النهار
الأحد 29 ديسمبر 2024 08:46 صـ 28 جمادى آخر 1446 هـ
جريدة النهار المصرية رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرأسامة شرشر

رئيس التحرير

أسامة شرشر يكتب: خلافات فلسطينية.. تقتل أبناء غزة

مفاوضات وحوارات وجولات مكوكية تقوم بها أجهزة المعلومات والمخابرات المصرية التي يعمل رجالها ليل نهار دون تعب أو نوم، لمحاولة الوصول إلى هدنة، بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة، وفك ونزع فتيل الأزمة بعد الوصول للرمق الأخير من مسلسل تجويع وقتل الفلسطينيين في غزة في مشهد لن يمحى من ذاكرة التاريخ أو العالم -إذا كان هناك عالم أو ضمير- وجريمة قيام الطائرات الإسرائيلية بضرب الفلسطينيين الذين تسارعوا للحصول على مواد إغاثية في مشهد لا إنساني ولا أخلاقي يجعلنا نتوقف أمام حالة الصمت العربي والإسلامي ولا أقول العالمي لأن العالم يعمل مع أمريكا لحماية إسرائيل.
فما يجري من محاولات إذلال وتجويع المواطنين في غزة هو مشهد لم يحدث في تاريخ الحياة الإنسانية من قبل وهو استغلال الماء والغذاء والدواء في إبادة الفلسطينيين، بالتزامن مع محاولات أجهزة الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية لافتعال أزمة بسبب مقتل 3 رهبان مصريين في جنوب إفريقيا، وهي محاولة للضغط على بلد نيلسون مانديلا الذى تجرأ وقاضى إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، وفي نفس الوقت خلق أزمة بين مصر وجنوب إفريقيا في هذا التوقيت الهام والحساس حتى لا يكون هناك تنسيق في محكمة العدل الدولية أو في المحافل الدولية وهذا في النهاية «شغل استخبارات قذر» ترتبط به إسرائيل برعاية أمريكية أوروبية.
إن الانقسامات الجارية داخل مجلس الحرب وفي الوسط الشعبي الإسرائيلى تجعل نتنياهو يحاول أن يتخذ قرار اجتياح رفح بأي صورة، لتصدير الأزمة إلى مصر، حتى ولو تنازلت إسرائيل وسمحت بوصول بعض المساعدات الإنسانية من خلال إنشاء ميناء أو رصيف بحري تحت رعاية إسرائيلية أمريكية لتوصيل مساعدات إلى شمال غزة.. ولكن السؤال إذا كانت إسرائيل ستسمح فعلا بمرور المساعدات.. فأين المعابر وخاصة معبر رفح؟!
نحن ننبه ونحذر من أن موضوع الميناء الأمريكى هو تمويه سياسى لتفريغ القضية الفلسطينية وتهجير أهل غزة إلى قبرص والبلاد الأوروبية وهذا الميناء –ترانزيستور- أو وسيلة نقل، لتحقيق المخطط الصهيوني بإغراء المليون ونصف مليون فلسطيني في غزة بإغراءات شديدة من إقامة وسكن وأموال ونقلهم لدول أخرى فهذا الميناء والرصيف هو ميناء تصفية القضية وتهجير أهل غزة بمباركة أمريكية أوروبية.
هل يعقل أنه بعد ستة شهور تقريبًا جاءت هذه الفكرة الجهنمية ورق قلب بايدن لأهل غزة، وأخذ يفكر ويفكر وكان الحل هو رصيف بحري تقوم القوات الأمريكية بإنشائه خلال 60 يومًا؟ أنا على يقين أن هذا الميناء سيكون بوابه خلفية لتهجير أهل غزة لدول أوروبا.
وإذا كانت إدارة بايدن لديها ضمير ومشاعر تتحرك فعلا، ألم يحرك مشاعر بايدن وإدارته المشهد الذي هز الإنسانية جمعاء وهو مقتل الأطفال والنساء والرجال الذين تجمعوا للحصول على المساعدات الإنسانية، واستهدافهم بواسطة الطائرات الإسرائيلية على مرأى ومسمع من العالم أجمع واستشهاد العشرات وإصابة الآلاف؟! ماذا تريدون وماذا تفعلون أكثر من ذلك؟! لن ألومكم ولكن ألوم نفسي وحالة الصمت العربي والإسلامي التي كشفت أننا أصبحنا تابعين وتحت الوصاية الأمريكية ولا نملك من أمرنا شيئًا هذه هي الحقيقة المرة.
والبعض يطالب مصر بأن تقف بمفردها أمام الطوفان الإسرائيلي على غزة ورفح، هل يريد بعض العرب -وهذه هي الحقيقة المسكوت عنها- إضعاف مصر ومحاوله الضغط الاقتصادي مع الضغط على الحدود في كل الجبهات حتى تنكسر مصر؟! أقول لهم من أعلى مئذنة في قاهرة المعز إن مصر لن تنكسر أمام مخططات بعض الدول العربية بإحراج القوات المسلحة المصرية خير أجناد الارض، لأنها قادرة على التصدي لكل المخططات التى نعلمها ولا نعلمها.
ودعونا نتواجه بالحقائق والمواقف، ماذا تريدون من مصر أكثر من ذلك؟ هل تقدم آلاف الشهداء من رجال القوات المسلحة وأبناء شعبها العظيم والبعض يدعم إسرائيل بطريقة غير مباشرة؟ هناك من الأسرار والحكاوى ما يندى له الجبين وسيندى له الجبين في المستقبل.
والمصيبة الكبرى ونحن أمام محاولة إبادة لأبناء غزة الصامدين الشرفاء الذين يدفعون دماء أطفالهم ونسائهم وشبابهم ولا يتركون الأرض، أن يحدث خلاف بين حركة فتح وحركة حماس، على تشكيل الحكومة وعدم التشاور بينهما والتطاول الإعلامي المتبادل، فما كنت أتوقع أو أتصور أنه ما زال هناك أناس مسئولون يفكرون في المناصب في ظل مذابح الشعب الفلسطيني؟ أي كراسي وأي حقائب وزارية يمكن الحديث عنها أمام دم هذا الشعب العظيم الطاهر؟! فما يحدث بين فتح وحماس «عيب»، وللأسف الشديد هو خلاف على حكومة بلا سلطة حقيقية وبلا حقائب وزارية فعالة، والكارثة أن الخلافات التي كانت قبل ذلك داخل الغرف المغلقة أصبحت الآن علانية وعلى الهواء مباشرة.
أنتم مع من وضد من بالضبط؟! أم أنكم تقفزون وتستبقون النتائج وهدنة الـ 42 يوما حتى تتفرغوا لأنفسكم بأنفسكم؟ وهل يتطور الأمر - لا قدر الله- ويتبادل الطرفان فتح وحماس القذائف؟!

