطنات، ودفع تعويضات للفلسطينيين، وكان الرد على قرار محكمة العدل الدولية أن قامت الطائرات الإسرائيلية بضرب مواقع الحوثيين فى ميناء الحديدة فى اليمن، وسط اتهامات متبادلة بشأن الدول التى سمحت لطائرات نتنياهو بأن تعبر أجواءها وتحقق هذه الضربة لأول مرة.
وصدقونى إن نتنياهو منذ يوم 7 أكتوبر 2023 قال إن المواجهة القادمة مع إيران، وما يجرى من إطالة أمد الحرب هدفه جر المنطقة لحرب إقليمية، تبدأ مع إيران، وسيستمر ضاربًا بعرض الحائط، كل الاتفاقيات واللوائح، وخاصة كامب ديفيد ومحور فيلادلفيا (صلاح الدين)، الفاصل بين مصر والأراضى المحتلة.
والجريمة الكبرى التى تحدث وسط صمت العالم، هى المذابح اليومية بحق أهلنا فى غزة، بل طالت أهلنا فى صور وصيدا فى لبنان، ووصلت إلى اليمن وقبلها إلى العراق وسوريا.. وأنا أتساءل: لماذا هذا الصمت؟ وهذا الضعف العربى إلى متى؟ فالشعب الفلسطينى لأول مرة يقف وحيدًا عاريًا من أى دعم عربى أو إسلامى أو عالمى!.
فبعد قرار الكنيست الإسرائيلى الأسبوع الماضى، بأغلبية مطلقة، بعدم إقامة دولة فلسطين، وضرب مراكز الأونروا وكل الهيئات التابعة للأمم المتحدة، ماذا نحن فاعلون؟! هل نستمر فى المفاوضات التى تعتبر مخدرًا لمزيد من قتل أهلنا فى غزة وفى لبنان وفى كل مكان؟! أم أن القضية هى الاعتراف بأننا لن نستطيع كعرب أن نواجه إسرائيل؟! وها هم يجولون فى سماء بعض الدول العربية دون أن يوقفهم أحد.
إن كل حالات (جر رجل) مصر، التى تعتبر هى رأس الحربة وحدها فى مواجهة الكيان الصهيونى، هدفها أن يتم إطفاء أنوار القاهرة ومحافظات مصر، إذا حدثت مواجهة عسكرية مع الكيان الصهيونى، لأن بعض الدول العربية، التى قامت بالتطبيع أو فى طريقها للتطبيع مع الكيان الصهيونى على شرف الدم والشهداء من الأطفال والنساء والرجال والأراضى الفلسطينية، لا تعنيها مصر ومواجهتها، بل يريدون أن تتورط مصر فى حرب مع إسرائيل، ونحن لها جاهزون، لكن التكلفة الاقتصادية ستكون مدمرة لمصر ولشعبها.
وأنا أقول دائمًا، وهذه رؤيتى وفلسفتى وعقيدتى، إن المواجهة المصرية الإسرائيلية حتمية، فإسرائيل اخترقت اتفاقية كامب ديفيد واتفاقية المعابر والحدود بغض النظر عن الموقف العربى، ولا بد أن يعرف النتنياهو وحكومة اليمين المتطرف أن صبر مصر قد نفد، وأنها قادرة على إنهاء أحلامه، بشعبها وجيشها الذى يعرفونه جيدًا.
يا سادة، إن إسرائيل فى أضعف حالاتها والمسيّرة الحوثية اليمنية التى ضربت تل أبيب تعطى رسالة واضحة بأن إسرائيل هشة، فأكذوبة الجيش الذى لا يُقهر سقطت، ولكن أمريكا، الراعى والحاضن، تعلم تمامًا أن اختيار الرئيس الجديد فى نوفمبر القادم يكون من خلال الرضا الإسرائيلى واللوبى الصهيونى الذى يتحكم فى نتائج الاختيار فى الانتخابات الأمريكية، وأعتقد أن كل المؤشرات تشير إلى أن ترامب هو الرئيس القادم لحكم أمريكا لمدة 4 سنوات ومعه جى دى فانس المرشح نائبًا للرئيس وهو أكثر خطورة منه.
فلذلك فإن القضية الفلسطينية وما يجرى فى غزة تتجه إلى مصير أسوأ، فالمرحلة القادمة ليست متوقفة عند التهجير فقط، ولكن ستمتد لإزالة فلسطين وشعبها من الخريطة والأرض، وزرع الإسرائيليين فى غزة، وهكذا يكونون قد ضمنوا المرحلة الأولى من المشروع الإسرائيلى، والدور على الآخرين أيًا كانوا، فنحن أمام نكبة عربية خطيرة، بأيدى بعض حكامنا العرب، الذين يريدون أن يلغوا دور مصر فى المنطقة، ولهذا فإننى ما زلت مقتنعًا رغم الخلافات السياسية والأيديولوجية أن مثلث القوة الجديد إذا تشكل بين مصر وتركيا وإيران سيكون هو خط الردع الحقيقى للمشروع التوسعى الصهيونى، لأن العالم لا يعترف إلا بلغة القوة، فأوكرانيا تهم أوروبا وأمريكا أكثر من غزة ومليون غزة أخرى ولن يتحرك أحد من أجلها.
وأنا قلتها من قبل وأقولها وأكررها (المتغطى بالأمريكان عريان).
ولا نجاح فى مواجهة هذا المارد الشيطانى النتنياهو وحكومة اليمين المتطرف الإسرائيلى إلا باستخدام القوة.
إن كرسى نتنياهو أصبح حديث العالم، وأعتقد أنه خلال زيارته الحالية لأمريكا ورغم إلقاء كلمة فى الكونجرس الأمريكى ومقابلة بايدن على هامش الزيارة، فإن اللقاء الحقيقى سيكون مع ترامب ونائبه، لوضع تصور لمرحلة ما بعد تصفية غزة، وما هو الجديد على الخريطة الصهيونية القادمة التى يتم وضع بنودها حاليًا من خلال اللوبى الصهيونى.
هل سنعتمد فقط على الدور المصرى ومعه الدور القطرى فى محاولة وقف الحرب؟ أم سنقع فريسة ونمنح الفرصة لنتنياهو وعصابته لإطالة الوقت؟ فالنتنياهو يطيل الحرب ليس فقط لمنع محاكمته فقط كما يقال، بل لكى يقضى على القضية الفلسطينية نهائيًا، فاتفاقية كامب ديفيد أو أوسلو أو أى اتفاقية أخرى، لا تعنيه ولا يعترف بها، وهو يدرك أن قرارات محكمة العدل الدولية التى طُبقت خلال الأبرتايد (الفصل العنصرى) فى جنوب إفريقيا لن تطبق عليه، فإسرائيل فوق الجميع وفوق القانون وفوق محكمة العدل وفوق كل القوانين والمواثيق الدولية، ولا يمكن مواجهة إسرائيل إلا من خلال النضال واستخدام القوة، وغياب هذه القوة يمثل سبة فى جبين الدول العربية.
أفيقوا يا عرب قبل فوات الأوان.