النهار
الأحد 29 ديسمبر 2024 09:18 صـ 28 جمادى آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: محرقة رفح ومواجهة الحدود

أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار
أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار

لقد نبهنا مرارًا وتكرارًا أنه قد يحدث تجاوز وخطأ؛ قد يكون سببًا فى مواجهة بين الجيش المصرى وجيش الاحتلال الإسرائيلى.

وما تم عند منطقة الشريط الحدودى على خط فيلادلفيا (محور صلاح الدين) ينم ويؤكد على استفزاز الجانب الإسرائيلى للجنود المصريين من خلال ما يسمى كتيبة المتطرفين الإسرائيليين الذين يمثلون الصهيونية الدينية التى دأبت على استعراض القوة على الحدود لتستفز القوات المصرية.

وهم لا يدركون ولا يعلمون أن مصر كانت صاحبة السيادة أصلًا على قطاع غزة حتى عام 1967 وأن هناك اتفاقيات (أ- ب- ج) وملحق (د) تحدد حجم القوات على خط الحدود، بالإضافة لاتفاقية المعابر فى 2005.

فما جرى ويجرى هو نوع من تصدير الأزمة إلى مصر نفسها، وخاصة بعد الكثير من المقدمات والتشكيك فى الدور المصرى خلال الوساطة بين المقاومة الفلسطينية والجانب الإسرائيلى، وهو أمر ليس بجديد ولكنه مستمر على مدار سنوات طويلة، فالتشكيك من النتنياهو وبن غفير ووزير المالية سموتريتش الذى قال إنه لا يهم أن تسوء العلاقات مع مصر أو أن تحدث مواجهات مقابل السيطرة على غزة وتحقيق النصر.

فالتجاوز الإسرائيلى الصارخ فى حق البروتوكولات الأمنية مع الجانب المصرى ومحاولة التصعيد العسكرى مع مصر وراءه سبب خطير جدًّا هو أن تتخلى مصر عن دور الوساطة؛ لأنها وساطة نزيهة وبلا مصلحة إلا تحقيق الأمن القومى المصرى والحفاظ على القضية الفلسطينية حية، وهو ما يتسبب فى جنون اليمين المتطرف الذى يدعى أن الأنفاق والحدود المصرية كانت تهرب الأسلحة للمقاومة الفلسطينية وخاصة حماس، وأعلنوا على شاشة التلفزيون الإسرائيلى أنه لا بد من احتلال الشريط الحدودى مع مصر، وهذه هى الأسباب الحقيقية لما دار يوم الاثنين بين الجنود المصريين وقوات الاحتلال الإسرائيلى.

إن صبر مصر قد نفد، والجيش المصرى ومن ورائه الشعب المصرى تواق للمواجهة مع هذا الاحتلال الذى فعل فى غزة ما لم يفعله أحد من قبل من إبادة وقتل جماعى للإنسان الفلسطينى الذى أصبح بلا خدمات ولا مساعدات ولا طعام ولا وقود، فالمخطط الصهيونى هو استفزاز القوات المسلحة المصرية، ولكن غباءهم أنساهم أن الجيش المصرى يعتبر رقم 14 على مستوى العالم والأول فى الشرق الأوسط ورقم 4 من ناحية القوات البحرية على مستوى العالم، حسب التقارير الدولية.

وكان ذكاء القيادة السياسية سبّاقًا، بإعادة تسليح وتدريب القوات المسلحة خصوصًا فى سيناء؛ تحسبًا لهذا الموقف؛ فلم يتم شراء الغواصات الألمانية ولا طائرات الرافال الفرنسية ولا الطائرات العمودية بمليارات الدولارات من فراغ ولم يتم تدريب القوات تدريبًا عمليًّا شديد التعقيد بلا جدوى، ولكن تحسبًا لأى تهديد للأمن القومى المصرى، فما تم يوم الاثنين هو شرارة المواجهة التى قد تشتعل فى أى لحظة، وإذا اشتعلت سيكون الدمار الشامل الذى يلقن الاحتلال الإسرائيلى درسًا عسكريًا لن ينساه مدى الحياة، فالكيل قد طفح وازدواجية المعايير الدولية تدعو لنوع من أنواع القىء السياسى.

ولكن.. هل تحدث المواجهة بدون ظهير عربى وإسلامى؟!

وهل كُتب على مصر دائمًا أن تدفع فاتورة عدم تصفية القضية المركزية الفلسطينيه منذ 1948 وأن تقدم شهداء من القوات المسلحة الذين اختلطت دماؤهم مع التراب الفلسطينى؟!.

إن معركة رفح هى استمرار لهذا النهج الصهيونى الذى يحاول بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة أن ينقل الأزمة إلى مصر التى ترفض التنسيق مع إسرائيل لإدخال المساعدات من معبر رفح مع احتلال الجانب الإسرائيلى للاتجاه الآخر بدلًا من الفلسطينيين، وهذا ما أكدته الثوابت السياسية والأمنية للدولة المصرية، ولولا تدخل الرئيس بايدن واتصاله بالرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى لما تم إدخال المساعدات من خلال معبر كرم أبو سالم.

إن نتنياهو وفريق المتطرفين الإسرائيليين، اليمينى المتطرف، يحاولون استفزاز الجانب المصرى وهم لا يدركون أن لكل فعل رد فعل ولكن مصر تدرك قواعد الاشتباك مع قوات الاحتلال الإسرائيلى رغم أنه (للصبر حدود)، ولكن يقينى أن الدعم الشعبى خلف القوات المسلحة خير أجناد الارض، يجعل الجميع جاهزًا لتلقين الجيش الاحتلال درسًا لن ينساه كما فعلنا فى حرب 6 أكتوبر 1973، بل وما شاهدناه أيضًا فى 7 أكتوبر الماضى من المقاومة الفلسطينية.

فآن الأوان أن يعلم العالم والشيطان الأكبر أمريكا أن لمصر درعًا وسيفًا، أما الدرع فهى الشعب المصرى العظيم، وأما السيف فهو القوات المسلحة خير أجناد الأرض.

وعلى العالم العربى والإسلامى أن يعلن بلا أى مواءمات سياسية مع الغرب دعمه الكامل لمصر للحفاظ على أمنها القومى، وما حدث يوم الاثنين قد يكون بداية لأى تصعيد مستقبلى، فالأحداث والتطورات السريعة يمكن أن تشعل المنطقة وتجرها إلى صراع لا يعلم أحد مداه إلا الله.

أما الشعب المصرى فهو دائمًا وأبدًا يعلن دعمه للقوات المسلحة ورجالها المنتشرين على محور فيلادلفيا وعلى الحدود مع رفح الفلسطينية.

ولكن يبقى سؤال فى سؤال ولغز محير: لماذا الصمت العربى والإسلامى على دعم الموقف المصرى فى المواجهة السياسية والدبلوماسية والعسكرية والأمنية مع قوات الاحتلال الاسرائيلى؟!.

ستدفعون الثمن غاليًا إذا أصاب مصر مكروه، لا قدر الله.

وكفى كلامًا نريد أفعالًا لا أقوالًا.

وشكر الله سعيكم.