هذه هي مصيبة العرب أنهم لا يتحدون ويعرّي بعضهم البعض ونسمع الاتهامات والشائعات المتبادلة، وهذا داخل الكيان الفلسطيني الواحد، فما بالك بالبيت العربي الأشمل؟! نفس العقلية والتفكير، فكل عاصمة تتصيد لكل عاصمة أخرى أي أخطاء وهناك الكثير والكثير من الأمثلة التى ليس هذا وقتها، فما بين المغرب والجزائر هو الظاهر، ولكن الباطن بين بعض الدول العربية وبعضها يندى له الجبين مثلما يحدث بين حركة فتح وحركة حماس وأكثر.
فمشكلة العرب أنهم لا يتوحدون ولكنهم يتكلمون ويوجهون الاتهامات لبعضهم ولا يستطيعون مواجهة العدو الإسرائيلي ولكل قاعدة استثناءات، ومصر هي الدولة الوحيدة التى حاربت وقدمت الشهداء طوال تاريخها دفاعا عن القضية الفلسطينية.

اتقوا الله جميعًا يا حكام العرب
يجعل الله لكم مخرجًا
إذا كنتم صادقين ومخلصين لصالح شعوبكم وأوطانكم .
وكما قلتها وأكررها دائمًا «المتغطي بالأمريكان عريان».
وعجبي.