النهار
الأربعاء 27 نوفمبر 2024 10:45 مـ 26 جمادى أول 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر
مجلس جامعة مدينة السادات يعلن الفائزين بجوائز الجامعة لعام 2023/ 2024 بحوزتهم أسلحة ومخدرات.. مقتل 3 عناصر إجرامية خلال مداهمة أمنية كبرى في قنا بهدف إيشو.. الزمالك يتقدم على بلاك بولز بهدف نظيف بالشوط الأول مبابى وبيلينجهام يقودان تشكيل ريال مدريد ضد ليفربول محمد صلاح يتصدر تشكيل الريدز أمام ريال مدريد في دوري الأبطال المصري يفتتح مشواره في مجموعات الكونفدرالية بثنائية أمام إنيمبا بحضور محافظي السويس وبورسعيد محافظ الدقهلية يعتمد المخططات التفصيلية لعدد 14 قرية دار الإفتاء المصرية تشارك في قافلة دعوية إلى شمال سيناء مع الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف محافظ الجيزة يثمن جهود جامعة الأزهر التنموية ويشيد بدعمها الطبي للمبادرات الرئاسية ناصر ماهر وأحمد حمدي يدعمان الزمالك من مدرجات ستاد القاهر فرصة للشراء.. اقتصادى يكشف: انخفاضات في أسعار الذهب قريبًا مظاهرات قرب مقر إقامة نتنياهو بالقدس المحتلة للمطالبة بصفقة تبادل أسرى

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: الربيع الأمريكي.. غزة تشعل مشاعر طلبة الجامعات

أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار
أسامة شرشر- رئيس تحرير جريدة النهار

وبدأ الربيع الأمريكى فى جميع الولايات من خلال أكبر حركة تمرد طلابية فى الجامعات الأمريكية، بعدما استطاعت الإبادة الإنسانية التى تقوم بها إسرائيل بحق أهل غزة أن تحرك مشاعر الطلبة في كل الجامعات الأمريكية وأوروبا وأستراليا، وهو ما يذكرنا بما حدث فى الستينيات عندما انتفض الطلاب بأمريكا لوقف الحرب على فيتنام واستطاعوا أن يكونوا جزءًا من التأثير على القرار السياسى.

فهل يتكرر هذا الأمر مرة ثانية؟ خاصة أن حالات القمع والعنف ارتفعت وتيرتها إلى حد استدعاء شرطة الشغب الأمريكية، وهى المناظر التى شاهدها العالم كله فى بلد ما يسمى بالحريات، فبدت دولة قامعة وقاهرة لمجرد الفكر المعارض واستخدمت كل الأساليب غير المشروعة فى فض المظاهرات، ووصل الأمر إلى حد دهس رؤوس الطلاب والطالبات وأساتذة الجامعات بالأقدام فى مشهد يمثل وصمة عار على جبين البلد الذى يرفع شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان والحيوان ويوقّع عقوبات اقتصادية على الدول الأخرى بسببها، والتساؤل: من الذى سيوقّع عقوبات على متخذى القرار فى أمريكا؟!

هذا الكفاح الطلابى أصبح يمثل ظاهرة عالمية انتقلت إلى أستراليا وفرنسا، وستنتقل إلى باقى الدول.. فأين الجامعات العربية والإسلامية؟!.

وبدأ «الجيل الثانى» من الحركة الطلابية يدير معركة كرامة الإنسان فى غزة بالتحرك على الأرض على مستوى كل الجامعات ومن خلال الإعلام الشعبوى، ومن خلال استخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعى؛ مما هز بايدن والإدارة الأمريكية والمؤسسات الراسخة والبنتاجون، ووضعهم فى ورطة، وكان ذلك سببًا مباشرًا فى تعطيل قرار العدوان على رفح الفلسطينية، فالحركة الطلابية كشفت وفضحت خسارة إسرائيل للرأى العام العالمى بعد ارتفاع أسهمها قليلًا خلال مناوشتها مع إيران.

الأخطر أن المظاهرات وصلت إلى الجامعات الحكومية ولم تتوقف عند الجامعات الخاصة فقط، وكما يقال ويتردد إن حرية الرأى فى أمريكا أصبحت جريمة، وسقط قناع أنها حرية محمية بالدستور، فما كانت تردده منظمات حقوق الإنسان والحيوان الأمريكية على دول العالم الثالث، أعتقد أنه أصبح ضربًا من الخيال، بعد أن سقط القناع وانكشف المستور فى أكبر دولة كانت ترفع شعار الحريات، ويكفى ما صرح به أستاذ جامعى تم فصله وهو الدكتور دانى شون، أستاذ الدراسات اللاتينية فى جامعة كولومبيا، حيث قال إنه أصبح من غير المسموح انتقاد إسرائيل؛ فتم وضع اسمه على القائمة السوداء المعادية للسامية (كراهية اليهود)، وهى ورقة الضغط التى كانت إسرائيل وأمريكا تسيطر بها على العالم، والغريب أن ورقة الضغط الإسرائيلية هذه لا تصلح للعرب، لأنه يتم استغلالها استغلالًا سيئًا؛ فالعرب أصلًا ساميون (من نسل سام بن نوح).

وجاء انضمام الحركة الطلابية فى أمريكا لمنظمة (طلاب من أجل العدالة فى فلسطين) بعدما رأوا على الهواء مباشرة ما يحدث من مجازر وإبادة جماعية لأهل غزة لم يحدث مثلها من قبل، فانتفض الطلاب من كل الجنسيات وكل الأعراق وكل الأديان، بمن فيهم الطلاب اليهود لرفض الدعم الأمريكى المطلق لإسرائيل بالأسلحة والذخائر، وخصوصًا الدعم المالى الأخير بـ26 مليار دولار، وهذه هى الجريمة الكبرى، رغم أنه أمر ليس بجديد على أمريكا، الشيطان الأكبر، التى استخدمت الفيتو ضد عضوية فلسطين فى مجلس الأمن بدلًا من صفة مراقب، فهل هذه هى الدولة التى ستقوم بحل الدولتين؟!.

أعتقد وكما قلتها من قبل وأكررها (إن وعد بايدن كان أكثر تطرفًا وكراهية من وعد بلفور عام 1917) لأن بايدن أراد مسح غزة من على خريطة العالم بشعبها وكل مقومات الحياة فيها، وما يحدث من موافقة ضمنية أمريكية وضوء أخضر لغزو رفح التى تكتظ بأكثر من 1.5 مليون مواطن من أهل غزة، يجعل أمريكا شريكًا فاعلًا فى إبادة أهل غزة مع إسرائيل.

فحركة الطلاب والأساتذة من أجل العدالة فى فلسطين انتشرت كالنار فى الهشيم فى جامعات العالم، حتى خرج نتنياهو (إمام المتطرفين واليمين الإسرائيلى) ليؤكد أن ما يجرى فى الجامعات الأمريكية لأول مرة هو جرس إنذار، والدعوة لتعطيل الدراسة نقطة خطيرة ومفصلية قد تؤدى إلى شلل فى المؤسسات التعليمية الأمريكية، وهو ما يعكس حالة الرعب التى تعيشها الإدارتان الأمريكية والإسرائيلة من حركة الطلاب ضد إسرائيل وضد سياسة بلادهم.

والحقيقة أن ضغط الطلاب فى كل جامعات العالم مع مشاركة المجتمعات المدنية هناك، كان نتاج ما قامت به المقاومة الفلسطينية من أهل غزة، وليس حماس أو الجهاد فقط، وهو ما يغير المعادلة الآن فى قضية الصراع العربى الإسرائيلى.

وكما أكدت وقلت من قبل، فإن التغيرات التى تحدث فى العالم تحتاج إلى تشكيل جديد فى المنطقة، أعتقد أنه سيكون مثلث الرعب الجديد ممثلًا فى مصر وتركيا وإيران، ومعها السعودية رغم الفيتو الأمريكى، مما سيشكل محورًا جديدًا سيغير معادلة الصراع الصهيونى العربى فى المرحلة القادمة.

وأخيرًا يجب أن نشيد باستمرار دور مصر القوى، من خلال محاولات وقف اجتياح رفح الفلسطينية وخط فيلادلفيا (محور صلاح الدين) الذى يمتد بطول 14 كيلومترًا، وأعتقد أن إسرائيل إذا قامت باقتحام محور صلاح الدين فإنها تنتهك اتفاقية السلام مع مصر، وتشعل المنطقة إلى وضع لا يعلم مداه إلا الله، ولهذا نجد أن الوفد الأمنى المصرى يحاول بشتى الطرق وقف اجتياح رفح لحماية الأشقاء الفلسطينيين من تعرضهم لإبادة جماعية، وتهدئة الأوضاع فى المنطقة، لأن مصر هى البلد الأول الذى ضحى بشهدائه من خير أجناد الأرض على مدار 75 سنة لحماية القضية الفلسطينية من التصفية، ولا يمكن لأحد أن يقفز على الدور المصرى مهما كان، وأعتقد أن التقارب المصرى- التركى سيكون له انعكاس على ما يجرى فى غزة.

وأعتقد أيضًا أن كل المؤشرات تشير إلى احتمالية نجاح الدور المصرى فى وقف اقتحام رفح الفلسطينية؛ لأن إسرائيل تخشى القوات المسلحة المصرية خير أجناد الأرض، والشعب المصرى الذى أصبح (الفولت القومى) مشتعلًا لديه، وقد يحرق اليمين المتطرف الإسرائيلى عقابًا على ما يجرى لأهل غزة التى تعتبر عمقًا إستراتيجيًّا يهدد الأمن القومى الشعبى المصرى، وتعتبرها الدولة المصرية خطًّا أحمر.

وما زلت أؤكد– رغم أننى لم أزر إيران على الإطلاق- أننى مع عودة العلاقات المصرية الإيرانية، خصوصًا بعد لقاء الرئيسين المصرى والإيرانى على هامش القمه العربية الإسلامية فى الرياض، وهو ما بدأ بالفعل بالتواصل بين وزيرى خارجية البلدين، وستكون هذه صدمة كبرى لإسرائيل وأمريكا.

فإسرائيل لا تحترم إلا لغة القوة، وشاهدنا بأنفسنا بعد أكثر من 40 عامًا، حالة الرعب والفزع والنزول للملاجئ فى المدن الإسرائيلية وصفارات الإنذار فى كل مكان، بل سمعنا أن نتنياهو لجأ إلى فيلا محصنة ضد الهجوم النووى للاختباء من الصواريخ الإيرانية.. هذه هى اللغة الوحيدة التى تفهمها إسرائيل.

التعاون المصرى التركى الإيرانى سيغير معادلة الصراع، والعالم لا يحترم إلا لغة القوة، وخاصة إسرائيل، التى لا تعترف بالأمم المتحدة أو بمحكمة لاهاى أو بأى كيان دولى، وكأنها من كوكب آخر، أو نوع آخر فوق البشر، فإسرائيل هى أكبر (معادٍ للسامية).